تقارير

جولات الرئيس الولائية .. رسائل في أكثر من بريد

في أعقاب الاحتجاجات التي تشهدها البلاد

تقرير ـ هبة محمود سعيد

جولة ولائية جديدة، شد رحالها رئيس الجمهورية، (أمس) إلى ولاية النيل الأبيض، مشاركا في الذكرى السنوية لزيارة الشيخ البرعي لمنطقة الكريدة، ومخاطبا خلالها حشدا جماهيريا من مواطني الولاية. الزيارة وفقا لمصادر مطلعة تأتي ضمن جولات الرئيس الولائية وبرنامجه الجماهيري الذي ابتدره وشمل في وقت سابق كل من ولايتي (الجزيرة) و(جنوب دارفور)، فيما يؤكد حزب المؤتمر الوطني على أن هذه الجولات تأتي لأجل تطمين المشفقين على أوضاع البلاد، والتأكيد على جماهيرية الحزب وشعبية الرئيس في أعقاب التظاهرات والاحتجاجات التي ظلت تشهدها البلاد منذ أكثر من شهر.
رسائل عده ظل يرسلها الرئيس “البشير” عبر خطاباته الجماهيرية مؤخرا، مؤكدا على أن السبيل الوحيد لنيل السُلطة هو صناديق الاقتراع وليس التخريب والدمار، متهما من وصفهم بالخونة والمرتزقة بزعزعة واستقرار أمن البلاد، واتهم خلال خطابه في النيل الأبيض حركة “عبد الواحد نور” بإحداث بلبلة في البلاد، مشيراً إلى ضبط خلايا تابعة لهم كانت تخطط للتخريب في الأحداث الأخيرة، ونفى من جهة أرى تسبب الأجهزة الشرطية في قتل المتظاهرين وقال إن السلاح الذي استخدم في قتل المحتجين لا يملكه الجيش أو الشرطة، وقال إن الطبيب “بابكر” الذي قتل من داخل التظاهرات قتل بسلاح ناري غير موجود لدى الأجهزة الأمنية.
لن نركع إلا لله
ظهور “البشير” في ولاية الجزيرة الشهر الماضي كان هو الأول من نوعه أمام الجماهير، منذ اندلاع المظاهرات في الـ (19) من ديسمبر الماضي، حيث طالب مواطني الولاية بالاتجاه للعمل والإعمار، مؤكدا أن ما تشهده البلاد حاليا ليس سوى مؤامرة خارجية وحصار يفرضه الغرب من أجل أن لا يتقدم السودان، فيما اعتبر أن ما يحدث هو اختبار إلهي، وقال: (ألا إن نصر الله قريب، هذا هو الدرب الذي سار فيه الأنبياء والأولياء، احنا لن ننكسر ولن نركع ولن نطلب إلا من الله الذي يملك خزائن الأرض). في وقت أبدى فيه والي الجزيرة “محمد طاهر ايلا” ترحيبه بزيارة الرئيس، مؤكدا أنها تعزز السند والدعم الذي ظلت تقدمه رئاسة الجمهورية للجزيرة تجاه إحداث نهضة تنموية شاملة في جميع مناطق الولاية، ودعم برنامج نهضة مشروع الجزيرة.
وخلال خطابه الذي ألقاه في مهرجان الرماية العسكرية بمدينة عطبرة قبل نحو أسبوعين، قال الرئيس إن الذين تآمروا على السودان بكل أسف زرعوا في وسطنا بعض العملاء والخونة الذين استطاعوا أن يستغلوا بعض ضعاف النفوس وكسروا وحرقوا وخربوا.

وحدوا الصفوف واستعدوا نسلمكم السُلطة.

ظهور آخر ومختلف “للبشير” كان هو الأقوى من نوعه، شهدته الساحة الخضراء بقلب ولاية الخرطوم، مسرح الاحتجاجات، فظهر “البشير” محاطا بمناصريه ومؤيديه من الأحزاب والمواطنين، خلال مسيرة سلام السودان قبل ما يقارب الأسبوعين، مؤكدا عبرها أن الوصول للسلطة لابد أن يكون من خلال صناديق الاقتراع بانتخابات حرة ونزيهة وشفافة، وقال: (مستعدون أن نقف ونحيي ونسلم السلطة لمن يختاره الشعب، ونوجه رسالة للشباب بأن توحدوا الصفوف وأن تستعدوا حتى نسلمكم السلطة ونحن جاهزون أن نقف انتباه لنسلمكم إياها).
واتهم الرئيس الأعداء والمتربصين بأمن واستقرار السودان بأنهم وراء ما يحدث بالبلاد ويسعون لجعل السودان مثل الدول الأخرى ويصبح مواطنوه لاجئين، وقال: السودان يتمتع بالأمن والاستقرار والسلام، وهو ما دعا اللاجئون من الدول الأخرى الذين ضاقت بهم بلدانهم نتيجة الحروب والنزاعات ليختاروا السودان لتميزه بالأمن والاستقرار والسلام، وأضاف: (رسالة أيضاً إلى من يظن أن الدولة قد انهارت نقول هؤلاء هم الشعب السوداني فنحن خدام وحراس وحماة الشعب السوداني ولم ولن نفرط في ممتلكاته ومكتسباته).
رسالة أخرى وضعها رئيس الجمهورية، في بريد الرافضين للانضمام للحوار الوطني والوثيقة الوطنية، وقال السودان كبير ويسع الجميع وهو بلد يتمتع بالخير والثروة والإمكانيات والإنسان، ولابد أن نقف مع بعضنا البعض وأن نعمل من أجل تحقيق السلام والاستقرار والتنمية). وزاد: (هناك ناس مدورين من الخارج من أعداء السودان).

جنوب دارفور .. تقعد بس
ولاية جنوب دارفور كانت الوجهة الثانية عقب ولاية الجزيرة، لكن خطاب الرئيس بها لم يكن الثاني من نوعه، فقد أعقبته خطابات وتصريحات عدة للرئيس منذ شهر الاحتجاجات، وعلى الرغم من اختلاف الخطاب عن سابقيه إلا أنه يأتي متشابها في أهدافه على عدم إزاحة الحكومة بالتظاهرات، “البشير” اقر خلال خطابه بنيالا بوجود مشكلة اقتصادية معلومة الأسباب، مؤكدا عمل الحكومة على حلها قائلا: توجد مشكلة اقتصادية معروفة أسبابها ونعمل على حلها، لكن الحل ليس بالتدمير والتخريب والحرق، وأضاف: هناك من يريد عدم استقرار السودان، ويريدون استمرار الصراع، ولا يعجبهم الاستقرار في دارفور).
ولاية (جنوب دارفور) تبايع رئيس الجمهورية، وتقول كلمتها عبر واليها “آدم الفكي” الذي قال خلال مخاطبته اللقاء الجماهيري مخاطبا الرئيس قائلا: (كتر خيرك على الزيارة ونقول ليك (تقعد بس)، وقطع بأن الولاية تنعم بالأمن والاستقرار، وقال إن جنوب دارفور متوحدة ومتماسكة خلف رئيس الجمهورية، المشير “عمر البشير”، وأعلن دعمهم للرئيس لما ظل يقدمه لأهل دارفور، وأثنى على موافقته على مبادرة المجتمع بالولاية ودعوته لزيارة الولاية.

توازن المشهد السياسي

وفيما يتحفظ كثيرون على خطابات الرئيس الجماهيرية التي تأتي ردا على موجة الاحتجاجات التظاهرات، مشددين على ضرورة انزال سياسات تتعلق بتخفيض الأسعار وتحسن الأوضاع المعيشية إلى أرض الواقع، يؤكد الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني دكتور “عمر باسان” في حديثه لـ (المجهر) أن جولات الرئيس للولايات تأتي ضمن طمأنة المشفقين على أوضاع البلاد في المقام الأول، ثم تأكيدا على وجود الحزب وشعبية الرئيس، وقال: أي شخص يتابع المشهد السياسي الآن يجد أن كل يومين ثلاثة هناك حركة احتجاجات متصلة، كثير جدا من المشفقين على الأوضاع في السودان سواء كان من الداخل أو من الخارج يسمعون صوت واحد وهو صوت التظاهرات، فكان لابد أن التأكيد على أن الحزب موجود وحلفاءه موجودين وشعبية الرئيس موجودة ومؤسسات الدولة كلها في مكانها وتعمل على تصويب مسارها وتتجاوز أوجه القصور والأخطاء، وزاد: لذلك ستجدين أن الرئيس يخاطب في الجزيرة ويخاطب في الخرطوم وفي دارفور للتأكيد أن من يتحكم في الشارع السوداني ليس صوتا واحدا وهو صوت المعارضة وصوت الاحتجاجات، فكان لابد من إحداث توازن في المشهد السياسي وأنا اعتقد أن الجمهور أكد أنه يسير خلف قيادته ومتمسك بها.
ووفقا للمحلل السياسي “حسن الساعوري” فإن الرد العملي للمتظاهرين من قبل الحكومة هو هذه الجولات، للمقارنة بين شعبية الرئيس وشعبيتهم، قال حتى الآن مافي مظاهرة خرجت في الشارع تعدت الألفين شخص بعكس خطابات الرئيس الحاشدة التي حوت أضعاف المتظاهرين، إلا أنه عاد وأكد في حديثه لـ(المجهر) أن الرسائل والخطابات المقصود بها العالم الخارجي وتوصيل رسالة أن الشعبية مع الرئيس وليست المعارضة.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية