لم أك أدري أن هنالك أناساً ما زالوا بعقلية المفترض أنها انقرضت وأعني عقلية الشيوخ والدجل والإيمان بالخرافات والعلاجات البلدية العشوائية، ونحن قد خطونا قدماً مع التطور الطبيعي للحياة، ولكل داء دواء حتى وإن كان بأبسط المقومات وتكلفة أقل من تلك الموصى بها من لدن (البلدي)، ما دفعني لهذا الحديث الصورة التي شاهدتها في أحد مجموعات الفيسبوك لطفل في الخامسة من عمره مرفق معه بوست تنويري يزيد تقززك من بلاهة وجهل من وضع الطفل في هكذا صورة بشعة.
كتبت إحداهن على حائط المجموعة إن هذا الطفل يبلغ من العمر خمس سنوات لكن ورغم بلوغه هذا العمر لم يتمكن بعد من الكلام وقد طوفوا به على عدد من المشافي دون فائدة، وأخيراً اهتدوا أو تم إرشادهم لأحد الشيوخ الضالعين في الحل، لكنكم لو تعلمون مكمن الفاجعة لاستأتم وتألمتم حد الألم ، وهذا ما عبرت عنه فعلياً المتداخلات بأن تقيأت في المجموعة سباً وشتماً وتقريعاً على صاحبة البوست وأهل الطفل والشيخ الذي ولشد اغتياظي أقسمت ضمن مداخلتي لو أنني وجدت عنواناً لهذا المدعو شيخ لتقدمت بفتح بلاغ ضده نيابة عن كل مواطن لاسيما أولئك البسطاء الذين يقعون ضحايا لشراك دجله تكسباً.
(2)
الطفل المذكور بحسب البوست يعاني تأخراً في النطق وهو أمر طبيعي تطبيبه في الغالب عند اختصاصي المخ والأعصاب أو عن طريق معلمين متخصصين في هذا الجانب، لكن العلاج الذي خضع له هذا الطفل ضحية الجهل مع أسباب ربما غائبة عنا هو جلوسه تحت يدي شيخ أوسعه حرقاً بظهره ، ولم يترك مساحة إلا وقام بحرقها ، امتنع عن وصفها بالكي، فلا أعتقد أن ما شاهدته محض كي لعلاج ،حد أنني وحال مشاهدتي للصورة اعتقدت أنه ضحية تعذيب من أحدهم، فحلقات الحرق تشي بالتشفي وأن ما استخدم فيها أكبر من الكي بأعقاب السجائر مثلاً.
(3)
أعتقد أن هذه جريمة نكراء بحق هذا الطفل، المتهم الأول فيها ذاك الدجال الشيخ، وهذا بمثابة بلاغ لشرطة أمن المجتمع أو الجهة المسؤولة عن مكافحة الدجل والشعوذة. إذ لابد من تحجيم مثل هؤلاء المشعوذين الذين يكنزون جيوبهم من استغفال هذه الفرائس دون رحمة أو رأفة… لهفي على هذا الطفل وأتمنى أن تلتئم هذه الجروح دون أن تدخله في دوامة علاج آخر منها، ويقيني أنكم تعون دوركم جيداً.
(4)
هاتفني أمس العقيد “محمد علي الحسن الكودابي” المدير السابق لفرع الجنايات بأمن المجتمع ،مشيداً بمقال الأمس (ضحايا التحرش… ولوعة المحاكم) والذي ركزت فيه على ضرورة النأي بالأطفال المعتدى عليهم عن مواجهة المعتدي حفاظاً على نفسياتهم على خلفية إجهاش طفلة مغتصبة بالبكاء حال رؤيتها الجاني..ووعد أنهم وكشرطة ولاية سيهتمون بهذا الأمر، وأوضح أن هذا الإجراء به شق إيجابي وهو إثبات التهمة على المتهم من خلال ردة الفعل، بيد أنه استدرك وعاد للقول بضرورة فصل الطفل في حجرة يفصلها حائط زجاجي والاكتفاء بالإشارة للمتهم من خلفها كما السابق وهو ما سيوجهون به محاكم الأسرة والطفل.
شكراً لكم وأنتم تؤدون واجبكم كاملاً في حفظ الأمن وتعقبون على ما يليكم بصدر رحب وتوضيح ما لزم.