أمين إعلام المؤتمر الوطني.. د. “إبراهيم الصديق” في حوار الراهن مع المجهر
*خلال فترة الاحتجاجات شهد الحزب أكبر تدافع جماهيري تجاوز (8) ملايين مواطن
*أي رصاصة تصيب فكرنا والمبدأ القيمي، لذلك نحن أكثر حرصاً على المواطن والوطن
*مفهوم الدولة الدينية غير موجود في إرثنا السياسي ومفهومنا الثقافي، الوطني حزب واسع الطيف
*المرحلة القادمة تقتضي حواراً واسعاً لاستيعاب الطاقات الشبابية وتحقيق تطلعاتهم
حوار: رشان أوشي
ظل الخطاب الرسمي، لحزب المؤتمر الوطني الحاكم.. يدور في فلك محدد لسنوات لم يطرأ عليه تغيير يناسب المراحل المتعاقبة، والتي مرت بها البلاد منذ سنوات بالرغم من تمتع الحزب بكوادر خطابية متمكنة، إلا أنها اختفت خلال الحراك السياسي الأخير، حيث ظهرت شخصيات أضعفت صورة الحزب كثيراً في الإعلام، وجوبهت بموجة انتقادات لاذعة، تساءل الجميع أين خطباء الحزب ورموزه الإعلامية؟
(المجهر).. نقلت تساؤلات المراقبين، ووضعتها على طاولة أمين الإعلام المركزي..
*لماذا لم يجدد حزب المؤتمر الوطني خطابه لسنوات؟
المؤتمر الوطني أكثر الأحزاب السياسية مؤسسية، تنعقد مؤتمراته وتناقش الخطط، أجهزته الحزبية منتظمة، وهذا دلالة على التجدد والمواكبة والمراجعة وكل مرة يقتضى إستراتيجية محددة وتتطلب خطط تنفيذية وخط سياسي وخطاب إعلامي، وليس صحيحاً أن خطاب حزبنا لا يتجدد، بل إن حزبنا الأكثر حيوية وحضوراً ووضوحاً في الرؤية.
*ظلت هناك خطوط عامة ينطلق منها إعلام الحزب الدولة الدينية، الاستهداف الخارجي؟
أولاً مفهوم الدولة الدينية هذا غير موجود في إرثنا السياسي ومفهومنا الثقافي، ربما هذا أمر (يعشعش) في خيال البعض، وليس حزب المؤتمر الوطني، فهو حزب واسع الطيف، منذ عام 2005م تم اعتماد المواطنة في الدستور كمبدأ للحقوق والواجبات ومرتكز وجاء مؤتمر الحوار الوطني ووثيقة الحقوق للتاكيد على ذات المبدأ، وهذا منهج حزبنا ومنطلقه، فلا أدري من أين كل هذا التصور؟
أما الاستهداف الخارجي للسودان، لم يتوقف أبداً ولن يتوقف وهذه سنن التدافع البشري، ولا يمكن أن ننكر الحرب التي شنت على السودان طيلة التسعينيات وإشعال الحرب في دارفور والمقاطعة الاقتصادية المستمرة وحتى العقوبات الاقتصادية، ومع ذلك فإن ذلك لم يوقف حركة، البناء السياسي أو الإعمار الاقتصادي.
*العقوبات الاقتصادية باتت مرتكزاً أساسياً لتبرير ما آل إليه الاقتصاد؟
العقوبات الاقتصادية لديها تأثير واسع بالتأكيد، وهذا رأي أي محلل أو خبير اقتصادي، ومع ذلك فإن السودان صمد في وجه هذه العقوبات مع أنها كانت شديدة التأثير، وحقق تنمية في كل المجالات، بإمكانك الآن استغلال عربة صغيرة من بورتسودان إلى الجنينة، وتوسعت البنية التحتية ومستوى الخدمات في كثير من جوانبها، وسادت عدالة نسبية في الخدمة التي اتجهت إلى الأطراف والأرياف.
* رئاسة الوزراء، ممثلة في رئيسها، اتجهت للتلاحم مع الشارع عبر الأسافير .. ولكنها واجهت بحنق كبير واختفت بدلاً من تقديم خطاب يليق بالمرحلة؟
اعتقد أن هذا سؤال يوجه إلى الجهة المعنية، ولسنا في مقام الإجابة عليه، ولكن كشاهد ومراقب، فإن تغريدات رئيس الوزراء وجدت ترحيباً واسعاً، وكان أكثر من (82%) من التغريدات ترحب وتؤيد ذلك الطرح، وفي ظني وجود حكومة متفاعلة ورئيس وزراء شاب كان أحد أسباب الحنق من بعض القوى السياسية التي لا تريد خيراً للسودان، ولذلك اتجهت للتخريب وإثارة الفوضى وأنني آمل أن تعود مشاركات الأخ رئيس مجلس الوزراء، وكل المسؤولين، وتغريداته كانت ذات قيمة وفائدة.
* قيادة الحزب توعدت المحتجين ولم تتفهم مطالبهم؟
أول تصريح صدر عن الحزب كان باسمي وقلت نتفهم الأسباب التي دفعت البعض للخروج للشارع، وإن الحكومة تسعى لمعالجة هذه القضايا، ودعوت للتعبير السلمي عن الرأي وتجنب العنف، ففي اليوم الأول والثاني بعطبرة والقضارف أحرقت (71) مؤسسة تعليمية وخدمية وصحية وممتلكات خاصة، كنا الأكثر تفهماً للأحداث ونعرف أن هناك جهات سعت لاستغلالها لأغراض سياسية وهو ما نراه اليوم، وكما قال الشيخ “علي عثمان محمد طه”، إن أي رصاصة تصيب أولا فكرتنا والمبدأ القيمي ولذلك نحن أكثر حرصاً على المواطن والوطن.
*الإعلام الإسفيري لحزبكم ظل ملاحقاً لإعلام المعارضة هذه قالت تسقط بس، وقلتم تقعد بس؟
هذا الأمر لا يعني حزبنا بل كل أهل السودان بأحزابهم وقواهم الحية وفعالياتهم وقطاعاتهم ورموزهم،
فإن شعارنا كان (السودان – أمان) والذي برز في مسيرة الأربعاء 9 /يناير/ 2019م والدعوة لإعلاء قيم الحوار والوحدة.
ثالثاً: فإن الوجدان الشعبي وكردة فعل استخدم (تقعد بس) وبالتأكيد هذا وعي شعبي يدرك أن هتاف السقوط يستهدف اختطاف الوطن بتاريخه وثقافاته وعاداته، ولذلك جاء شعار (تقعد بس) تأكيد على التمسك بالقيم ومعاني الوحدة، وتأييداً لرمزية الرئيس “البشير” فهو ضامن للحوار الوطني.
* قدمتم شخصيات للإعلام في ظل الأوضاع الحالية، خصمت ولم تضف إمكانياتها ضعيفة جعلتكم سخرية ومن تساءل أين ذهب خطباء الحزب ؟
نحن موجودون في كل المنابر، نقدم أكثر من (17) شخصية يومياً، هناك حملة تستهدف بعض الإخوة، وهذا مفهوم بالتأكيد ومتوقع، والمؤتمر الوطني يملك فكرة ورؤية واضحة ولديه منهج متقدم وخشية البعض من قوة المنطق دفعتهم لافتراع هذا النوع من الأقوال، ونحن لا نأبه بهم، نطور في أساليب الخطاب والرسالة والخطأ وارد، ومع ذلك لم اسمع أحدا من هؤلاء ينتقد الإسفاف في قول بعض المعارضين وسذاجة طرحهم وبؤس منطقهم وتلك اللغة الإقصائية، وقد ترفع بعض الإخوة عن الدخول في مهاترات أو تجريح ولا يعنى ذلك أنهم ضعفاء، والحقيقة فإن الفترة الماضية شهدت محاولات اغتيال واستهداف مثلما سعت لخلق أبطال وهميين ثم إن الحوار لا يديره الخطباء فحسب وإنما أصحاب الرؤية والمعلومة والمبدأ ولعلمك فإن الحملة كانت تسهتدف الوطن من خلال منصات متعددة داخلية وخارجية، هل يعقل نشر أكثر من (10) آلاف تغريدة في التويتر خلال (120) دقيقة ومن (434) شخصاً ومن منطقة واحدة، نعرف من أين وكيف تدار الحملات؟ وكما قال الأخ وزير الإعلام والاتصالات “جمعة أرو” إن أكثر من (٤٢) خلية خارجية تدير الحملة ضد بلادنا.
* تتهمون الإعلام الخارجي بالتواطؤ؟
نوعاً ما، بعض القنوات الفضائية توافقت أجندتها مع ما يجري، ولكن بالحسابات الواقعية هذه الحملة كانت محصورة في محطات محدودة جداً، أولاً، كانت غائبة تماماً في الإعلام الأمريكي، سوى تقرير أو مقال لمراسلة واحدة وكاتبة واحدة، وغير موجودة في كل الإعلام الأوروبي رغماً عن محاولات بعض المنظمات، ولا وجود لها في الإعلام الأفريقي أو الآسيوي، صحيح بعض القنوات الناطقة بالعربية كانت مهتمة، وسرعان ما تراجعت، ولذلك هناك وجود محدود من خلال قنوات عربية فقط لا أكثر.
* اتخذتم إجراءات قاسية اتجاه مراسلي بعض القنوات لماذا كل هذا التخوين؟
هذه إجراءات خاصة بالأجهزة الرسمية، لسنا طرفاً فيها، وأظنها محدودة بظروف معينة ووفق قواعد عملية، واتخاذ إجراءات إدارية لا يعني تخويناً، ومع كثرة تجاوزات هذه القنوات، فإنني أدعو لإتاحة الفرصة للجميع، وتوسيع المظلة القانونية والمراجعة وتبادل المعلومات، فهذا أفضل في رأيي.
*لماذا فشل الإعلام الرسمي من مجاراة الحدث؟
هذه مناسبة لتقديم التحية والإشادة بالإعلام الوطني بكلياته، من قنوات فضائية وإذاعات والصحافة، فقد تمتعوا بوعي ومهنية واحتراف في مواجهة الهجمة على الوطن، ومع أن الحملة كانت خطيرة، إلا أن التعامل الواعي أدى إلى تنوير الرأي العام، أن أي مراقب حصيف يدرك أن الإعلام الوطني كان في الحدث ومواكباً وواعياً للمخطط، وتم التفريق بين مطالب المحتجين وتطلعات الشباب، وبين الأجندة الأجنبية.
* التلفزيون القومي، الإذاعة، قطاع الإعلام، هزمت أمام طوفان استخدام المحتجين للأسافير فقط؟
في رأيي أن التلفزيون القومي والإذاعة قاموا بدورهم، وربما الإخوة في الوزارة بإمكانهم تقديم صورة أكثر تفصيلاُ، أما قطاع الإعلام بالحزب ومع بقية القطاعات السياسية والتقنية والتنظيم والعاملين، والكثير من الخبراء ومع بقية القوى السياسية السودانية، أداروا المعركة بوعي ومهنية وسؤالنا: بسيط جداً من الذي كشف أكثر من (82) أكذوبة وإدعاءات عن مواقف وصور من الذين كذب أكثر من(3000) شائعة ومعلومة خاطئة؟ ولماذا تراجع حضور المعارضين في الأسافير، لماذا اعتذرت قنوات عن أخطاء في التغطية؟ ولماذا تم عزل الحراك شعبياً؟ إن الحملة كانت ضخمة وتوفر لها إعداد طويل ولكن تم هزيمتها دون ضوضاء وللأسف زرعت لغة كراهية، ومازال هناك شوط أكبر وتحدٍ طويل المدى.
*الحراك أسبابه في نظركم؟ ومعالجتها؟
هناك ثلاثة منطلقات في رأي:
أولاً: احتجاجات مطلبية، لظرف اقتصادي عابر، وهذا أمر مفهوم، والحكومة تتعامل معه بناءً على حزمة اقتصادية وترتيبات جارية.
ثانياً: تطلعات جيل جديد، وهذا أمر مشروع يتطلب نقاشاً، وابتداع وسائل للتواصل معهم ومناقشة قضاياهم.
ثالثاً: أجندة سياسية، تهدف إلى قطع الطريق أمام الانتقال السلمي، أما ليأس من قدرتها على العمل السياسي والانتخابات، أو لخلق فوضى وعدم استقرار في السودان، وهذه أخطر الأجندة، ونقول إن الحوار الوطني حدد آليات الانتقال السياسي من خلال الانتخابات والفصل السياسي، وربما تنعقد الجمعية العمومية للحوار الوطني للتأكيد على هذه الحقيقة خلال الأيام القادمة، أن هذه المجموعة ذات أجندة لا تريد للوطن خيراً.
* التأثير النفسي والسياسي للاحتجاجات واهتزاز صورة الوطني؟
خلال فترة الاحتجاجات، شهدنا أكبر تدافع جماهيري من القواعد لحملة البناء الحزبي، والتي اكتملت في الفترة من 15 /ديسمبر وحتى 15 يناير 2019م وبمشاركة أكثر من (83%) من عضوية الحزب والتي تجاوزت (8) ملايين مواطن، وهذا الاختبار الحقيقي، وخلال الأيام القادمة ستنعقد المؤتمرات القطاعية والوظيفية، واللقاءات السياسية وزيارات السيد الرئيس الجماهيرية، شهدت إقبالاً جماهيرياً عريضاً عبر عن قاعدة المؤتمر الوطني، إن الوعي الشعبي يدرك المخططات والأجندة بفطرته، وقاعدة حزبنا في ازدياد.
*ضعف إعلام المؤتمر الوطني، مقابل إعلام المعارضة وتجمع المهنيين؟
هذه مجرد محاولات لرفع الروح المعنوية لدى البعض، صحيح كان هنالك ترتيب واسع، واندفاع، وشمل حملة شائعات وتخوين وإساءات وتصعيد، واستعانوا ببيوت خبرة أمريكية، بريطانية، لإدارة الحملة وتعاملنا معها بمنطقية وهدوء، واستطعنا مجابهتها، كانوا يتصورون أننا نجاريهم في طريقتهم ولكننا تعاملنا باحترافية شديدة، مراكز تحليل للمضمون وإنتاج ومعالجة وبحث، للحقيقة كل الإعلام الوطني كان شريكا في المدافعة.
* هروب قادة المؤتمر الوطني وكوادره من الفضائيات وشكوى المراسلين؟
هذه إدعاءات فطيرة، أولاً: يفترض أن يكون لكل قناة أو محطة فضائية (قائمة اتصال) مثلما عندكم في الصحيفة وهي فرصة نحي فيها الزملاء بـ(المجهر) وعلى رأسهم الأخ العزيز “الهندي عزالدين” والأخ “صلاح”، وهذه القائمة تبنى على جهد الصحفي أو المراسل وعلاقاته، وثقة المصدر فيه، وبالتالي، لا يكون بحاجة لضيف كل لحظة وإنما ينتقي من قائمته، وثانياً: معلوم أن أجندة القنوات تحدد في ساعات الصباح الأولى، مع اجتماع التحرير وفي هذه الحالة من السهل الوصول للضيف، وملاحظتي أن (90%) من طلبات بعض المراسلين الحيز الزمني من (ساعتين _ 20ق) وهذه حالة يمكن أن نضع تحتها خطين، وثالثاً: أن بعض القضايا لا تعنى الحزب، وإنما يتطلب رأيا رسميا، عن وفرة السلع أو العلاقات الخارجية مثلاً، فهذا لا يمكن أن تسأل عنها الحزب وحتى القول بهذه الآراء يعتبر تهجما من البعض، لتبرير مواقفهم، ولكن دعينا من هذا من يكتب التقارير التي تنشر ولدينا تفاصيل أخرى، ربما نتوسع في طرحها في وقت لاحق..
*تغييرات مرتقبة في الحزب وتعديل وزاري كبير خلال الفترة القادمة؟
المرحلة القادمة لاستكمال البناء الحزبي وانعقاد المؤتمر العام الخامس في 17-18-19 أبريل القادم، وسيتم بناء المؤسسات الحزبية وفقاً لتوصياته ومخرجاته.
*قدمتم مبادرة للحوار مع الشباب.. ما هي بنودها؟
قدم الإخوة في أمانة الشباب رؤية للتعامل مع قضايا الشباب وتم مناقشتها في اجتماع المكتب القيادي، كما عقد الأخ الرئيس جلسة مع نخبة من شباب الحزب وتم التداول حول إستراتيجية بناءة، مع عقد مجلس الوزراء جلسة خاصة ناقش فيها قضايا الشباب، إن المرحلة القادمة تقتضي حواراً واسعاً لاستيعاب الطاقات الشبابية وتحقيق تطلعاتهم..