استلمت البنوك التجارية العاملة بالبلاد الفئات الجديدة (100، 200) جنيه، على أن يتم استلام فئة الـ (500) خلال الشهر الجاري، وذلك في إطار خطة الدولة لمعالجة مشكلة السيولة التي ضربت بظلالها السالبة على الأوضاع الاقتصادية وأدت إلى شلل كل القطاعات الإنتاجية، ومن ثم فقد جمهور المتعامل مع البنوك الثقة التامة وباتوا يخزنون أموالهم بالمنازل والمكاتب رغم مخاطر التخزين.
الآن وبعد أن تم ضخ كميات كبيرة من الفئات الكبيرة .. هل ستحل مشكلة لازمت البلاد عاماً كاملاً؟ وهل يا ترى ستتوفر الثقة ما بين العملاء والبنوك في إيداع ما سحبوه من البنوك؟.. فالثقة التي انعدمت لا أظن ستعود قريباً، أو ما بين عشية وضحاها، لأن جمهور المتعاملين عندما يذهبون للبنوك من أجل سحب أموالهم لتغطية تكاليف العلاج مثلا أو عملية تجارية أو حتى الالتزامات الأسرية الصغيرة، فالبنوك لا تفي لهم بذلك وبات الناس يفترشون الأرض أمام الصرافات والبنوك من أجل الحصول على أموالهم التي بخلت البنوك عليهم بها لذلك ليس من السهولة بمكان إعادة هذه الثقة لتبقى الأموال مخزنة بالبيوت باعتبار أن تخزينها بالبيوت تحت أيديهم متى ما احتاجوا إليها سيجدونها وذلك بالرغم من عدم الأمان .. فحتى العاملين بالدولة عانوا ما عانوا من أجل الحصول على مرتباتهم التي يتم صرفها (بالقطاعي).. يذهب للبنك أو الصرافة وينتظر طوال اليوم ليتحصل على مبلغ لا يساوي شيئا أمام احتياجاته، ثم يعود مرة أخرى، وهنا يتعطل العمل ما بين الانتظار أمام البنوك والصرافات، فالتجربة المريرة هذه هي التي جعلت المواطنين يحجمون عن إيداع أموالهم بالبنوك.
ويبقى السؤال قائماً؟ الفئات الكبيرة هل ستنهي مشكلة السيولة وتؤدي إلى إعادة الثقة المفقودة؟، أم أنها ستخزن هي الأخرى باعتبارها سهلة التخزين وبالتالي (كأننا يا زيد لا رحنا ولا جينا)، وكما قال عدد كبير من الاقتصاديين الذين استنطقناهم حول الفئات الكبيرة قالوا (اقتصاديا العُملة الكبيرة تضعف العُملة الصغيرة) بمعنى أن الإقبال سيكون على الكبيرة، وستكون هي المرغوبة وبالتالي تضعف الأوراق الصغيرة، وأكدوا أن الضخ جاء لسد النقص، بمعنى أنها زيادة في النقود بلا إنتاج، حيث كان من المفترض أن تأتي مقابل إنتاج، إلا أنها جاءت بالطباعة من أجل سد النقص في الأوراق النقدية، أيضا أكدوا أنها ستؤدي إلى زيادة التضخم مما يعني ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومن ثم زيادة معاناة المواطنين الأمر الذي يؤكد أن مشكلة شح السيولة ستكون قائمة ولن تحل بطباعة الفئات الكبيرة أو الصغيرة، وهذه نظرية اقتصادية معروفة.. فالطباعة لن تحل المشكلة بل ستعمقها
إذاً الحل يكمن في التركيز على زيادة الإنتاج وتوفير كل المقومات التي تؤدي إلى زيادته، فقد أهملنا القطاعات الإنتاجية بعد ظهور النفط الذي ذهب جله مع الانفصال لم نستفد من عائده في تأهيل البنى التحتية المرتبطة بالإنتاج، لأننا لم نتوقع أن يكون هنالك انفصال يذهب معه النفط.. أيضا نعاني حاليا من مشكلة ندرة أو شح العُملات الأجنبية التي نعتمد عليها من بعد الله سبحانه وتعالى على استيراد السلع الإستراتيجية كالدقيق والأدوية والمواد البترولية، خاصة الجازولين حيث نعاني حاليا من النقص الحاد في (الجازولين) الذي يعتمد عليه في كل العمليات الإنتاجية وفي حركة المواطنين عبر وسيلة المواصلات ويعتمد عليه في توفير الخدمات مثل الكهرباء والمياه وغيرها من القطاعات المرتبطة بالجازولين .. فالاصطفاف أمام طلمبات الخدمة يؤكد ذلك.
نعم رغم هذا الواقع المرير ولكننا متفائلون في أن تحل الفئات الجديدة مشكلة امتدت عام بحاله (فدعونا نتفاءل)..