رأي

حواجز بين الولاية والمركز

كمال علي

مِن أكبر العقبات التي واجهت ولاة الولايات في الفترة السابقة أن المركز يقدم الوالي ويدفع به إلى موقعه دون أي دعم أو سند، ويتركونه هو ومواهبه مثل الذي أُلقي به في اليم مكتوفاً وقيل له إياك أن تبتل.
كنّا ندفع بالوالي إلى أتون معركة تنمية دون أن نمهد له سبل تحقيقها ونتركه إزاء قدر يخصه وحده هو ومواطنيه فيجد نفسه مكبلاً بقيود الواردات وشح المنتج والتبرع والإتاوات والرسوم والضرائب وحتى تلك قد تذهب كلها للمركز، فيصاب الوالي بالدوار وفقدان القدرة على التركيز.
غالباً ما يضغط الوالي على المحليات حتى يصل إلى الربط اللازم لتسيير دفة الولاية، في وقت كان ينتظر فيه معتمد المحلية دعماً كافياً من حكومة الولاية، وهذا هو الهرم المقلوب، المحلية تعطي الولاية، وتلك تعطي المركز، وكل هذا والمواطن مطحون بين المطرقة والسندان.
لابد من تعديل هذا الحال والوضع المقلوب إذا كنّا نريد تنمية مستدامة وحُكم عادل يزن الأمور بالقسطاط ويسعى بكل الشفافية لبسط نظم حُكم يراعي حاجات واحتياجات المواطن، وتتيح له تنمية تلبي طموحاته وترفع عنه الرهق والوجع والمعالجة الغالية.
نعم هناك ولايات غنية وخيرها باسط لكن أيضا ترهقها تبعات الرسوم والإتاوات والضرائب الأمر الذي يترك أثره السالب على حراك الإنتاج الذي يحصن الولاية من الفقر والعوز،
مثلما أن هناك ولايات فقيرة تحتاج الدعم والتركيز على تنميتها والوقوف معها في درء كوارث وتداعيات غياب التنمية ومشكلات الفقر والبطالة، وهذه معضلة تحتاج إلى وقفة فاحصة ودراسة وافية تمكن تلك الولايات من تجاوز الصعاب والعوز.
أيضاً هناك ولايات حدودية لها خصوصيتها تحتاج إلى ملف خاص تشمله رعاية المركز نفسه لحساسية الموقع وخصوصيته مثلما أن هناك ولايات ترهقها النزاعات ويقض مضجعها الاحتراب والتمرد على السُلطة، وهذه أيضاً تحتاج الوقفة الخاصة والنظرة المتأملة الفاحصة حتى تخطو بلادنا نحو الحُكم الراشد المتمكن من مفاصل البلاد بكل الدراية والجدارة والتمكن.
نحن مقبلون على مرحلة بالغة الصعوبة والتعقيد تولدت من حراك سياسي واقتصادي مرهق وكثير التبعات وتحتاج هذه المرحلة أهمية استصحاب العلاقة التي يجب أن تكون بين المركز والولاية والمحلية، بغية الوصول إلى نظام سياسي واقتصادي يمكن البلاد من النهوض والعبور إلى بر الأمان. فبلادنا تستحق كل خيرات الدنيا ونعيمها.
نؤكد أن الولاة الجُدد محل ثقتنا واحترامنا وتقديرنا ونرجو لهم التوفيق باعتباره أول محطات العهد الجديد المشحون بالأمل والمعطون بالوطنية والإخلاص وتجاوز الإحن والمحن والخلافات والسمو فوق الجراح.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية