وأنا أشاهد إحدى الفيديوهات عبر الواتساب عن صور لبركات بولاية الجزيرة، هزني جداً التركيز من خلال الصور على مشروع الجزيرة، لأن بركات هي مشروع الجزيرة والمناقل .. المشروع الذي يعود تاريخه إلى مرحلة ما قبل الاستقلال، هذا المشروع العملاق الذي تبلغ مساحته (2.2) مليون فدان، صالح لزراعة أي شيء، بالرغم من أنه عندما قام من أجل زراعة محصول القطن كبديل لزراعة القطن بمشروع الزيداب الزراعي بولاية نهر النيل .. نعم جاء لهدف زراعة القطن والتوسع فيه:
في الجزيرة نزرع قطنا
نزرع نتيرب نحقق آمالنا..
وخلال مشاهدتي للفيديو جلت بخاطري للعهد الذهبي لهذا المشروع العملاق والذي لو زرعنا فقط نصف مساحته لاكتفينا، واكتفى العالم من حولنا، فهو صالح لزراعة كل المحاصيل الغذائية، لأنه يمتاز بأراضي خصبة وري انسيابي أذهل الانجليز حتى وصفوه بـ(العملاق).
نتمنى أن يتم الالتفات لهذا المشروع خاصة وأن موازنة العام الجاري بنيت على الإنتاج والصادر .. فالصادر لا يتم إلا بزيادة الإنتاج، والإنتاج لا يتم إلا بالتوسع الزراعي، والتوسع الزراعي لا يتم إلا بالاهتمام بالقطاع الزراعي، سواء مروي أو مطري، مع ضرورة التركيز على المشاريع المروية باعتبار أن الزراعة المطرية ذات ارتباط بالأمطار والخريف الجيد، بالإضافة إلى كونها معرضة أكثر إلى الآفات التي تضر كثيراً بالمحاصيل.
فمشروع الجزيرة أهمل بعد اكتشاف النفط، وتم التركيز على النفط باعتبار أن عائده سريعاً، ولكننا لم نتحسب للانفصال وتفاجأنا به ليذهب معه أكثر من70) %) من النفط، وبعد ذلك بدأ اقتصادنا يتهاوى إلى أن وصل المرحلة التي نحن عليها الآن حيث فشلت كل المعالجات التي وضعت لإنقاذه.
ففي اعتقادي أن زيادة الإنتاج هي المخرج الوحيد، ولكن في ظل شح السيولة ستصبح مهدداً للانطلاق الزراعي، خاصة إذا علمنا أن كل العمليات الزراعية بحاجة إلى (كاش) يومي في يد المنتجين، فالزراعة بها سنحقق أهداف موازنة البرامج والأداء مع التركيز على محاصيل الصادر والتوسع في زراعة محصول القطن، لأنه كما يقول المنتجون هو (شيال التقيلة) أي بمعنى بعائده يتم توفير مدخلات المحاصيل الأخرى، ومن هنا تتحقق (نحقق آمالنا) التي أشرت لها في بداية هذا المقال، فقد سُمي (الذهب الأبيض)، أيضا لابد من الاهتمام بصادرات الثروة الحيوانية، فالسودان لديه ثروة حيوانية كبيرة جداً، وهنا لابد من التوسع في افتتاح الأسواق العالمية، وتوقيع مذكرات تعاون مع الدول التي حولنا، فمعظم الدول ترغب في استيراد اللحوم السودانية، لأن ثروتنا (تربت) في مراعٍ طبيعية، بعيداً عن الأعلاف الصناعية والتي تضر بصحة الحيوانات، فالصادرات هي التي تؤدي إلى توفير النقد الأجنبي الذي نحن بحاجة إليه.
فلابد كذلك من ضرورة التوسع في مجال الاستكشاف النفطي، خاصة وأن هنالك تصريحات كثيرة كانت قد أطلقت بأن معظم ولايات السودان تقع فوق بحيرة من (الذهب الأسود)، وهنالك دول كثيرة ترغب في مجال الاستكشاف بالبلاد، فإنتاج البلاد النفطي تدنى حتى وصل (72)ألف برميل في اليوم .. وقبل كل ذلك فاقتصادنا لن ينهض إلا بالتعاون والتكاتف من الجميع فقط من أجل (سوداننا).