الأفروأوسطي :لا شيء سيؤثر على إرادتنا لفتح صفحة بيضاء لأفريقيا الوسطى التي تصالحت مع نفسها
في حفل توقيع الأطراف الأفروأوسطية بالأحرف الأولى على اتفاق السلام في الخرطوم
رئيس الجمهورية : نجاح السودان في تحقيق السلام في ربوعه سيظل ملهماً لشعوب القارة بعد تجاوز أزماتها …
الخرطوم -ميعاد مبارك
الساعة الواحدة بعد ظهر الأمس ، الرئيس “عمر حسن البشير”، ونظيره الأفروأوسطي “افانسو توديرا” ،شرفا قاعة الصداقة بالحضور، سبقهما (13) زعيماً وزعيمة شكلوا مجموع الفصائل الأفروأوسطية الـ(14)، تراصوا في المنصة الرئيسية،استعداداً للتوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق السلام بين حكومة بانغي والمليشيات . تعانقت الرؤوس على الطريقة الأفروأوسطية بعد التوقيع على الاتفاق الذي وصفه “توديرا” بالحلم الذي أصبح حقيقة، مؤكداً أن هذا الاتفاق لن يكون كسابقيه وأن أفريقيا الوسطى فتحت صفحة بيضاء .
عامل الثقة
وزير الخارجية “الدرديري محمد أحمد” افتتح الجلسة شاكراً جهود كل من ساهم في تحقيق الاتفاق من رؤساء أفارقة والاتحاد الأفريقي ومفوضية السلم والأمن الأفريقي والأمم المتحدة وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ،مؤكداً أن ثقة الأطراف الأفروأوسطية في السودان ثقة صادفت أهلها ، وأضاف الدرديري :(هذا يوم من أيام أفريقيا الزواهر التي تبلسم فيها بعض جراحاتها بأيدٍ أفريقية ، وخص الوزير بالشكر رئيس الجمهورية مؤكداً حرصه على متابعة المفاوضات وأن تظل المبادرة يقظة رغم انشغالاته وأنه ظل يوصيهم بتقديم التنازلات من أجل السلام.
وقال الدرديري:الرئيس كان يمكنه أن يعتذر عن استضافة المفاوضات والسودان مسخن، لكن(البشيل فوق الدبر ما بميل).
عقبة التنفيذ
ممثل الحركات المسلحة الأفروأوسطية “جونو اهافا”، شكر الخرطوم والاتحاد الأفريقي ومفوضية السلم والأمن الأفريقي ورؤساء الدول الذين ساهموا في جمع الحركات المسلحة وحكومة بانغي في مفاوضات الخرطوم التي استمرت لأسبوعين، مؤكداً أن الاتفاق لن يكون كسابقيه مقراً بأن أصعب مرحلة هي مرحلة التنفيذ، وأضاف (كل مواطن أفروأوسطي مسؤول عن التنفيذ) .
طي صفحة الغضب الرئيس الأفروأوسطي قال خلال كلمته (بينما نحن مجتمعون هنا لتحقيق حلم السلام، أود في بداية كلمتي أن أثني على كل الشعب الأفروأوسطي من كافة الديانات ومن الشمال والجنوب والشرق والغرب ،مواطني هذا البلد العظيم الذين دفعوا حياتهم بسبب الكره الذي لطخ بالدماء أرضنا الخضراء وأحيي كل من سعى لتقديم المساعدة ، معرباً عن امتنانه لرئيس الجمهورية.
وأضاف “توديرا” ( في هذه اللحظات أشكر الخرطوم والاتحاد الأفريقي وكل من ساهم في تحقيق الاتفاق،الذي تمت مناقشة كافة تفاصيله ،الذي لم يكن ليتم لولا دعم الرؤساء الأفارقة الذين استمروا في تشجيعنا لطريق المصالحة، ونشكر الاتحاد الأفريقي و”موسى فكي” و”إسماعيل شرقي” والأمم المتحدة). وأشار الرئيس الأفروأوسطي إلى الاحتفال بالتوقيع النهائي على الاتفاق الذي سيتم اليوم في العاصمة بانغي ،وقال (سنحتفل في بانغي بهذه الجوهرة) .وأضاف (نود أن نطوي مأساتنا ونترك الغضب والكراهية ونسعى لتحقيق السلام وتنفيذه ولدينا إرادة قوية ليعود لبانغي أساس السلام العادل). مؤكداً التزامه بتنفيذ بالاتفاق دون تأخير وأنه لن يكون كسابقيه.وزاد “توديرا”: (في بداية المبادرة كنا نتساءل هل هذا حلم لن يتبعه السلام،قال البعض إننا لن نحقق الهدف ،لكن هذا الحلم الذي كان فردياً أصبح جماعياً يمثل خطوة لتحقيق الواقع، إن السلام على مرمى البصر، ونتعهد أن يترجم هذا الاتفاق طموحاتنا المختلفة، وأن نلتزم بهذا المشوار، ونتخلى عن الكراهية حتى نعمل يداً بيد لتحقيق السلام . مؤكداً ألا شيء سيؤثر على إرادتهم لفتح صفحة بيضاء لأفريقيا الوسطى التي تصالحت مع نفسها وحفظت كرامتها وإن كل ما يشغلهم الآن هو ولادة هذه الدولة.
المأساة الكبيرة
رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي “موسى فكي” قال خلال كلمته :(دفعنا منذ 2016 بمبادرة للتفاهم والتصالح من أجل السلام والمصالحة الوطنية في جمهورية أفريقيا الوسطى معبراً عن سعادته لوضع نهاية لما وصفها بالمأساة الكبيرة التي ظل يعاني منها الشعب الأفروأوسطي منذ سنين)، وأضاف :(إن الاتفاق الذي وقعوا عليه اليوم بالأحرف الأولى في الخرطوم يبعث في نفوسنا جميعاً أمالاً جساماً ليس للشعب في أفريقيا الوسطى فقط وإنما للقارة الأفريقية كلها)، مؤكداً أن هذا الاتفاق إذا كتب له النجاح سيعطي دليلاً قاطعاً أن أفريقيا تسير نحو هدفها لإسكات المدافع .
وشكر “فكي” الذين ساهموا في الإنجاز والتحقيق السريع للسلام، وخص بالشكر رئيس الجمهورية وما وصفه بالتضحيات الجسام التي بذلها السودان من أجل تحقيق السلام في أفريقيا الوسطى ، ولكل المتفاوضين والاتحاد الأفريقي . وأكمل: (إن توقيع هذا الاتفاق أمر بالغ الأهمية، ولكن كل اتفاق مهما كانت طبيعته يظل محدود الجدوى ما لم يتحقق على أرض الواقع ، إن التحدي الحقيقي لا يكمن في الاتفاق بل يكون رهن المتابعة والتطبيق )، مؤكداً أن الاتحاد الأفريقي سيظل دائماً على استعداد تام لمتابعة تحقيق هذا الاتفاق ومواصلة دعمهم لهذا الاتفاق والعمل المنسق مع كافة الشركاء لتضافر الجهود والمصالحة والوحدة الوطنية والبناء والتقدم.
الحكمة الأفريقية
الرئيس “البشير” قال مخاطباً الاحتفال:(نجتمع اليوم في الخرطوم عاصمة السلام لنبارك ونهنئ شعب أفريقيا الوسطى من جميع مكوناته بانتهاء الحرب وميلاد السلام تحت مظلة الاتحاد الأفريقي العظيم تتويجاً للجهود التي ظللنا نبذلها دولاً وزعامات و أفراداً وشركاء لنصل إلى ما وصلنا إليه ،للسلام المستدام بإذن الله بين الإخوة الفرقاء في الجارة جمهورية أفريقيا الوسطى) .
وأضاف: هذا الاتفاق هو تأكيد للعزم والإرادة الجادة بين كافة الأطراف على التراضي والوفاق بين أبناء الوطن الواحد تتويجاً لما ظلت تعمل له قارتنا إلزاماً لما توافقنا عليه من تأكيد على ضرورة الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية)، وأكمل الرئيس:( إن تجربتنا المسبقة تحت مظلة الاتحاد الأفريقي تقف شاهداً على نجاح النهج الأفريقي لمعالجة الأزمات، ولعل منهجنا الذي ارتضيناه ومثلته المصالحة في أفريقيا الوسطى التي عاصرت بذور المشكلة واللقاء المباشر بين كافة الفرقاء قد مكن من الاستماع لاهتمامات وانشغالات كافة الأطراف ، وأفضى إلى مخاطبة هذه الانشقاقات ومعاينتها بحكمة أفريقية معهودة، وكان النتاج هذا الاتفاق الذي نحتفل به) .
وأشار “البشير” إلى أن الاهتمام الإقليمي والدولي شاهد على أن السلام سيصبح واقعاً وخياراً واحداً بإرادة الشعوب وأن هذه الحروب لم تفضِ إلا إلى إعاقة مسيرة التنمية وتقويض الاستقرار بين أبناء الوطن الواحد .
وزاد الرئيس:السودان حريص على استقرار دولة أفريقيا الوسطى وكافة دول الإقليم حيث أن نجاح السودان في تحقيق السلام في ربوعه سيظل ملهماً لشعوب القارة بعد تجاوز أزماتها ، إننا نقدر عالياً ما أبدته كل من الحكومة والمعارضة في أفريقيا الوسطى بحس وطني عالٍ مكن من تجاوز الخلافات والمرارات ،مؤكداً أن استدامة السلام والمحافظة عليه والالتزام به سيظل تحدياً ماثلاً يستوجب تكاتف الجهود المحلية والإقليمية والدولية وأن تطبيق نصوص السلام يعبر عن إرادة أبناء أفريقيا الوسطى واستعدادهم للمضي قدماً لمقابلة استحقاقاتهم في المرحلة المقبلة .
وأضاف رئيس الجمهورية : (إنه شرف عظيم للسودان أن يكون ضامنا لهذا الانجاز العظيم وسيظل وفياً لعهوده ملتزماً بمبادئ السلام وفض النزاعات )، مثمناً الجهود المتواصلة من كافة المشاركين في هذا الاتفاق وللأمم المتحدة ومن أسماهم الشركاء وأصدقاء ومحبي السلام والمراقبين ، وأرسل تحية خاصة لمفوضية الاتحاد الأفريقي ، وشبكات المبادرة الأفريقية .
وأكد أن هذا الحدث سيسجل ذكرى للقارة الأفريقية في مرحلة البناء الأفريقي وأن السودان سيظل مع أفريقيا الوسطى حتى يعم السلام البلاد .
حكومة انتقالية
قال وزير الخارجية، في تصريحات صحفية عقب الاحتفال، إن الاتفاق نص على إعادة الحياة للمجتمع الأفروأوسطي من خلال تمكين كل فصائله وطوائفه للعودة للحياة الطبيعية والاختلاط بعد أن تعذر ذلك أثناء فترة الحرب التي كانت قد أخذت منحى طائفياً منع الطوائف المختلفة من الانتقال من مكان إلى آخر .
وأشار إلى انه من المتوقع تكوين حكومة انتقالية موسعة متفق عليها تضم ممثلين للحركات المسلحة، ويتوقع أن يقدم المركز حسب الاتفاق المزيد من السلطات للولايات .
ولفت “الدرديري” إلى أن أصعب قضية في المفاوضات التي استضافتها الخرطوم كانت المصالحة والعفو وأنه تم الاتفاق في النهاية على عملية المصالحة ليتم تنفيذها في أفريقيا الوسطى بضمانات مختلفة مقدمة من الاتحاد الأفريقي للمجتمع الدولي لتيسير هذه العملية نحو إدماج المجتمع الأفريقي بأكمله في عملية مصالحة جديدة.