لقاء البشير وسلفا ..إنقاذ اتفاقية التعاون المشتركة
في (حموة) التصريحات الإيجابية التي خرجت من رئيسي البلدين الجارين تقرر عقد القمة الرئاسية بين “البشير” و”سلفاكير” بصورة عاجلة غداً (الجمعة) تلبية للدعوة المقدمة بصورة شخصية من رئيس الوزراء الأثيوبي، وبدا أن الأجواء الصحية التي تعيشها العلاقات الثنائية بين الخرطوم وجوبا حفزّت الرئيس “عمر البشير” على إعلان تلبيته الفورية لدعوة “هايلا ماريام ديسالين” دون تردد عشية تأكيداته على أن السودان مستعد وجاهز لحل النزاع مع دولة الجنوب، وذلك في كلمته التي ألقاها أمس الأول في النيل الأزرق وجدد فيها أن الشمال وافق على انفصال الجنوب ليكسب السلام ، وحتى يكون القول مصحوباً بالفعل جاءت موافقة الرئيس “البشير” بعقد لقاء عاجل مع نظيره الجنوبي، رغم أن مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية حددت في وقت سابق تاريخ الرابع عشر موعداً للقمة الرئيسين، وذلك بناءً على التاريخ الذي قطعه مقدم الدعوة – رئيس الوزراء الأثيوبي – الذي قام بزيارة ثنائية لكل من السودان وجنوب السودان خواتيم الشهر الماضي بغرض التوسط بينهما وإنقاذ اتفاقية التعاون المشتركة التي رعتها “أديس أبابا” جنباً إلى جنب مع الاتحاد الأفريقي، لكن يبدو أن “ماريام ديسالين” كان له رأي آخر فأحدث تعديلاً في الموعد المضروب لعقد القمة السودانية الجنوبية وذلك للإسراع في وضع حل للمفات العالقة بين البلدين وكذلك لإنقاذ الاتفاقية المهددة بفشل التنفيذ. وحسب السكرتير الصحفي للرئيس “البشير” فإن رئيس الوزراء الأثيوبي بعث أمس الأول ببرقية لعقد القمة التي كانت مقررة قبل عشرة أيام في التاريخ الذي حدد الآن، وشرح “عماد سيد أحمد” أن موافقة “البشير” على تلبية دعوة “مريام” للقاء نظيره الجنوبي في الرابع من الشهر الحالي بدلاً عن الرابع عشر جاءت كسباً للوقت، وقال لـ(المجهر): (من المتوقع أن تكون اللقاءات الرئاسية يومي (الجمعة والسبت) وتسعى الحكومة لتوصل إلى حلول وإنزال اتفاقية التعاون المشتركة الى أرض الواقع) ، وأضاف: (من المتوقع أن لا تستمر القمة أكثر من يومين ونستبعد أن تمدد مثلما حدث في القمة الأخيرة التي التأمت أواخر سبتمبر الماضي). ووفق مصدر مطلع فإن وفد المقدمة حط رحاله أمس في العاصمة الأثيوبية للتحضير للقمة بين الرئيسين وترتيب أجندتها، وحسب “عماد سيد أحمد” فإن أعضاء اللجنة السياسية الأمنية ورؤساء اللجان الأخرى وعدداً من الخبراء سيغادرون في معية الرئيس “البشير” الذي سيصل “أديس أبابا” صباح (الجمعة). ويكون الوفد من وزير الدفاع ووزير رئاسة الجمهورية “بكري حسن صالح” ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني ورئيس لجنة أبيي من الجانب السوداني “الخير الفهيم” بالإضافة إلى وفد مصغر من الخبراء باللجنة السياسية والأمنية المشتركة. وحسب المصادر فإن القمة ستناقش ملفات الحدود وفك الارتباط وملف أبيي مع الرئيس “سلفاكير” في الوقت الذي توكل فيه بقية الملفات إلى اجتماعات اللجنة الأمنية المشتركة التي ستجتمع بعد أن ترفع القمة بين الرئيسين مخرجاتها النهائية. وعلى ما يبدو فإن دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي جاءت بالتوافق التام مع الاتحاد الأفريقي الذي يرعى المفاوضات بين البلدين عبر اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة “ثامبو أمبيكي” التي أعلنت منتصف الشهر الماضي عند رفع اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة عن استئناف المفاوضات بين الخرطوم وجوبا في الثالث عشر من الشهر الحالي ، وواقع الحال يؤكد أن استئناف اجتماعات اللجان ستحددها مخرجات اللقاء الرئاسي وليس الاتحاد الأفريقي.
وفيما بدا أن إعلان “سلفاكير” سحب قواته المحتشدة على حدود دولته الشمالية كانت بمثابة بادرة حسن نية من دولة الجنوب إلاّ أن متابعين يرون أن خطوة رئيس الجنوب جاءت ردة فعل للضغوط الاقتصادية التي تمارسها الخرطوم على شعبه إذ أغلقت الأخيرة الحدود المشتركة بين الدوليتن نهاية الأسبوع الماضي بصورة محكمة منع على إثرها مرور المواد الغذائية الوافدة من الشمال، هذا بالإضافة الى إستمرار سياسة عدم تنفيذ الاتفاقية النفطية بين البلدين بعد اشتراط الحكومة السودانية سحب القوات من الحدود المتنازع عليها كشرط مسبق لاستئناف صادرات النفط الجنوبي، وهو ما أصاب اقتصاد الدولة الوليدة بشلل شبه تام . وكان “ميارديت” قد أعلن من جوبا سحب قواته دون أن يذكر موعداً للبدء في ذلك الانسحاب لكنه ذكر الفوائد والمبررات التي دفعت به لاتخاذ القرار وهو حتى يتمكن من تشكيل بعثة مراقبة الحدود، غير أن انسحاب القوات الجنوبية من التخوم الشمالية كان مؤقتاً حسب الرئيس “سلفاكير” الذي قال: (حتى نتمكن من تشكيل بعثة مراقبة الحدود نسحب مؤقتاً قواتنا من المناطق الحدودية الملاصقة ).
ورغم مرور ثلاثة أشهر على توقيع اتفاقية التعاون إلاّ أن تنفيذها ما زال عصياً على الجانبين إذ ما يزال كل من البلدين يحتفظ بقوات على بعد عشرة كيلومترات من حدود الطرف الآخر ويتبادلان الاتهامات بدعم متمردين وهو ما يعظم من أزمة الثقة التي تهدد مستقبل العلاقة بين البلدين، وفيما يمضي الوقت ما بين “أديس” و”الخرطوم” و”جوبا” تزداد معاناة شعبي البلدين نتيجة إخفاق القيادة في الدولتين في التوصل إلى حلول تنهي تلك المعاناة .