شهادتي لله

أخي “الهندي”، اقرأ اتفاق الفلبينية ثم اكتب رأيك

الأخ الأستاذ “الهندي عز الدين”، بعد التحية والاحترام على عظيم إسهامك في القضايا الوطنية بجرأة وإقدام، أرجو أن تسمح لي أن أخالفك الرأي حول عمودك المقروء بعدد (الأحد) حول عقد الشركة الفلبينية في ميناء الحاويات ببورتسودان لأن كثيراً من فقرات عمودك جاءت مجافية للواقع ومفتقرة للموضوعية .
كنت أتمنى لو أنك ذكرت مبررات ومحاسن للاتفاقية قيد النظر بدلاً من القفز فوقها كأنها من المسلمات، ولأني لا أشك في نبل مقصدك ، وحرصك على تطوير الميناء ، وعلى سمعة السودان في الوفاء بعهوده والالتزام بمواثيقه لن ولم أنزعج من قسوة كلماتك واتهامك بتدخل الإدارة الأهلية في شأن فني، واتهامك للمنتقدين لاتفاق الشركة بأنهم متكلسون ومحدودو الأفق ، لا يثيرني كل ذلك ليقيني بأنك مغيب وغير مدرك لحقيقة التحفظات على الشركة الفلبينية، ولم تطلع على الاتفاق موضع الخلاف .
أخي الأستاذ “الهندي عز الدين”، لا أحد يرفض التطوير أو التحديث ولا أحد يتدخل في سياسات الدولة في الارتقاء بمرافقها الوطنية، ولا يجرؤ الوقوف أمام اتفاقات تحقق مصالح وطنية، وكلنا نتفق على حقيقة أن ميناء بورتسودان يعتبر واحداً من موانئ حوض البحر الأحمر المتخلفة ، لكن الحقيقة الأمر والأهم والأكثر أهمية هي لماذا ميناء بورتسودان متخلف؟، الإجابة لن تحتاج كبير اجتهاد، هي أن سياسة الدولة في توظيف إيرادات الميناء في أولويات أخرى ومركزة إيراداته في المالية الاتحادية وتقييد سلطاته هو السبب المباشر لا غيره في حرمان الميناء من التطور والمواكبة في سوق النقل البحري .
ورفض الناس للاتجاه الحكومي الأخير في إدارة الميناء عبر شراكات أجنبية وراءه أسباب موضوعية كان لك البحث والاستماع إليها أولها وأعظمها أن الشراكات الأجنبية لا تكون في موانئ وحيدة مثل ميناء الحاويات الوحيد في بورتسودان ، وإنما في دول لها أكثر من ميناء في ذات التخصص تسمح للاستثمار الأجنبي وبشروط قاسية وبرقابة مشددة . ثانياً ، الشركة الفلبينية (ICTSI ) شركة لها سمعة سيئة في كل الموانئ التي حازت بالامتياز في إدارتها بدءاً من خلافها مع حكومة فكتوريا حول تفاصيل التشغيل في ميناء ملبورن وفي ميناء مكاسار في اندونيسيا وفي ميناء ديربان بجنوب أفريقيا وفي مينائي لاوي وبوتيكا في غينيا الجديدة وفي مرفأ طرطوس في سوريا وكذلك في نيجيريا، بجانب تجربتها الحالية في توماسينا بمدغشقر وفي ميناء أم قصر في العراق، وقبل كل ذلك تجربتها الفاشلة في ميناء الحاويات ببورتسودان خلال الأعوام (2013 _ 2017) كان من أسوأ فترات تدني الإنتاج، هذا بالإضافة لاختلال بنود الاتفاق الموقع ثم لك أن تفهم يا صديقي الأستاذ “الهندي” أن الاتفاق مع الشركة الفلبينية لا يزال مفتوحاً وبه مسائل خلافية قيد النظر وأن التوقيع الأولي قام به إداريون في هيئة الموانئ ولا يعتبر حجة قانونية لأنه لم يعتمد بعد من مجلس الوزراء ولا من البرلمان، وهناك ثغرات وخلافات حول تمسك الشركة بمنحها حقاً حصرياً في مجال الحاويات لحين وصول إنتاجية المناولة بالميناء لمليون ومائتين وخمسين ألف حاوية ، أو لمدة لا تقل عن السبع سنوات ، وكذلك الخلاف قائم معها حول نسب الزيادة في تعرفة المناولة والتخزين وكذلك حول تفاصيل استيعاب العمالة.
أخي “الهندي”، أرجو أن تستبين الحقائق قبل أن تطلق العنان لقلمك السيال، فالسودان يحتاج لجميع جهود أبنائه فلا داعٍ للتخذيل والتخوين ومحاكمة نوايا بعضنا البعض، يقيني أنك لو اطلعت على الاتفاقية الفلبينية في ميناء بورتسودان ستسبقني عليها في المطالبة بنقضها وإلغائها.
تقبل شكري وتقديري على تناولك الهميم للقضايا الوطنية .

عبد القادر باكاش
بورتسودان

من الكاتب :
أشكر للأخ الصحفي المثابر ابن الشرق “باكاش” على تعقيبه المطول ، وأنا فرشتُ له المساحة بالأزاهير ليعبر عن وجهة نظره واحتجاجات بعض أهلنا الذين أُحبهم كثيراً في شرقنا الحبيب .
لكنني أطمئنه أنني اطلعتُ على الاتفاقية مع الشركة الفلبينية (ICTSI) ، المطبوعة على (88) ورقة ، حيث تضم (42) ورقة تعريفات ونصوص العقد ، بينما بقية الصفحات محشودة بالملاحق والجداول لآليات الميناء والرسوم المقترحة لمناولة الحاويات .
معلوماتي المؤكدة أن هيئة الموانئ البحرية لم تورد أكثر من (5) ملايين دولار للخزينة العامة في السنة .. أكرر في السنة ، حسب تقرير المراجع العام ، ولهذا فإن كتابات الأخوة الزملاء في صحافتنا عن حجم الإيرادات بعشرات الملايين من الدولارات معلومات غير صحيحة و(مُضللة) ، لسبب بسيط أنهم ينشرون (الإيرادات) ويسكتون عن (منصرفات التشغيل) التي تبلغ نحو (90%) من العائد ، بسبب بدائية الميناء وتخلفه وهو ما أكدته أنت أعلاه ، وألقيت فيه باللائمة على المركز .
الفقرة(11) من العقد تتحدث عن العاملين ، وإلزام الشركة بإعطاء الأولوية لعمال الموانئ البحرية في التوظيف ، وتؤكد على تدريبهم وتأهيلهم للارتقاء بالعمل ، وتؤمِن على الالتزام بقانون العمل المطبق ، وعدم استيعاب عمالة أجنبية إلا وفق ضوابط القانون .
الشركة وردت لحساب بنك السودان مبلغ (410) ملايين يورو ، كمقدم (ولولا هذا المبلغ الذي مثل نجدة لحكومة السودان خلال الشهرين الماضيين لتوقفت حياة الدولة تماماً بينما كان يتفرج على مأزقنا الأشقاء) ، هذا غير مبلغ (2.5) مليون يورو شهرياً ، علماً بأن الشركة لا علاقة لها بإيرادات رسو السفن التي تحصلها هيئة الموانئ ولا علاقة لها برسوم الجمارك . فمهمتها حصرية على مناولة وتفريغ ونقل الحاويات لمدة (7) سنوات ، ينتهي بها الحق الحصري في ما يتعلق بمناولة الحاويات ، ويحق بعدها لحكومة السودان أن تنشيء محطة ثانية تتنافس عليها هذا الشركة مع شركات أخرى راغبة . تعدد نشاط الشركة الفلبينية في تشغيل الموانئ التي ذكرتها آنفاً يؤكد قدرتها وإمكانياتها وخبراتها ، فالحكم بفشلها مع كل هذه التجارب الممتدة يكون حكماً متحاملاً وغير أمين .
أنا أعلم أن هناك من يعمل لصالح شركات أخرى (خليجية) قدمت في هذا العطاء ، مسؤولين وإعلاميين ، لكنني للأمانة لا أعرف من هو وكيل الشركة (الفلبينية) ، بل إنني كنت من أنصار منح العطاء للشركة (الفرنسية) لأسباب اقتصادية على المدى الطويل وأسباب سياسية . أما الحديث عن فساد في هذه الصفقة ، فهو مجرد هتاف يشبه هتافات (تسقط بس) !!
نحن نريد لبورتسودان النهضة ولمواطني الشرق الرفاهية ، وهذا يتحقق بحيوية الميناء ومضاعفة أعداد السفن التي ترسو عليه ، ما يساهم في دعم اقتصاد المدينة وما حولها ، لكن حالة الجمود الراهنة التي تضرب الميناء ستزيد أوضاع الشرق فقراً على فقره . تحياتي لأهلنا (البجا) أينما كانوا .. ولعروس البحر .. الحورية .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية