رأي

جدلية قانون الطوارئ

أمل أبو القاسم

ومنذ أن أعلن السيد رئيس الجمهورية حالة الطوارئ بالبلاد عشية جمعة الانقلاب على القوانين والسلطات وخلافه من الإجراءات التي خضعت للجرح والتعديل، من يومها والناس منقسمون ما بين مؤيد ومعارض لها، رغم أنها ارتكزت على أربعة محاور من جملة قانون الطوارئ الذي يأخذ في تشريعه مسار أي قانون آخر، لكنه معلق ولا يصبح نافذاً إلا بإجازته عبر مرسوم، وهو ما تعكف عليه الجهات المعنية الآن رغم العمل به فعلياً منذ أن قال به السيد الرئيس.
وفي الوقت الذي اتفق على العمل به وضرورته القصوى في هذه المرحلة التي استدعت فرض حالة الطوارئ من تظاهرات وتربص خارجي بالبلاد وغيره، ففي الوقت الذي أيدت فيه قيادات وفعاليات المجتمع المدني ببعض الولايات ومباركتها لقرارات السيد الرئيس بشأن إعلان حالة الطوارئ والسبل التي انتهجتها الدولة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية، إلى جانب تأكيد النقابة العامة للمحامين السودانيين التزام الأجهزة العدلية والنظامية بالمواثيق والعهود الدولية في تطبيق حالة الطوارئ التي اقتضتها الأزمات الاقتصادية والسياسية مؤخراً، وهو لعمري جسم غير هين وكان له رأي ووقفة صلبة في الاحتجاجات فإقراره بالقانون والإشادة به تعزز من معقوليته، سيما أن القانون يتماشى مع الدستور والقوانين المتفق عليها دولياً ولم تقيد الحريات العامة أو تحظر التجوال وأهل مكة أدرى بشعابها، لكن في الوقت نفسه لم يعجب الحال السواد الأعظم من فئات المجتمع المتمثلة في المعارضة، وهذا أمر طبيعي طالما أنه يتعارض مع أمانيها ويحول بين مراميها، كيف لا وفقرة كاملة ومتشعبة تمنع التظاهر الذي يستصحب ما يؤذي ويخل بسلامة الشارع العام، وفي ذات الكفة يقف برلمانيون على شجب القانون وأعني هنا النائب المستقل “أبو القاسم برطم”، ولا غرو في ذلك، إذ طالما كانت آراؤه عن الحكومة سالبة ويقف ضد قمعها للحد الذي أوشكت فيه الأخيرة لرفع الحصانة عنه على خلفية مداخلة له عبر قناة الجزيرة، الآن وبقانون الطوارئ نفسه وبموجب التفويض المخول للنائب العام يمكن رفعها إذا ما اقتضت ضرورة القانون ذلك، ولعل حجة “برطم” في رفضه للطوارئ هو أنها ركزت على محاكمة المحتجين، وهي في الأساس معنية بالاقتصاد، لكن وبحسب النائب العام الذي لم ينفِ ملاحظته التي فرضتها طبيعة الأحداث، لكنه استشهد بعدد من الضبطيات والمحاكمات التي أوقعت على عدد من المنتفعين والمخالفين بعدد من البلاغات المختلفة حيازة، وقود وعملة أجنبية ومعادن ذهب وخلافه، والتي حددت بسقوفات معينة تجاوزها يعد مخالفة. والمتفكر في العقوبات لكل فئة وبند، يجد أنها مخففة لا تتجاوز الأيام والشهور وحفنة الآلاف للمحتجين، بينما عقوبات مغلظة تقع على مخربي الاقتصاد والفاسدين تصل لعشر سنوات مع المصادرة لصالح الدولة.
لِمَ لا نعطي سريان القانون فرصة شهر أو اثنين ثم نعمل على تقييمه سلباً أو إيجاباً، لِمَ العجلة وإصدار الأحكام جزافاً.
(أكتب قبيل نتائج اجتماع البرلمان للإجازة).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية