الديوان

(مجانين) في مستشفيات للأمراض العقلية بسبب (الحُب)

تقرير_ رباب الأمين
الحُب حالة مركبة من التعلق بالمحبوب، وفي الوقت ذاته عدم الاطمئنان إلى نتائج تحقق وصول سفينتها إلى بر الأمان، فدنيا الحُب في عالمنا العربي منذ القدم، تتفاوت درجات تواصله بين المأساة في بُعدها التراجيدي، مثل “قيس وليلى” في ما يُعرف برواية مجنون “ليلى”، و”جميل بثينة” في أبعاد حبيهما العذريين، و”عمرو بن ربيعة” في بعد حبه الحسي، فمن جنون مجنون “ليلى” إلى “كثير” صاحب “عزة”، عرف العربي القديم شقاء هجران الحبيبة، وفقاً لمقتضيات عادات القبيلة العربية وأعرافها وتقاليدها.
محبون تطور بهم العشق إلى حالة مرضية، تشكّلت في أمراض نفسية مُختلفة وبعض أمراض جسدية، حيث يمكن أن يؤثر في الجهاز العصبي والهضمي والتنفسي، بسبب الضغط النفسي مثلاً والتوتر العصبي، وبالمعنى العلمي لا يوجد مرض اسمه الحُبُّ، بل ما يمكن أن يُسمى (التبعية العاطفية)، وهي من أنواع إدمان الحُبِّ، مثل مدمن المخدرات، أو مدمن التدخين، أو مدمن الكحول، ومعنى التبعية أن يكون العاشق في حالة إدمان وتبعية كاملة لمعشوقه، فتصبح كل تصرفاته وأحاسيسه وخيالاته وأوهامه، مُختصرة في المعشوق.
قصص من الحياة…
كانا يدرسان بإحدى كليات جامعة الخرطوم، وتحت أشجار (الجميلة ومستحيلة) يجلسان مع أصدقائهم مؤكدين للعامة أنهما (عاشقان) حتى أن بعض من زملائهم يفضلون مناداتهم بـ”قيس وليلي” تقدم لخطبتها ولم يكمل مرحلته الجامعية، سخر أهل الفتاة منه فقرر تركها، عندما سمعت بقرار أهلها ذهبت إلى الجامعة وأمام الجميع رمت نفسها تحت سيارة فدهستها ولكنها نجت من الحادث بيد أنها فقدت (عقلها).
مجنون “حنان”:
الاختيارات المادية وضعت الحُب في متاهات (الخيانة والجنون) فلا أحد يثق في الطرف الآخر ومن يثق يكون مستقبله (مصحة الحالات النفسية) فهذا شاب معروف بإحدى المصحات يردد اسم “حنان” (24) ساعة، وعندما استرجعنا ملفه تبين بأن “حنان” هي محبوبته فتزوجت دون إخباره، فجاء أحد أصدقائه يخبره بأن اليوم زفاف “حنان” فأغمى عليه ومن ذاك الوقت أصبح يردد اسمها..
حالة ثانية لفتاة أصيبت بمرض رجح الأطباء بأنه (اكتئاب حاد) قد يقودها إلى فقدان عقلها بعد رفض خطيبها الرد على مكالماتها الهاتفية التي بلغت نحو (100) مكالمة وهجرها بعد ذلك.
ولم تذعن الفتاة (غضة السنوات والتجربة) لأصوات كثيرين نصحوها بترك خطيبها الذي أصبح يتهرب منها _بحسب تحقيق أجرته (المجهر) ينشر لاحقا_ ولا يرد على مكالماتها الهاتفية، وبدا أنه بحث عن فتاة غيرها ليكمل معها حياته_ خاصة وأنها تجد هاتفه مشغولا طوال أوقات الليل ويرفض الرد عليها، وهو الأمر الذي أدى إلى دخولها في حالة إغماء نقلت على إثرها إلى المستشفى لتكشف الفحوصات عن إصابتها بحالة (اكتئاب حاد) وحذروا من أنه قد يقودها إلى حافة الجنون وفقدان العقل، ورجح الأطباء تعرضها لضغط نفسي لم تقوَ على احتماله، وهو الأمر الذي أسقط في أيدي أهلها الذين علموا بواقعة تهرب خطيبها منها وهجرانه لها.
إدمان لا شفاء منه
أكدت تجارب خلال الكشف على الدماغ أجريت في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وتقول هذه التجارب
في حالة ما إذا وقعت عيون إنسان عاشق متيم من الدرجة الأولى على صورة عشيقة، فإن دماغه يصبح في حالة تشبه حالات تعاطي الكوكايين وعلى العكس من ذلك عندما سحبت صورة المعشوق، حيث تراجعت حالة الدماغ والأعضاء إلى حالتها الطبيعية وكأنما صُب عليها ماءً بارداً من جانبه قام فريق من الباحثين في جامعة تورينجن الألمانية، برئاسة الدكتور “عارف نجيب” بالكشف عن أدمغة مجموعة من النساء التي هجرهن شركائهن قبيل وقت قصير.
النتيجة كانت ملحوظة للعيان وهي أن انفصال هؤلاء النسوة عن شركائهن ترك أثارا على الدماغ لديهن، كما وأدى إلى حدوث تغييرات في الأنسجة تساوي تلك التي تحدث عند ما يصاب المرء بحالة الاكتئاب النفسي.
كما سجلت تغييرات ملحوظة في بؤرة الدماغ المركزية (amuygdala المسؤولة عن تحفيز المشاعر والدوافع) وكذلك في مناطق مهمة أخرى كثيرة في الدماغ.
الاختصاصية النفسية دكتورة “نعمة أحمد” ذكرت في حديثها لـ(المجهر) أن المرض النفسي أنواع منه عقلي ووراثي فالضغوط النفسية للشباب تسبب الكثير من المشاكل منها (الاكتئاب) كذلك أن الحالة العاطفية تدهور الصحة الجسمانية فيكون الشخص في حالة اضطراب غير طبيعي ويؤثر في طريقة اللبس فالأسرة لا تنتبه لحالة (أبنائها) خاصة في مرحلة المراهقة فالمصحة تشهد العديد من الحالات بمختلف مشاكلها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية