تقارير

الوطني بالقضارف هل يتجاوز تحديات المرحلة القادمة؟

بعد القرارات الأخيرة

القضارف : سليمان مختار

عمليات البناء القاعدي لحزب المؤتمر الوطني، شهدت تراجعاً وعزوفاً من قواعد الحزب خاصة في المناطق الحضرية..
وبات اكتمال نصابها، يهدد الحزب الكبير الذي يصف بالعملاق وصاحب الثقل والوزن التأثير العميق في الشارع السياسي، والحظوة الواسعة لقياداته ذات التأثير والوجود وسط القواعد في المكونات الشعبية والعرقية بمدن وضواحي الولاية، بات مثقلاً بالتحديات، وفي مأزق سياسي حقيقي وتأريخي، حيال الأوضاع السياسية والاقتصادية، والتطورات المتسارعة والمتلاحقة في الساحة، آخرها قرارات رئيس الجمهورية، التي أعلن فيها وقوفه بين كافة القوى السياسية بالبلاد على مسافة.
فضلاً عن تعيين ولاة لإدارة الولايات من العسكريين، وبالتالي فك الارتباط بين الحزب والحكومة، فمنذ تطبيق اللامركزية ظل والي الولاية، يجمع بين رئاسة السُلطة التنفيذية ورئاسة الحزب، الولاية منذ موجة الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها، ألقت بظلالها السالبة على مجمل عمليات البناء القاعدي التي يعقدها المؤتمر الوطني، أفضت إلى خفض مقبولية الحزب في الشارع بالولاية، خاصة أن ذلك صادف خوض معركته الداخلية على الصعيد التنظيمي، في ظروف وأجواء بالغة التعقيد، إذ لا تزال تداعيات موجة الغضب الشعبي والاحتجاجات الأخيرة ماثلة، وخلقت واقعاً سياسياً أربك حسابات الحزب التنظيمية والسياسية، الأمر الذي يتطلب من الحزب التعامل معها بجدية بالبحث عن طرق ووسائل جديدة، فضلاً عن ضرورة تعاطي الحزب مع قرارات الرئيس وإعادة صياغة هياكل الحزب وإجراء مراجعات واسعة في أوضاع الحزب التنظيمية لمقابلة مرحلة جديدة يتشكل فيها المشهد السياسي بالبلاد بمستجدات ومعطيات جديدة وبرزت هنا عدد من الاستفهامات، إلى أي مدى يمكن للمؤتمر الوطني بالولاية مواجهة الواقع الجديد وتجاوز وضع الطوارئ، والواقع المثخن الذي يمر به الحزب بالولاية.
يرى مراقبون للشأن السياسي بالولاية أن أغلبية الوطني بالولاية ونفوذه وزنه وثقله في الخارطة السياسية أصبحت على المحك وآخذة في التراجع، لجهة أن الكلفة السياسية لتلك الأحداث باهظة الثمن خلال المرحلة المقبلة، وأن ثمة متغيرات طرأت على الساحة وأحدثت ندوبا على جسد الحزب فضلا عن تآكل شعبيته في الشارع السياسي، وأضاف المراقبون أن انعكاسات الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها الولاية إلى جانب قرارات رئيس الجمهورية، سوف يكون لها عواقب على تراجع ضعضعت شعبيته وتسهم في إضعاف قناعات وولاءات قواعد الحزب والمتعاطفين معه بالتالي سوف تربك مسارات الحراك السياسي والتنظيمي داخل الحزب علاوة عن تأثيراتها على عمليات البناء القاعدي التي شارفت على نهايتها بانعقاد مؤتمرات المحليات التي افتقد الحزب فيها الزخم الشعبي والدعائي وعقدت في أوضاع استثنائية، فضلاً عن عدم وجود خطاب سياسي مقنع يقدمه الحزب للقواعد خلال تلك المؤتمرات، بشأن العديد من القضايا الماثلة، التي تتمثل في قضية تحسين معاش الناس وتقديم الخدمات التنموية للمواطنين بالولاية في ظل فشل حكومة الولاية الحالية، في إيجاد حلول مالية لإنجاز كثير من المشاريع التنموية في المجالات المختلفة، وفشل وعجز الحزب بالولاية في إدارة الأزمة السياسية الحالية التي تفجرت جراء تداعيات الاحتجاجات، وقال المحلل السياسي بالولاية “محمد خالد أكد” في حديثه لـ(المجهر) إن نفوذ وثقل المؤتمر الوطني بالقضارف، تعرض لهزات عنيفة بفعل تلك الاحتجاجات التي سوف يكون لها تأثيرات عميق في قواعده وأنصاره وأن طبيعة العلاقة بين الأحزاب وجماهيرها باتت تقاس بما يقدمه الحزب من برامج وخدمات تنموية في ظل نمو الوعي الجمعي للمواطنين، والذي ظل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتلك الخدمات خاصة فيما يتعلق بالحد الأدنى للمعيشة، بتوفير الخدمات في مجالات الصحة والتعليم وتوفير الاحتياجات الحياتية الضرورية، قائلا إن هذه المؤتمرات لم تخاطب تلك القضايا وكل ذلك لم يحدث خلال الفترة الحالية من الأجهزة السياسية والتنفيذية لذلك تجعل تلك الفرضيات شعبية الحزب في تراجع كبير على ضوء المؤشرات الموجودة في الساحة خاصة تأثيرات الاحتجاجات وحالة الاحتقان الشعبي في ولاية شهدت أعنف الاحتجاجات فضلاً عن مردود قرارات رئيس الجمهورية، على الحزب بفك ارتباط والي الولاية والمعتمدين مع الحزب، التي قال إنها سوف تحدث تأثيرا كبيرا باعتبار أن الوالي كان يمثل الرمزية للحزب ودعم نفوذ الحزب في تنفيذ الخطط التنموية التي تمثل عوامل الجذب الأساسية لاستقطاب الجماهير للحزب ودغدغ مشاعرها وكسب ولائها للانضمام للحزب، وقال إن الحزب يحتاج للكثير من السياسات والمراجعات لا مقاربات لاستعادة الثقة بينه وقواعده، ويرى المحلل السياسي “قمر حسن الطاهر” أن عمليات بناء القاعدة التي وصلت إلى مرحلة تكوين مؤتمرات المحليات لم تجب على عدد من التساؤلات حول المطالب التي خرج من أجلها ألمحتجون بالولاية، وقال خلال حديثه (للمجهر) إنها تمثلت تحقيق التنمية في مجال الطرق وتحسين الخدمات الصحية واستكمال مشروع الحل الجذري لمياه القضارف، وأضاف أن مواطني الولاية ينظرون إلى الأوضاع التنموية الماثلة والتي تشهد تراجعا شديدا في كافة المجالات لجهة أن ولايتهم تتمتع بإمكانيات وموارد طبيعية مهولة، إلا أن ذلك لم ينعكس على الخدمات خاصة شريحة الشباب التي لها تطلعاته في العديد من الجوانب الحياتية وهي الشريحة الأكثر تأثيراً في التغيير فضلاً عن شعورهم بغياب العدالة الاجتماعية، إلى جانب انتشار البطالة وعدم توفر فرص العمل للشباب، وتابع “قمر” كثير من مناطق الهامش خاصة الأحياء الطرفية أبدت حنقاً وتذمراً تجلى في مشاركتها في الاحتجاجات، ترى أن هنالك تهميشاً متعمداً طالها من قبل الحزب، فيما يتعلق بالخدمات علاوة على حالة الفقر المدقع الذي تعيشه تلك المناطق بسبب غياب تمثيلها على المستوى السياسي والتنفيذي الذي يعد خصماً على حقوقها، واعتبر “قمر” اعتماد المؤتمر الوطني في عقد مؤتمراته في المناطق الطرفية خاصة المحليات والقرى البعيدة، هروباً من مواجهة تحديات الأوضاع الحالية، ووصف تشبث المؤتمر الوطني بعقد المؤتمر في ظل هذه الأوضاع مضيعة للوقت، ولا طائلة ترجى منها حسب وصفه وسوف تنعكس على كيان الحزب بالولاية، وأن هنالك تذمراً من قبل بعض القيادات بالحزب بسبب سيطرة بعض القيادات التقليدية القديمة على مفاصل العمل السياسي بالولاية دون أن تطالها عجلة التغيير في برنامج الإصلاح وأن عمليات التغيير من خلال المؤتمرات بالمحليات جاءت بذات القيادات دون تصعيد للقيادات الشابة، وقال إن هذا يؤكد أن المؤتمر الوطني بالولاية مازال ينظر للأمور من زاوية واحدة وأشار “قمر” أن على الوطني أن يستوعب تأثيرات المتغيرات الناجمة من قرارات رئيس الجمهورية، بإعادة النظر ومراجعة هياكله وتنظيم صفوفه لمقابلة المتغيرات في المشهد السياسي بالولاية، باستحداث آليات جديدة لخوض غمار المرحلة القادمة، وفقاً لرؤية تستوعب أفكار الأجيال الجديدة بدلاً من التمترس خلف ركام الأفكار القديمة وتجربة فاشلة امتدت لثلاثين عاماً، فيما يتفق القيادي بالمؤتمر الوطني عضو المجلس الوطني، “علي عبد اللطيف البدوي” فيما ذهب إليه “قمر” وقال خلال حديثه لـ(المجهر) إن العلاقة بين المؤتمر الوطني كحزب حاكم والسُلطة التنفيذية كانت علاقة أساسية وقوية لذلك أن عدداً كبيراً من القيادات على مستوى الولاية والمركز فوجئوا بالوضع الجديد، وأضاف أن الحزب بالولاية أصبح في حالة توهان وشلل تام حيال مسألة فك الارتباط بينه والسُلطة التنفيذية، وطالب بضرورة إجراء إصلاحات ومراجعات في هياكل الحزب لانتشال الحزب من حالة التكلس والقيام بخطوات جادة تعيد له حيويته وكينونته، وأضاف أن الحزب أصلاً كان لافتة عمل للحكومة التي تقوم بتنفيذ قراراته، ومضى “البدوي” قائلاً إن الحزب جوبه بموجة عداء كبير من قبل المواطنين خلال الاحتجاجات الأخيرة، افتقد على إثرها شعبية، وزاد بأن قرارات رئيس الجمهورية الأخيرة لترتيب الأوضاع الاقتصادية لازالت حالة الاحتقان بالشارع، وطالب رئيس الجمهورية باتباعها بقرارات أخرى بحل المجالس التشريعية بالمركز والولايات وتشكيل حكومة كفاءات مركزية للخروج من الأزمة الحالية، وقال “البدوي” إن ما ينطبق على الحزب بالولاية ينطبق على الحزب بالمركز.
من جانبه قلل القيادي بالمؤتمر الوطني بالولاية، “عمر حسن فاضل” تأثير مسألة فك الارتباط بين الحزب والسُلطة، وقال “عمر” خلال حديثه لـ(المجهر) إن الخطوة من شأنها أن تعيد للحزب استقلاليته وحيويته بانفصاله من الجهاز التنفيذي وأن الحزب له قواعده المنتشرة بالولاية، والتي تقدر بأكثر من (500) ألف عضو، مشيراً إلى أن الحزب استكمل مؤتمرات القاعدة في شعب الأساس التي بلغت أكثر من (1000) شعبة فضلاً عن استكمال مؤتمرات المحليات إلى استمرار مؤتمرات القطاعات التي شارفت على نهايتها، أضاف الحزب له استثماراته واشتراكات عضويته، وأقر “فاضل” أن الحزب يواجه تحديات حقيقية في هذه المرحلة، يمكن أن تؤدي إلى تساقط عدد من عضويته من أصحاب المصالح والنفعيين والانتهازيين، وقال إن ذلك من مصلحة الحزب، مؤكداً تماسك الحزب خلف قيادته الجديدة، ممثل في رئيس الحزب الحالي، فضلاً عن ارتياح وترحيب الحزب بقرارات رئيس الجمهورية.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية