رأي

المخلفات الآدمية… أين الحقيقة؟

أمل أبوالقاسم

دفع إليّ أحدهم وهو ليس بالشخص الهين، دفع إليّ بخبر أورده كما وصلني نصاً وقد جاء فيه:
أعلنت شركة مياه أثينا أمس (الثلاثاء) أن السلطات في العاصمة اليونانية تبحث حالياً نقل آلاف الأطنان من المخلفات الآدمية المعالجة جزئياً إلى السودان الذي يبعد عن البلاد نحو(3000) كيلومتر، وذلك كحل مؤقت للمشكلة التي تعاني منها المدينة جراء تراكم هذه المخلفات.
ووصلت ناقلة تتسع لنحو(26) ألف طن من الرواسب والمخلفات بالفعل إلى جزيرة بسيتاليا اليونانية الصغيرة حيث تقع المحطة الوحيدة لمعالجة مياه الصرف الصحي الخاصة بالعاصمة أثينا.
وقال مسؤولو شركة مياه أثينا إنهم يبحثون في الوقت الراهن كيفية نقل المخلفات الآدمية المتراكمة في المحطة التي تصل إلى(170) ألف طن بشكل تدريجي من الجزيرة.
ومن المقرر أن يجري بعد ذلك نقل تلك المخلفات بحراً إلى السودان على بعد (2700) كيلومتر حيث سيتم تجفيفها ومعالجتها من خلال محطة تملكها الولايات المتحدة في هذه الدولة الأفريقية قبل أن تستخدم كسماد.
وبينما قالت الشركة إنها إذا مضت قدماً في إتباع هذا الخيار فإن ذلك سيتم حتى بناء وحدة تجفيف في بسيتاليا، ووصف خبراء بيئة يونانيون تلك الخطوة بأنها “غير أخلاقية”.
ونقلت صحيفة (كاثيميريني) اليومية عن “نيكوس خارالامبيديس” رئيس جماعة السلام الأخضر في اليونان قوله : (إن استخدام مخلفات الصرف الصحي كسماد في السودان بينما يحظر ذلك في اليونان يشكل مثالاً صارخاً على العنصرية البيئية). انتهى الخبر.
عندما قرأت الخبر انتظرت لعدد من الأيام عساها تسفر عن ما يميط اللثام عن مصداقيته لاسيما أنه مزيل بـ(المصدر الجزيرة) ولمَ لم يرد أدنى تفصيل أو شاردة عنه أخضعته للعم (قوقل) فوجدته منتشراً بكثافة لكنه يرجع لتاريخ قديم هو العام 2103م ولا أذكر وقتها أنه أثير (غايتو ما طقش أضاني) لكن على قول المثل (العود لو ما فيهو شق ما بقول طق) وأخشى ما أخشى فعلياً أن تكون هذه المخلفات وبعد تنقيحها من الروائح وتجفيفها وصلت إلى مثواها الأخير وقبرت (لا من شاف ولا من دري).
وفي حال كان الخبر محض اقتراح وقتها أو كذب من أساسه لمَ لم تلتفت الأقاويل والافتراضات لدول أخرى لمَ السودان تحديداً وهو معروف أن تربته وحوضه من أكثر الأراضي خصوبة على مستوى القارة الأفريقية؟ فضلاً عن أنه بلد إسلامي لا يسمح علماء دينه بدفن سماد آدمي على أراضيه، وفوق ذلك اتساع المسافة بينه وبين جزيرة بستاليا حيث محطة المعالجة وهي تبعد حوالي (2700)كلم؟ ترى ما مصدر الخبر الذي يستهدف السودان ويكرس للعنصرية البيئية فعلاً كما قال رئيس جماعة السلام الأخضر.
على كل فإن السودان به ما به من علات بيئية من صنع البشر، وفي الوقت الذي تجتهد دول عديدة في تخصيب أراضيها بشتى السبل والإمكانيات نعمل نحن على تلويث الأرض البكر التي حبانا بها الله وليس ببعيد تلكم النفايات المشعة المنبثقة من قيام سد مروي أو كما قيل بذلك إبان اللغط الذي أثير في العام 2016 وقامت فيه الدنيا ولم تقعد إلا ببث التطمينات من خلال عدد من التقارير بالخصوص. ثم قضية القطن المحور وراثياً، وبذور عباد الشمس الفاسدة وغيرها من الانتهاكات التي وقعت على التربة والبيئة ككل.
منذ مدة وبعض مناطق ومدن السودان ترزح تحت مرض السرطان والذي تمركزت الإصابة به في الولاية الشمالية دوناً عن بقية الولايات. ومن المؤكد أن ما يحيق بالبيئة وتلوثها كيميائياً وآخر سبب رئيس لكن حتى الآن ليس هنالك من يجزم بسبب هذه الزيادة في المرض التي أودت بحياة الكثيرين وقد أصبحت على رأس كل الإصابات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية