أخبار

إيقاف حرب

في خطوة مفاجئة أعلن الرئيس “عمر حسن البشير” أمس من مسرح الحرب، وقلب جبال النوبة، عن إيقاف الحرب بإعلان سياسي وإعلان عسكري ، أما الإعلان السياسي فقد وقعه الرئيس أمام حشد جماهيري كبير من ملعب إستاد كادقلي برغبة الحكومة تحقيق السلام، وقدم الرئيس عرضاً بدفع أي ثمن من أجل السلام ، وحينما يفتح الرئيس خزانته ويأمر صرافه بدفع ثمن السلام هذا يعني الاستعداد النفسي للتنازل عن المناصب والمواقع التي يتوق إليها الإخوة حاملو السلاح ، ويقدم الرئيس تعهداً آخر باستكمال الطريق الدائري بالمنطقة الشرقية ، وإعادة إعمار الأرض الخراب ، وزراعة القطن المحور وراثياً، وإعادة الروح للمحالج المتوقفة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وتركيب مصنع لغزل الأقطان في كادقلي لتصحيح خطأ تاريخي ارتكبته حكومة مايو بإنشاء مصنع نسيج لقطن يزرع في جبال النوبة ويغزل في الحصاحيصا بالجزيرة ويعود خيوطاً لينسج في كادقلي.
وعسكرياً أعلن الرئيس “عمر البشير” عن وقف إطلاق النار منذ ليلة أمس، ودون قيد زمني لنهاية الوقوف بمعنى آخر، إيقاف الحرب نهائياً ، وذلك في وجود قادة الجيش السوداني ممثلين في الفريقين “عبد الفتاح البرهان” نائب رئيس الأركان للقوات البرية ، والفريق “الأغبش” نائب رئيس الأركان للتوجيه، واللواء الركن “ياسر العطا” مدير فرع العمليات، وإعلان الرئيس المفاجئ وضع الفريق الحكومي المفاوض أمام مسؤولية تاريخية بسرعة تنفيذ إعلان الرئيس دون تسويف ومماطلة، وهم بعد حديث القائد باستعداده دفع أي ثمن من أجل السلام لا حاجة لهم بالبحث عن تفويض جديد أو أن يخشوا علي مناصبهم ومواقعهم ويؤثرون سلامة الوظيفة بالإياب من جولات التفاوض بمنلوج لن نفاوض فلان لأنه لم يوقع علي إعلان الزمان القديم.
والرئيس في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، يضع عربات عديدة أمام الحصان ليختار مساعديه أيهما أنسب لحصان السباق نحو السلام ، فماذا أنتم فاعلون يا سادة؟.
أمس في كادقلي أثبت الرئيس أنه لاعب لا غنى للمؤتمر الوطني عنه على الأقل للخمس سنوات القادمة، فقد أحدث “البشير” اختراقاً في الجدار السياسي المسدود بإعلانه وقف الحرب من أرض رماد المعارك ومن قلب جبال النوبة، التي خرجت أمس من القرى والفرقان والمدن والوديان والجبال والكراكير بلهجات متعددة، ومطلب وحيد هو السلام، ولم يخيب أمل أهل (كادقلي والدلنج والقوز ودلامي وكلوقي والليري وهيبان والفرشاية والحمادي) في رئيسهم الذي بادلهم حباً بحب وتقديراً بوفاء ، وكان الرجال السود أصحاب القلوب البيضاء قد سدت جحافلهم شمس الثامن والعشرين من يناير، وهم يهتفون في مناسبة امتزجت فيها لمسات الوفاء للشهداء الذين سقطوا في ميادين الدفاع عن البلد بانتفاضة أهل السودان وهم يرفعون شعار (تقعد بس).
بعد إعلان الرئيس وقف الحرب وفتح خزنته لدفع أي ثمن لذلك فالأخوة في الحركة الشعبية بجناحيها “الحلو” و”عقار” مطالبون بدفع ثمن السلام أيضاً والنظر لأشواق الجماهير بعين التقدير والاحترام والتحلي بالمسؤولية الوطنية بإعلان موقف واضح من العرض الذي قدمه الرئيس ، وهو يتحدث بثقة في النفس وفي أبناء جبال النوبة، وقد أعترف “حمدان علي البولاد” في حديث مع الوالي “أنس عمر” الذي جلس مع أهل كادقلي وشرب معهم الشاي والقهوة في السوق بأن الخطاب الذي ألقاه “البشير جديد” روحاً ومضموناً، فهل يقترب قادة الحركة الشعبية خطوة نحو السلام ؟ أم يتعنتون ويتمترسون وراء الأماني السراب؟.
ليت الجميع يقبلون بصدق مع النفس ومع الأهل الذين طحنتهم الحرب ليؤسسوا قاعدة انطلاق جديدة من أجل سودان جديد شكلاً ومضموناً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية