{ كما توقعنا من قبل بأن الكيانات السياسية السودانية جميعها أصيبت بفيروسات الصراعات والانقسامات، الصراعات والانقسامات التي أشرنا إليها وضرب أحزابنا في مقتل وفرقت بين قياداتها لم تكن بسبب الاختلاف على مواقف مساندة للحفاظ على حقوق جماهير الحزب بل جميعها جاءت بحثا عن المصالح الذاتية والمكاسب الشخصية عبر سباق وصراع حول كراسي (السُلطة) وغنائم (الثروة) .
{ وتحول الساحة السياسية إلى حلبة كبيرة للصراعات الحزبية التي جعلت الحزب الواحد ينشطر ويتفكك خلال العام الواحد إلى عدد من الأحزاب (وكل حزب بما لديهم فرحون) نعم أنهم فرحون دائما بنصيبهم في المناصب والمكاسب ومبسوطين بإقصائهم للآخر وحتى إذا كان هذا الآخر من بني جلدتهم الحزبية !
{ وكما أكدنا من قبل أن وهج السُلطة وبريق الثروة جعل الكثير من قادة الأحزاب يفجرون في خصومتهم مع (إخوانهم) أو لـ(رفاقهم) أو لـ(أحبابهم) لدرجة وصلت إلى تصفية الحسابات بالشتائم والاستخفاف بل والتشكيك في الذمم والتشفي بكشف كل ماهو مستور ومستخبئ .!!
{ وتأكد تماما بما لا يدع مجالا للشك أن السياسيين المتصارعين داخل وخارج أحزابهم في أول ظهور لهم على شاشة المشهد السياسي ادعوا أنهم أتوا فقط من أجل عيون الشعب وخدمته ورعاية مصالحه والاهتمام بقضاياه والمدافعة عن حقوقه، لكنهم بمجرد أن اعتلوا عرش السُلطة فاجأوا الجميع بإدارة ظهورهم للشعب مركزين اهتمامهم بقضاياهم الخاصة ورعاية مصالحهم ومصالح ذوي القربى والانتماء.
{ مؤخراً طفت على السطح دراما (التمرد الحزبي) وأبطالها الكثير من الشخصيات الحزبية من الذين لمعت أسماؤهم تحت بريق وهج السُلطة وهؤلاء وبسبب إبعادهم أي حرمانهم من استمرارية الجلوس على الكراسي الوزارية والاستشارية وغيرها من المناصب والمكاسب أعلنوا تمردهم وانقلابهم على قياداتهم داخل الحزب، ورفعوا عصا العصيان .(يا فيها يا نقلب سافلها عاليها).
{ من أخطر الأزمات والمحن التي يعاني منها الوساط السياسي الذي ظل يفقد قيم ومبادئ الوطنية والقومية التي اتفق عليها السابقون من خيار السياسيين الوطنيين بمختلف انتماءاتهم وألوانهم الحزبية.
{ وضوح أخير:
{ سبق أن ذكرنا أن (حال الأحزاب المائل) والانقسامات التي ظلت تتكرر في السنوات الأخيرة مشتتة لصفوف كل الأحزاب والحركات السياسية السودانية ومؤدية إلى زلزلتها ثم فكفكتها ينبئ عن خطر قادم .
{ وما يحدث الآن من تفاقم للأزمات الاقتصادية وتصاعدها في أكثر من اتجاه يؤكد بأن زلزال الصراعات الحزبية وصل إلى (الحزب الحاكم) وبصورة خفية وعنيفة ولكن للأسف الشديد ضحايا هذا الصراع العنيف بالتأكيد هم أفراد الشعب السوداني.