الديوان

مراهقة الرجال بعد الأربعين.. إنذار خطر للحياة الزوجية

الخرطوم_ المجهر
كثيراً ما نسمع هذه الأيام عن مراهقة الرجال بعد سن الأربعين، رغم أنها سن النضج التي من المفترض أن توصل الرجل إلى بر الأمان، لكن الغريب في الغالبية العظمى من المجتمعات أن الرجال يراهقون فيشغل بالهم شبابهم في تصرفات قد تعكس مرآة الشباب في عيونهم متغاضين عن خصلات شعرهم الأشيب ومتعللين بأنها وقار ويبررون تجاعيد الزمن على أنها ملامح الخبرة في الحياة .
فلماذا يتجه الرجل للمراهقة بعد الأربعين، وهل هي ظاهرة عامة يعيشها الرجل، وهل تستدعى مراهقة الأربعين أن تعلن المرأة حالة الطوارئ لحماية زوجها ومملكتها الزوجية؟
زوجي مراهق
تقول “منال ط” (40) عاماً لـ”الرسالة ” أنها لم تفكر يوما على مدار عشرين عاماً من زواجها أن سن الأربعين لزوجها ستقلب حياتها رأساً على عقب، وتضيف: بدأ يتذمر من حديثي وطريقة طبخي ومن ملابسي ومن طلباتي حتى من شكوى الأولاد.
وتتابع: أصبح لا يفوت مناسبة إلا ويتحدث فيها حول شبابه الضائع وإنه طيلة العشرين عاماً الماضية أضاع عمره في تفاصيل العمر والحياة دون أن يلتفت إلى شبابه وسعادته وأن الوقت أصبح ملائماً كي يعيش هذا الشباب المهدور وفجأة بدأ يميل إلى جلسات أبناء الحي صغار السن، وشراء الملابس التي لا تليق به عمراً أو مكانة اجتماعية بل وضع نغمة جوال لـ”نانسي عجرم”.
بينما تقول “س. أ” (45) عاماً إن مرحلة ما بعد الأربعين كانت مرحلة حرجة ومتعبة جدا في زواجها خاصة عندما تفاجأت بالتغيير المفرط في طباع زوجها فبدأ يميل إلى متابعة بعض المواقع والأفلام التي لها علاقة بهذا الشأن، إضافة إلى تغير الكثير من تصرفاته مثل معاكسة الفتيات حتى وأنا برفقته، مبرراً ذلك بأنه يرى خارج البيت ما لا يراه داخله، وإنه بحاجة إلى الحُب والدلال بل كثيرا ما كان يهددني بالزواج مرة أخرى، معربةً عن سعادتها بإنتهاء هذه المرحلة الحرجة والمتعبة على خير وجه.
مراهق انترنت
في حين تقول “كريمة ز” (26) عاماً إنها اكتشفت بعد زواجها أن زوجها الخمسيني كان مراهقا عندما تقدم لها، وأن حاجته للزواج كانت نتاج شعور نفسي بأنه أصبح كبير السن والزواج إثبات للجميع بأنه مازال يتمتع بقوة الشباب وعنفوانهم.
أما “أم سائد” (39) عاماً والتي دخل زوجها مراهقته منذ ثلاث سنوات صاحبت دخول الانترنت إلى كل منزل فوجد زوجي مراهقته عبر الانترنت حيث كان يجلس لساعات طويلة قد تصل إلى الليل بكامله، في بداية الأمر اعتقدت أنها حالة طارئة لكن مع الوقت اكتشفت أن زوجي يقضي ساعاته الطويلة مع مراهقات عبر “الشات”، وقد قمت بتخزين هذه المكالمات والتي كان زوجي يصفني فيها بأني امرأة عجوز لا تعي متطلبات حياته وأنه لم يشعر بأيام الزواج بل أن زواجه بي كان قراراً خاطئاً يجب تصحيحه.
مراهقة ثانية
في هذا السياق تقول الاختصاصية الاجتماعية “سعاد العريفي” من مشروع دعم وتأهيل المرأة أن هناك عدة عوامل تساهم في مرور الرجل بمرحلة المراهقة الثانية (المتأخرة) منها ما يتعلق بالرجل ونفسيته، ومنها ما يتعلق بالزوجة وشخصيتها، وتعاملها مع زوجها، واهتمامها بعش الزوجية .
فالرجل في سن الأربعين يريد أن يثبت لنفسه ولكل من حوله أنه مازال قوياً وجذاباً ومؤثراً، وربما هذا ما يفسر ممارسته لتقاليع سن المراهقة المبكرة، وفي أحيان أخرى تحدث مراهقة الأب كرد فعل على مراهقة الابن، حين يراه مفعماً بالشباب فيوقظ شبابه.
وتضيف: يصاب الرجل بما يُسمى بالمراهقة الثانية عندما يشعر بأن الأحلام قد تلاشت ولعل أكثر الأمور التي تصيب الرجل باليأس والإحباط أن يشعر بأن لا جديد يعمله وأن لا أحد بحاجة إلى رعايته.
وتتابع : النساء في معظمهن هن اللائي يدفعن أزواجهن إلى حالة الملل والكآبة التي تجعلهم إلى الهروب من البيت وممارسة مراهقتهم على أشكالها المختلفة فيعتبرن أنفسهن تعدين مرحلة الخصوبة والشباب ويتهمن الزوج بالتصابي، فيرى الزوج زوجته مستسلمة لبوادر الشيخوخة فيبدأ بالبحث عن أخرى.
وتضيف: من أبرز أسباب مراهقة الرجل بعد الأربعين عدم توفر الزوجة الصديقة التي تشاركه أحلامه وهواياته وتوفر له الأمان والاستقرار، علاوة على اقتحام الروتين والملل للحياة الزوجية خاصة بعد الانتهاء من مشاكل تربية الأولاد وخروجهم من منزل الأسرة سواء بالزواج أو للعمل في الخارج فتصاب بعض الزوجات بالاكتئاب، إضافة إلى الأسباب المجتمعية التي يتميز بها المجتمع العربي على وجه الخصوص فقد درج على أن الأربعين عند المرأة سن يأس وبداية النهاية المريرة، وسن الأربعين عند الرجل سن النضوج.
أما أهم الأعراض التي تميز مرحلة المراهقة المتأخرة فهي وبحسب تقرير معلوماتي حول الظاهرة: كثرة التذمر وإكثار الرجل الحديث عن مدى الملل الذي يشعر به، وبعضهم يجد في الزواج مرة أخرى الحل في حين يتخبط البعض في اتخاذ القرارات المهمة أما أكثر أعراض المراهقة المتأخرة وضوحاً إجراء تغييرات جذرية على المظهر الخارجي والبدء بقضاء وقت طويل أمام المرآة والاعتناء بالزينة والهندام بشكل ملفت، ويتصرفون تصرفات المراهقين كمحاولتهم لفت أنظار الجنس الآخر، بارتداء ألوان وملابس ملفتة للانتباه إضافة إلى ميلهم إلى الإسراف في التدخين والسهر.
أزمة منتصف العمر
فيما تؤكد الدراسات أن (25%) من الرجال يعانون من أزمة المراهقة المتأخرة أو كما يطلق عليها (أزمة منتصف العمر) خاصة إذا تزامنت مع وجود خلل في العلاقة الزوجية وعدم الاعتياد على التعامل مع الضغوطات وتجاوز العقبات إضافة إلى عدم التوافق الثقافي والاجتماعي والفكري مع الزوجة واستمرار الزواج لسنوات دون وجود لغة حوار بين الزوجين أو اهتمامات مشتركة فيشعر الرجل بالرغبة في أن يعيش حياته من جديد وقد يساعده على ذلك استقراره المادي فيبدأ بالبحث عن فتاة صغيرة متوهماً الحُب.
الجدير بالذكر أن القرآن الكريم أشار إلى مرحلة منتصف العمر بقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، واعتبر العلماء أن الآية تشير إلى أن هذه المرحلة من عمر الإنسان تحكم على ما تبقى من حياته فإذا لم يستقم في هذا العمر فصلاحه في ما تبقى من عمره احتمال ضعيف.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية