الخرطوم ـ سيف جامع
طالَبَ الحزب الاتحادي الديمقراطي بحل الهيئة التشريعية القومية وحَلّ الاتّحادات والنقابات ومُراجعة قوانينها ولوائحها وتأتي مطالبات الحزب متّسقة مع الوضع الذي تمرّ به البلاد خاصة بعد أن قرر الرئيس “البشير” تفويض صلاحياته كرئيس لحزب المؤتمر الوطني إلى نائبه “أحمد هارون” ؛ الأمر الذي يفسر بفك الارتباط بين السلطة التنفيذية ومنظومة الحزب الحاكم ، وإخراجها من مفاصل الدولة، بعد أن صرّح الرئيس أنه سيقف في مسافة واحدة مع الجميع، وتضمنت المبادرة التي قدمها الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة د. “أحمد بلال عثمان” حل الصناديق والمَجالس التّخصُّصية والمُفوضيات، وإعادة هيكلتها وتكوينها على أُسسٍ قَوميةٍ، بِمَا يستوعب المَرحلة المُقبلة والإصلاحات الضرورية كما نادت المبادرة بحل لجان الزكاة واللجان المُجتمعيّة والشّعبيّة بالأحياء وتكوينها على أساسٍ ديمقراطي، وكشف “بلال” عن قراراتٍ مُرتقبة للرئيس “البشير” ستزيل كثيراً من الاحتقان وتُصبّ في الإصلاح، واعتبر أنّ تَسليم البشير مهامه الحزبيّة لنائبه “أحمد هارون” دليل صدق على أنّه رئيسٌ للجميع، ورأى أنّ الوضع الجديد عَقب خطاب الرئيس “البشير” يحتاج لصوت عقل.
لم يكن أمام الحكومة خيار سوى هيكلة اقتصاد الدولة وإعادة النظر في مؤسساتها المترهلة وغير المنتجة، بجانب الاتجاه إلى تشكيل حكومة كفاءات لتنفيذ الهيكلة، في خطابه الأخير بالقصر الجمهوري أعلن الرئيس “البشير” عن تشكيل حكومة كفاءات وبحث مع رئيس مجلس الوزراء محمد طاهر أيلا، سبل التوصّل إلى صيغة لتشكيل حكومة ”كفاءات“ قادرة على معالجة القضايا المحلية، وتلبية آمال المواطنين.
ويرى خبراء أن الدولة في حاجة ماسة لهيكلة مؤسساتها لخفض الصرف والإنفاق من الخزينة العامة خاصة في ظل المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد ، وقال المحلل السياسي بروفيسور “صلاح الدومة” أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية إن (250) مؤسسة تابعة للدولة ولا تقوم بواجابتها بكفاءة وتنفق عليها الدولة إنفاقاً غير مقبولاً، ويأتي حديث “الدومة” في وقت يتوقع فيه أن تتجه الدولة إلى إغلاق عدد من المؤسسات والهيئات التي لا تتمع بموارد ذاتية ويتم الصرف عليها من الخزينة العامة من بينها منظمات وهيئات واتحادات مرتبطة بحزب المؤتمر الوطني الذي أعلن “البشير” تخليه عن مهام منصبه وتفويض مولانا “أحمد هارون” رئيساً للحزب، وقال “الدومة” إنه لابد من عنوان كبير لمعالجة قضايا الدولة في الإصلاح الإداري؛ مشيراً إلى أن مؤسسات الدولة ما زالت في ترهلها وبها صرف كبير ولا تعمل بتنسيق مع بعضها.
واعتبر “الدومة” السودان دولة ناقصة الأركان لعدم رضى المواطن عن الحكومة؛ مشيراً إلى أن الحكومة امتلكت الوقت والإمكانيات إلا أنها لم تدرها بالطريقة المثلى مما أوصلها للوضع الراهن. وأضاف “لم تطبق الفيدرالية في وقت وصف فيه رئيس الوزراء “محمد طاهر أيلا” المواطن السوداني بالعشوائي وغير المهيكل، لذلك لا يوجد ازدهار ونمو وإن كان ذلك حقيقياً فهو نمو وازدهار زائف.
ويبدو أن حديث الرئيس “البشير” بأنه سيقف على مسافة واحدة من الجميع سيضعه أمام تحدٍّ كبير لا سيما وأن حزب المؤتمر الوطني ظل طوال السنوات الماضية ممسكاً بتفاصيل الدولة وطالب برفيسور “الدومة” رئيس الجمهورية بالابتعاد عن المؤتمر الوطني وضربه بيد من حديد عليه أن يندمج أكثر مع العسكريين. وأضاف “لا أشجع على ضرب المتظاهرين وعلى الحكومة من تركهم يتظاهرون ويعبرون عن رأيهم في الساحات، وعليها إيقاف الفساد الإداري والمالي عندها ستتحول الساحات من الهاتفين ضدك إلى المدافعين عنك.
ويشير الباحث والمحلل الاقتصادي دكتور “هيثم محمد فتحي” إلى أن هيكلة الدولة يجب أن تقوم على مبدأ الشفافية والمحاسبة، وحسن الإدارة، وإعادة النظر في تشريعات الجهاز الإداري وطرح رؤية للهيكلة متوازنة تكفل مشاركة أصحاب القطاع أنفسهم. مع الاستعانة ببيوت الخبرة والتجارب الدولية، فضلاً عن تحرير الإدارة الحكومية من الضغوط والقيود التي تحد من حركتها وفعاليتها ، ودعا “هيثم” إلى إعادة الهيكلة وفقاً لخصوصية كل مؤسسة حكومية، منوهاً أن هناك حالات قد تحتاج إلى أجهزة موازية وأخرى تحتاج لدمج وحالات تحتاج إلى إصلاح المؤسسة القائمة بالفعل. وكل قطاع يتم تقييمه ودراسته جيداً لوضع رؤية خاصة به تناسبه لإعادة هيكلته؛لأن كل قطاع له ظروفه وواقعه.
وذهب “هيثم” إلى أن أسباب انهيار أي نظام اقتصادي ضعف أداء الجهاز الإداري والمؤسسات الاقتصادية المملوكة للدولة. ودعا دكتور “هيثم محمد فتحي” إلى إلغاء منصب المعتمد لتقليل الإنفاق الحكومي ولتطوير الأداء والعمل بكفاءة وفاعلية وتقسيم المهام والاختصاصات الفرعية على الضباط الإداريين، كما دعا إلى إلغاء الوزارات الولائية وإنشاء مديريات عامة مثل المديرية العامة للصحة بالولاية وربط مهامها مع الوزارات الاتحادية وأن يديرها أصحاب الخبرات الذين تدرجوا في وزاراتهم كلّ حسب خبرته.