حكومات الولايات .. محاولة للتشكيل
تشكيل حكومات الولايات ينبغي أن يكون وفق معايير الخبرة والكفاءة والالتزام الأخلاقي ، ويمكن الاستفادة من كوادر قيادية موجودة في الخدمة المدنية على المستويات الأدنى ، أثبتت كفاءتها وانضباطها في العمل والسلوك (كثرت في الآونة الأخيرة دعاوى باطلة من شاكلة : فلان شاطر .. سلوكه الشخصي مسألة خاصة !! كيف تكون خاصة والدولة تأتمنه على مصالح الناس وقد يكون مسؤولاً عن تحقيق العدالة .. فكيف يحققها معطوب )؟!
ولنضرب مثالاً للقاعدة التي ذكرنا آنفاً بشأن ترفيع قيادات الخدمة المدنية لمقاعد الوزراء ، نختار وزارة الصحة بولاية الخرطوم ، ونبحث في قائمة مديري المستشفيات الحكومية الكبرى ، ثم نبحث ميدانياً عن أفضل مستشفى من ناحية الخدمة والنظافة وانضباط الكادر الطبي والكوادر المساعدة وتوفر الأجهزة والمعدات ، فيصبح مدير هذا المستشفى ، هو وزير الصحة الأنسب ، دون جدال .
فالمدير الناجح في قطاع مهني محدد مؤهل ليكون وزيراً ناجحاً في ذات القطاع ، كما أن المطلوب هو استنساخ تجربته في مستشفى “أحمد قاسم” ، “شرق النيل” ، “سوبا” ، ليتم تعميمها على كل المستشفيات العامة والخاصة .
بالنسبة لغالب الولايات الأخرى ، المقارنة غير متوفرة مع الخرطوم والجزيرة في موضوع المستشفيات ، فقد تجد ولاية كاملة ليس فيها اختصاصي جراحة عظام ، فالمطلوب هنا استجلاب كفاءات من الخرطوم .
الأمر كذلك سهل في وزارة الرعاية الاجتماعية ، فغير مديري الإدارات بالوزارة ، يمكن الانفتاح على قادة المنظمات ورموز العمل الاجتماعي المتعاونين مع الوزارة .
وكذا الحال في وزارة الثقافة والإعلام التي يتسع المجال فيها لترشيحات من أوساط الإذاعة والتلفزيون والصحافة .
أما في وزارة التربية والتعليم ، فإن مديري التعليم بالولاية والمحليات ومديري امتحانات السودان على فترات مختلفة ، يمكن أن يكون من بينهم كفاءة تصلح لمقعد الوزير بولاية الخرطوم أو الشمالية أو شمال كردفان ، مع ملاحظة أنه ليس بالضرورة أن يكون الوزير من أبناء الولاية ، فمدير مستشفى الأورام بمدني – لا أعرفه – هو أنسب وزير صحة لولاية الجزيرة ، والدليل أن مرضى السرطان يسافرون من الخرطوم إلى مدني لتلقي العلاج !!
أقول قولي هذا وأخشى (عسكرة) الوزارات الولائية ، إن تركنا الأمر لعلاقات واجتهادات سعادة (الفريق) وسعادة (اللواء) في ظل غياب حزب المؤتمر الوطني عن مطبخ القرار بالولايات ، إذ يمكننا أن نقرأ غداً قرارات بتعيين مدير مستشفى الشرطة وزيراً للصحة بالخرطوم ، أو مدير ورشة الشرطة وزيراً للبنى التحتية بالولاية ، أو قائد سلاح المهندسين وزيراً للتخطيط العمراني بولاية الجزيرة .
ليس بالضرورة أن يكون كل قائد عسكري وزيراً كفئاً ، فالأمر مختلف ، وإذا اضطر السيد رئيس الجمهورية لتعيين ولاة الولايات من القوات النظامية (جيش ، شرطة وأمن) ، فتكملة المعادلة تحتاج لمساعدة السادة (الجنرالات) بخبرات وكفاءات مدنية أصابت نجاحات (عملية) وليست (نظرية) في مجالاتها المهنية .
أنا مع حكومات ولائية بعيداً عن محاصصات الأحزاب ، حكومات كفاءات ، لا يتقدم وزراؤها لأداء القسم بموجب كرت (الضمان السياسي) .