الخرطوم ـ المهدي عبد الباري
أوردت الأخبار أمس الأول، حادثة انتحار نظامي، بتفجير عبوة من القرنيت داخل غرفته الخاصة، بضاحية الفتيحاب بأم درمان، بعد أقل من شهر من استهداف شاب لحفل حنة عروس بمنطقة مايو، جنوبي الخرطوم، وتفجير الحفل النسائي بعبوة من القرنيت ـ أسفرت عن وفاة صبيتين في الحال وجرح أكثر من (70) شابة شاركن في الحفل.
فيما نقلت الصحف قصة تهديد رجل بتفجير إحدى محطات الوقود بالخرطوم بذات القنبلة القرنيت، وعلى مسافات زمنية متفاوتة، نشرت الصحف بالخرطوم، حوادث تهديد وقتل بالقرنيت، السلاح الذي تسلل من ميادين المعارك إلى براح المدينة، وأحال ليالي فرحها إلى مأتم.
تعريف القرنيت
حسب خبراء أمنيون تمثل قنابل القرنيت، أحد أسرع الأسلحة القتالية، فهو قنبلة سريعة الانفجار يتم استخدامها في ميادين الحرب، لحظة اقتراب العدو في مسافة قريبة تتجاوز خطوط الأمان، أو حال أشارت التوقعات بوجود أعداء في خندق أو أماكن ضيقة حيث يتم قذفها بواسطة مقاتلين متمرسين، بحذر شديد كي لا تنفجر في المقاتل نفسه، وقال العقيد أمن معاش “أبو عبيدة حاج حمد الجعلي” إن قنابل القرنيت من الأسلحة المحرمة حيازتها للنظاميين إلا في حالة الحروب فقط، منبهاً أن وجودها في يد أي نظامي بالمدن يرجع إلى احتمالية أن تكون نتاج بقايا حرب خاضها، وأضاف العقيد أمن أن قانون القوات المسلحة يحرم حيازة قنبلة القرنيت، ويتخذ إجراءات صارمة جدا في حال تأكد وجودها لدى أي فرد بالقوات المسلحة، أو أحد المواطنين، ولا يتم التصديق بحملها إلا في حالة الحرب، ويتم استخدامها في حالة التهديد المباشر، واقتراب العدو من خطوط الأمان، إذ يتم قذفها سريعاً لتشتيت العدو وإرباكه، وتستخدم لتفادي الأسر.
واستنكر “الجعلي” وجود قنابل القرنيت في أيد أفراد نظاميين داخل المدن والمناطق غير الحربية الأخرى، لجهة أن القرنيت من الأسلحة المحظور استخدامها إلا في حالة الحرب، وفسر العقيد وجود قنابل القرنيت في الآونة الأخيرة بالمدن يرجع إلى الحروب التي خاضها الجيش مؤخرا في مناطق النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، لجهة أن القرنيت لا يعتبر سلاحاً مرجوعاً للمخزن بعد انتهاء الحرب، وأكد العقيد أن قنابل القرنيت يُعطى لأفراد الجيش فقط في الحرب لأنهم تدربوا على كيفية استخدامه، ولكن وجوده عند قوة نظامية أخرى غير الجيش هو خطأ وإهمال أمني.
الرمانة
وقال الخبير أمن معاش “عادل حسن علي” إن قنبلة القرنيت يصرح بها فقط للجنود المقاتلين في ميادين الحرب، وهي سريعة الانفجار بعد نزع صمام أمانها (فتيلة) حيث يسميه الجنود (بالرمانة) وتستخدم في قتال الخنادق أو الأماكن الضيقة في حال توقع الجندي أن هذا المكان به عدو أو في حال كانت المسافة قريبة بينه وبين الأعداء ويسمية الجنود بالرمانة لشكله.
خلل وإهمال أمني
وأضاف “عادل” إن مثل هذه الأسلحة في قانون الجيش تحكمها إجراءات صارمة ومحرم نهائيا التصديق به للمدنيين، ولا يسمح تداوله بين النظاميين إلا في الحرب، والجيش لا يصدق به لأحد نهائياً، ولكن فيما يتعلق بالأحداث الأخيرة من قبل بعض النظاميين الذين فجروا أنفسهم أو الذين هددوا به أو فجروا مناسبات وغيرها احتمالية أنهم تحصلوا عليه في الغالب بسبب مشاركة هؤلاء النظاميين في ميادين الحرب التي اندلعت مؤخراً حيث يعتبر راجع حرب ولم يسلم إلى مخازن الجيش وظلت معهم، ولكن مع ذلك قانون القوات يتخذ إجراءات صارمة جدا حال وجد القرنيت لدى أي فرد، واعتبر وجوده في أيد المواطنين أو النظاميين في غير ميادين الحرب طريقة غير مشروعة يعاقب عليها القانون، ويشكل خطرا جسيما على المدنيين ونتيجة الحصول عليه هي إهمال وخلل أمني.
ضغوط نفسية
وقال خبراء نفسيون حربيون إن في تفسيرهم لحوادث التفجير بالقرنيت أو الانتحار من قبل المقاتلين في القوات المسلحة ينتج عن الضغط النفسي والمعنوي الذي عايشوه في ميادين الحرب، حيث إن أصوات الذخيرة والمدافع والراجمات لها تأثير مباشر على سلوكيات المقاتل، ويمكن لهذا التأثير أن يظل ملازماً له لما بعد انتهاء الحرب والرجوع إلى منازلهم، لا سيما أن قتل النفس حرمته عظيمة، وارجع بعضهم إلى تأثير المخدرات وتعاطيها وضعف الوازع الديني.