تقارير

بنك الساحل والصحراء في قفص الاتهام

شركتان استولتا على أكثر من (10) ملايين درهم من أموال الدواء

الخرطوم ـ المهدي عبد الباري

أكمل وكيل أول نيابة أمن الدولة، “عبد المحمود عبد الباقي” أمس أمام محكمة جرائم الفساد، تقديم عدد من المستندات المتعلقة بالشركتين اللتين استولتا على أموال الأدوية، بمعاونة بنك شهير، تلاعب وأهمل إهمالاً فاحشاً في الحصة المقتطعة من حصائل الصادر لاستيراد الأدوية البشرية فقط، واستخدمت الشركتان أموال استيراد الأدوية، نقداً أجنبياً، لغير ما خصصت له، في مخالفة واضحة لمنشور وضوابط بنك السودان المركزي.
ومنذ أن بدأ بنك السودان اكتشاف عدد من الشركات، اتضح لاحقاً أنها شركات وهمية، وأخرى مسجلة تلاعبت في أموال استيراد الدواء، تم تكليف لجنة من نيابة أمن الدولة لتقصي الحقائق والتحري عن من دارت شبهات حول ارتكابه مخالفة بخصوص حساب الأدوية.
قرار الحظر
قال المتحري بمحكمة جرائم الفساد، “عبد المحمود” إن بنك السودان المركزي أصدر منشوراً قضى فيه بحظر كل الشركات المخالفة للمنشور والمتلاعبة في النقد الأجنبي المستقطع من حصائل الصادر (10%) والمخصصة لتوريد الأدوية البشرية، بما فيه شركتا المتهمين الأول والثاني في قضية التلاعب بأموال استيراد الأدوية، مشيراً إلى أن الشركتين تقدمتا بموجب طلبات وتوصيات صادرة من المجلس القومي للأدوية والسموم، وفواتير مبدئية لاستيراد الأدوية البشرية عبر بنك شهير (المتهم الثالث)، تحصل المتهمون بموجب ذلك الطلب على ما يفوق (10) ملايين درهم إماراتي ضلوع البنك.
بعد اكتشاف المخالفات تم تكوين لجنة التحري الماثلة أمام المحكمة ممثلة للاتهام للتقصي جيدا عن كل التجاوزات والتحقيق مع المتلاعبين والمتحصلين على الأموال بطريقة غير قانونية من حصة الدواء بالبنوك التجارية، واكتشاف مخالفتها لمنشور البنك المركزي الشاكي العام في البلاغات.
القبض على المتهم الأول
كشف المتحري “عبد المحمود عبد الباقي” لمحكمة جرائم الفساد بالخرطوم، برئاسة القاضي “رافع محمد عبد النور” أمس، بأنه تم القبض على مدير شركة (سمهار العالمية) العاملة في مجال استيراد الكواشف المعملية والمعدات الطبية، واتضح أنها استولت على أكثر من (5) ملايين درهم إماراتي بالنقد الأجنبي، من حساب حصائل الصادر المخصصة لاستيراد الدواء البشري، بينما لا تعمل في مجال الأدوية، واستولت على المبلغ عبر تعاملها مع بنك الساحل والصحراء (المتهم الثالث) في (8) عمليات استيراد، و(18) تحويلة بكل فواتيرها المبدئية، وهي تتعلق باستيراد معدات طبية، وليست أدوية، بالرغم من ذلك لم يستوردها المتهم الأول، رغم استلامه لإيصال بنك السودان، لتخليص البضاعة من الجمارك ولم يسلمها للجمارك، حيث أفاد المتهم في التحريات أن الجمارك لم يسبق أن طالبته بإيصال البنك المركزي أو مطابقة البضاعة المستوردة مع المستندات.
أكد “عبد المحمود” أن كل التحاويل المالية تم صرفها من حساب الأدوية، نفذها بنك الساحل والصحراء، حسب طلب المتهم الأول وتوصيات صادرة من المجلس القومي للأدوية والسموم، استلمتها شركة (بنترا) بأبوظبي المملوكة له، لاستيراد معدات ومستلزمات طبية لا تمثل الدواء.
المتهم الثاني
تم القبض على المتهم الثاني مدير عام شركة (دلما العالمية) التي تأسست في عام 2004 حسب أقواله، وأشار المتحري أن المتهم الثاني قال إن شركته لا علاقة لها بالأدوية، وإنما تعاملت في مجال زراعة القلب بالسودان، حيث إنها استولت على أكثر من (5) ملايين درهم إماراتي، بالصفة المستحقة لها، لأنها لا تعلم أن المبلغ المحول لها بواسطة بنك الساحل والصحراء هو من حساب الأدوية، واتضح في التحريات أن المتهم تقدم بموجب توصية واحدة صادرة من المجلس القومي للأدوية والسموم شامل كل أذوناتها، إلا أنها لم تستورد أية أدوية، وإنما كواشف طبية للتحاليل لم يوردها المتهم، حيث لا توجد شركة مصنعة للدواء حسب ما أوضحته التحريات.
مصرف الساحل والصحراء
وأوضح المتحري أنه بعد اكتشاف المخالفات في الحساب الخاص بالأدوية في مصرف الساحل والصحراء التجاري، تم القبض على المدير العام المتمثل في المتهم الثالث، وقال إن حساب الأدوية الخاص تم الصرف منه لاستيراد الدواء بواسطة عدد من الشركات من بينها الشركتان المتهمتان في البلاغ، ولكن من خلال المراجعة اتضح أن هنالك مخالفات في الحساب، مشيراً إلى أن الخطأ هنا يقع على عاتق الموظفين لعدم مراجعة طلبات العملاء بالرغم من أن الكواشف جزء من الأدوية.
أفاد المتحري أن المتهم الثالث أشار إلى أنه تم تعيينه حديثا مديرا عاما للمصرف ولا علم له بالمخالفات، ولكن المستندات كانت صحيحة وطلب من لجنة التحقيقات إعطائه فرصة لمراجعة موظفيه للتأكد من المخالفة التي ارتكبوها في حساب الأدوية بالمصرف إلا أنه لم يتم إعطاؤه الفرصة، وتم إحالة الملف إلى المحكمة، منوهاً أن المصرف أجرى محاولات مع إدارة المصرف بالخارج، باعتبار أن المصرف بالسودان فرع فقط، وتم التوصل إلى تحويل مبلغ (3) ملايين يورو، وذلك لسد النقص المالي الذي حدث في حساب الأدوية جراء المخالفات في الدعوة.
خلاصة التحريات
نوَّه المتحري “عبد المحمود” أن النيابة خلصت إلى أن المتهمين الأول والثاني مخالفان للمواد الآتية: (26،180،5،6،9) من القانون الجنائي وقانون التعامل بالنقد الأجنبي ولائحة التعامل بالنقد الأجنبي وأن المتهم الثالث يواجه تهماً تحت المواد (177) الفقرة الثانية و(89،26،6،5،9)، من القانون الجنائي المتعلقة بخيانة الأمانة ومخالفة قوانين التعامل ولوائح بالنقد الأجنبي، باعتباره معاوناً للمتهمين نتيجة الإهمال الفاحش وعلم إدارته للأموال المخصصة للدواء بالطريقة السليمة.
غياب الشركات المصنعة
أكد “عبد المحمود” في توضيحه لأسئلة وكيل نيابة أمن الدولة “عبد الرحمن أحمد” أن الحساب الخاص بالأدوية في البنوك التجارية حسب المنشور (5) الصادر من بنك السودان المركزي، لا يتم صرفها إلا لاستيراد الأدوية البشرية فقط، وهي عبارة عن (10%) استقطعها البنك من الموردين والمصدرين لتوفير النقد الأجنبي للدواء، مشيراً أنه لا توجد شركات مصنعة للأدوية حسب المستندات المقدمة بواسطة المتهم الثاني، استثناء في قضية المتهم الأول توجد شركات مصنعة بيد أنها تعمل في مجالات أخرى، منوها إلى أن أية مواد غير الأدوية يتم توفير النقد الأجنبي لها من موردين، المورد الأول موارد المصرف التجاري الذاتية أو موارد العميل نفسه.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية