الديوان

قصص وطرائف وحكايات واقعية مثيرة للدهشة والضحك والاستغراب

من داخل عربات الأجرة لمواقع التواصل

المجهر – محمد عبد الماجد
{ سيارات الأجرة بمختلف أنواعها التي ملأت الشوارع والطرقات مثلما تحمل بداخلها الركاب تحمل أيضاً القصص الاجتماعية الواقعية المؤثرة والطرائف والمقالب المضحكة، وعليه ومع مرور حركة سيارات الأجرة اليومية تمر معها الأحداث التي يسجلها (السائقون) المنتمون لشركات خدمة التوصيل التي انتشرت مؤخراً مثل ترحال وكريم وتاكسي وغيرها، يتناولها فيما بينهم من ألسنتهم تنتقل للناس عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي، وسرعان ما تنتشر في الشمارات الخاصة والونسات العامة، ويضاف إليها وينقص منها خاصة أن السودانيين مع الأزمات الاقتصادية الضاغطة صاروا يروحون عن أنفسهم عبر صناعة النكتة والطرفة، ثم أخيراً دخلت شمارات بكل ألوانها وأشكالها ومن بينها حكاوى وقصص يسردها الركاب وأخرى يحكيها سائقو سيارات الأجرة وفي المساحة نتناول بعضا منها ..
{ حليفة طلاق لسماع أغنية
{ كانت البداية بقصة طريفة على لسان الشاب “أحمد” يحكيها قائلاً: في آخر مشوار لي استأجرت ترحال كنت قاصداً مشواراً داخل العاصمة الخرطوم، والصُدفة أوقعتني مع صاحب سيارة جياد كان يقودها رجل خمسيني بائن من شكله العام أنه رجل محترم، وعندما ركبت معه وجدته مشغل أغنية للفنان “محمد الأمين” وبعد عرفته بوجهتي طوالي اندمجت معه اسمع في “أبو اللمين” واردد معه: (خمسة سنين ودرب الريد معاك أخضر) بصوت طربي عالي ودرب المشوار سالك الشوارع فاضية ودرب الأغاني مع “أبو اللمين” طال أغنية تلو الأخرى وفجأة سرحت مع الأغنية وتعمقت حتى الاندماج إلى أن شعرت بالترحال توقف عند المكان الذي أقصده، وعندما انتبهت وهممت بالنزول فإذا بسائق الترحال يحلف على طلاق بأن أتم الاستماع إلى الأغنية حتى النهاية.
شمارات بالرطانة والمفاجأة !!
{ من جانبها روت الموظفة “ناهد” خلال اليومين الماضيين طلبنا سيارة أجرة وحينها كنا واصلين أنا والوالدة وخالتي بيت مناسبة، وأول ما (اتوهطنا) داخل السيارة التي كان يقودها شاب، دخلت أمي وخالتي في ونسة وشمارات برطانة المحس، واخدن راحتن للآخر في الونسة، ورغم أنني لا أفهم كثيراً في الرطانة، ولكن كان واضحاً من طريقة حديثهن ينتهين من شمار ويدخلن في آخر إلى أن اقتربنا من مكان المناسبة، وعند النزول من السيارة تحدثت مع السائق بالعربي لكي يخبرنا بقيمة المشوار، فعندها فاجأنا بأن رد علينا بالرطانة، وعندها انفجرنا من الضحك وهذا يعني أنه (رخى أضانو) و(اصنت) للشمارات، وأنا الوحيدة الكنت مسطحة وبرة الشبكة.
أسئلة غريبة ومستفزة !!
{ ويحكي “هشام” سائق سيارة أجرة (اتوس) قصة غريبة وطريفة في آن واحد حدثت له مع أحد الركاب، مجرد أن ركب بجانبي في المقعد الأمامي بدأ يتمعن في العربية وثم بدأ يسأل فيني العربية دي اشتريتا ولا سايقها فقط ؟! رديت عليه اشتريتا قبل سنة تقريبا، وعندها باغتني بسؤال أكثر غرابة: المسجل ده كان شغال كويس مالو صوتو بقى متختخ كده ؟! والمرايا دي ليه ما صلحتها وغيرتها مرايتها المشقوقة دي مالك؟! وواصل في تلك الأسئلة الغريبة إلى أن قال لي بصوت غاضب العربية دي ما كان فيها (دخنة في المكنة) وعندها توقف ونظرت إليه باستغراب وقبل أن أقول له يازول حكايتك شنو؟ انزل ليك من العربية دي تعال سوقها، وهنا قال له “عبد الفتاح” ما تستغرب العربية كانت بتعاتي أنا وبعتها في دلالة أم درمان لواحد شاب من الدهابة قبل ما يقارب العامين والنصف، وعندما تأكدت تماما أنها عربيتي (الما بتغباني) ومازلت أتذكر تفصيلها عشان كده سألتك الأسئلة الكتيرة، وفي الآخر يا أخوي بعد العربية طلعت معرفة قديمة، ما ح أديك حق المشوار رأيك شنو؟ هنا السواق “هشام” أصبح متمحن ومتعجب لا عارف يضحك ولا عارف يبكي !! .
مشوار هرشة:
{ “سوزان” قالت: حظها التعيس أوقعها في موقف صعب جداً حينما أوقفت عربة أجرة كريسيدا صاحبها راجل شايب، اتفقت معاهو يوصلني الجامعة، ومجرد أن ركبت في المقعد الخلفي عاين لي بالمرايا، وقال لي أشغل ليك المكيف ولا تكتفي بالاستمتاع بالجو الطبيعي؟ خاصة الزجاج فاتح، قلت يا عمو لو أمكن شغل لي المكيف، لأنو الجو شوية سخن، ويا ريتني لو ما كلمت عمو قبل علىَّ ونهرني نهرة شديدة هسي في داعي للمكيف؟ جنكم مكيف حتى في البرد دايرين مكيف، عاملين فيها خواجات، ودي كانت أغرب هرشة أخدتها في حياتي، فضل (يجوط فيني) لمن خفته يضربني، وفضلت طول السكة ساكتة، كأنو صبت فيني مطرة، ولما وصلت براحة في صمت مديت ليهو قروشو، ولحقني بي آخر نهرة شباب آخر زمن وبنات مدلعات، قال مكيف قال.. الكيف اليصدع بيكم، انزلي واقفلي الباب كويس، عندها انسحبت براحة من العربية وقمت جارية حتى داخل الجامعة.
سواق في وضع صامت:
أما “سمية” قالت: هي وزميلتها “مروة” طلعوا بدري من الدوام بالشركة، وطلبنا بتاع عربة أجرة وجانا بسرعة شديدة، وكان شاباً وجيهاً وشيكاً ومهندماً طلبنا منو في الأول يوصلنا البنك نسحب قروش، وبعد داك يودينا مول الواحة، ومنها يودينا البيت، وفي الطريق حاولنا نلفت انتباه سائق الأجرة، وفضلنا نفتح في المواضيع، نهائي الولد ما رد علينا ولم يتفوه بأي كلمة ما اشتغل بينا خالص، ظللنا نرقي ونحكي اتكلمنا في السياسة ما نفع وفي الكورة كأننا ما بنتكلم شكرنا (عربيتو) الفارهة برضو مطنش، عندها صحبتي قالت لي: (ده شنو الزول البارد ده، بالتأكيد السواق ده يا في وضع صامت يا إحساسوا جامد، في النهاية وبعدما نزلنا وعندما اقتربنا منه لدفع قيمة الأجرة اكتشفنا أنه لابس سماعات وعندها (متنا من الضحك) وهو ظل مستغرباً لي ضحكنا وذهبنا لحالنا وتركناه محتاراً.

{ وحول الظاهر تحدث إلينا الباحث الاجتماعي الأستاذ “مختار عوض الله الجعلي” يرى في ظاهرة الحكايات المواقف التي تحدث داخل سيارات الأجرة ظاهرة قديمة وعندها كان سائق التاكسي معروفا للجميع واحتكاكه بكل أصناف البشر أهله للتمتع بالثقافة والمعرفة بالمدن والأحياء وقاطنيها وكان يؤتمن على الأسرار، ولكن الجديد الآن أن سيارات الأجرة انتشرت بصورة مكثفة حيث اتجه الكثير من السودانيين لتحويل سياراتهم الخاصة كمصدر رزق، مستخدمنها لنقل الركاب مقابل أجرة الخاصة، وهكذا مع كثرة سيارات الأجرة بالتأكيد سوف يكثر الحراك الاجتماعي، وتكثر الظواهر الاجتماعية السالبة والإيجابية ومثلما تقع المواقف الطريفة قد تقع مواقف محرجة وعلى المواطنين الانتباه للشخص وصاحب العربة الأجرة التي يركبونها وعن نقل المواقف والحكايا من داخل سيارات الأجرة مواقع التواصل الاجتماعي والونسات العامة والخاصة سببه الفراغ الذي يعيشه الكثيرون، بالإضافة إلى ضغوط الحياة جعلت الغالبية يبحثون عن الترويح عبر نقل وتداول القصص والحكايات والمواقف التي تحدث لهم ولغيرهم، وهناك من يتخصص في نقل الشمارات وهكذا.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية