.. ليس أمراً سهلاً وعلى الإطلاق أن تمضي السياسة الخارجية السودانية على خطها الحالي والذي يحاول أن( يحتفظ بمسافة واحدة من الجميع ) وبالطبع فلهذه العبارة الأخيرة رواجها الداخلي الآن إلا أنها تأخذ شكلاً وبعداً آخر بإسقاطها على العلاقات الخارجية العربية لحكومة الخرطوم التي باتت الوحيدة في المنطقة الإقليمية التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية حية مع كافة الدول العربية دونما استثناء وهي ظاهرة بالطبع غريبة للغاية بحكم تجاذبات المنطقة السياسية بظلالها الاقتصادية و ارتباطاتها الدولية وبالرغم من أن هنالك من يثمن للسودان وقادته هذه الوضعية الوفاقية التي تبقي شكلاً ما من أشكال التوافق الجمعي للعرب بمثل ما تبقي أطراف حيادية يمكن أن تلعب دوراً هاماً في رأب الصدع العربي في يوم ما .. إلا أن هذا الحال قد أدخل الخرطوم في حالة من التنازع بين هذا المعسكر وذاك الذي يناوئه ويناصبه العداء وذلك الذي يتربص به وبمواقفه ليضربه ويشل حركته تماماً وهي الحالة التي القت بأثر مباشر على الداخل السياسي لهذا البلد وحبسته في دائرة الحيرة والاضطراب للحد الذي أثر حتى على أمنه واستقراره ولعل ما ساعد في ذلك حدة الصراع العربي – العربي الآن بين معسكر السعودية والإمارات من جهة والمعسكر القطري من الجهة الأخرى بحيث أصبح تفسير مواقف الآخرين من هذا لا يفهم إلا في إطار معنا أو ضدنا ولا طريق ثالث على الإطلاق وهو المنطق الذي وضع أخيراً علاقات الخرطوم مع الدوحة على صفيح ساخن بل ومشتعل امتد لهبه حتى وصل دسك قناة الجزيرة؛ الذراع الأطول لهذا البلد ومما هو واضح ومتعارف عليه فإن وصول الأمر لهذا الخط الذي تدخل فيه هذه القناة الميدان وتبدأ اللعب يعني بلوغ الأمر مبلغه على دسك الديوان الأميري فهل هذا يعني بأن الدوحة قد أطلقت من يدها حبل القارب السوداني وتركته يائسة ليبحر نحو مراسي الآخرين الذين يناصبونها الآن العداء بل ويتربصون بها ..؟؟ .. وفي المقابل هل بدأت الخرطوم تراجع قناعاتها) تجاه الموقف الواحد من الجميع ( على نحو يضطرها هي الأخرى لتحزم كامل أمتعتها وتمضي بعيداً عن الدوحة ..؟؟ ..وبالطبع فلن يفلح أحد في الإجابة عن هذين السؤالين دون أن ينتظر برهة من الزمن فإما أن يحدث ذلك بالفعل ويمضي كلّ بقناعاته لقدره وإما أن يتراجع الطرفان عن حائط العداء والمواجهة ويلقيان ) برضا الخرطوم و باعتذار الدوحة ( بكامل المسئولية على قناة الجزيرة وطاقمها الإخباري .. حينها ستعود الخرطوم لموقعها ( بمسافة واحدة من الجميع ) كما تعود الدوحة ومع بعض حلفائها لتقلق أعداءها بتحركها على تخوم البحر الأحمر وساحله الذي بات أخيراً ساحة لمعركة إقليمية دائرة بالفعل وأخرى دولية قادمة لا محالة ..
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
اللهم أحفظ السودان .. !!
2021-06-12
شاهد أيضاً
إغلاق
-
اللهم أحفظ السودان .. !!2021-06-12