يا بكري تستاهل!
{ اختارت شورى الحركة الإسلامية الفريق “بكري حسن صالح” نائباً لأمين عام الحركة مع ثلاثة آخرين ومثل اختيار الفريق “بكري” وقبوله للموقع مفاجأة كبيرة بحسبان أن الجنرال الصامت في القصر ظل بعيداً عن الأضواء والمواقع الحزبية، وانتقد البعض اختيار الفريق “بكري” للموقع لكنه نقدٌ في الدهاليز والهمس الخافت ومجالس الأنس حيث لا يملك الناقدين شجاعة الجهر بما يقولون سراً، ومبعث النقد الموجه لاختيار الفريق “بكري حسن صالح” من جهات عديدة داخل التيار الإسلامي أن الرجل لم يعرف عنه انتماء للحركة الإسلامية من قبل (30) يونيو ويربط البعض وجود “بكري” في موقع الرجل الثاني في الحركة الإسلامية بقربه وصلته الوثيقة بالرئيس “البشير” فقط.
وتجريد الفريق “بكري” من كل فضيلة ودور إلا علاقته بالرئيس يمثل (مغالاة) وشططاً لا معنى له.. فالإنقاذ هي تحالف بين مؤسسات الحركة الإسلامية المدنية ومؤسسات الحركة الإسلامية العسكرية.. والانقلاب خطط له العسكريون وحملوا أرواحهم على أكفهم ونفذوه بعلم بعض المدنيين وتغيب آخرون، وطبيعة المؤسسات العسكرية جعلت كثيراً من الضباط الإسلاميين غير معروفين للمدنيين، ولنفترض أن الفريق “بكري حسن صالح” لم (ينتمِ) إلى الحركة الإسلامية إلا بعد (30) يونيو 1989م، فإن ثلاثة وعشرين عاماً في خدمة الحركة الإسلامية وتنفيذ برامجها وحفظ أسرار دولتها والتضحية براحة الجسد وهناء العيش والسهر من أجل مشروعها كفيل (بتسنُّم) الفريق “بكري حسن صالح” قيادة الحركة الإسلامية.
{ الذين (يستخسرون) على الجنرال الصامت موقعاً هامشياً في الحركة التي أصبحت تياراً في نهر السلطة يجهلون الدور الذي لعبه “بكري حسن صالح” سياسياً في إقصاء الدكتور “الترابي” في الرابع من رمضان حينما جعل الرجل من مكتبه بالقصر الرئاسي وبيته في ضاحية بحري وقاعة الشهيد الزبير للمؤتمرات ساحات لاستقطاب الإسلاميين وإقناعهم بالوقوف مع “البشير” في مواجهة “الترابي”.. ولم يكتب لمذكرة العشرة النجاح إلا بعد أن وقع ضمن العشرة ثلاثة أسماء هم “بكري حسن صالح” ود. “غازي صلاح الدين” و”علي كرتي” ولولا توقيع القيادات الثلاثة في المذكرة وتبني “بكري” لها وتقديمها للرئيس لذهبت المذكرة مثل عشرات المذكرات التي يكتبها الموظفون والمثقفون لأغراض السياسة وحاجياتهم الشخصية!
{ وجود الجنرال “بكري” في هرم قيادة الحركة الإسلامية يعزز من تحالف الإسلاميين في المؤسسات العسكرية والإسلامية في المؤسسات المدنية ويجعل العسكريين لا ينظرون بريبة إلى اجتماعاتها وحراكها ونشاطها، وقطاع الإسلاميين في القوات النظامية بيده القوة والسلطة والنفوذ، وهو حامي الإنقاذ وظهرها الذي لا ينكسر فكيف لا يتم تمثيله في المؤسسات السياسية والفكرية والدعوية والاجتماعية.
ثلاثة وعشرون عاماً أمضاها “بكري حسن صالح” في خدمة الإنقاذ والحركة الإسلامية لم (يعرف) عنه خيانة أمانة ولا حب دنيا ولا عمارات سامقة وحدائق غُلبا تفيض زيتوناً وعنباً.. ظل وفياً أميناً مخلصاً خادماً بلاط القصر.. والرجل مثقف ويتحدث لغات الإفرنج والعربية و(رطانات) محلية فكيف تستخسرون عليه موقع نائب الأمين العام.. تستاهل يا “بكري”!