وحيث أن تطبيق الفيسبوك هو الأكثر ارتياداً من مجموع مواقع التواصل الاجتماعي، وحيث أنه يفتح مشروع منافذ حوائطه على الأصدقاء مباشرة، فضلاً عن مجموعاته المتعددة والمتخصصة نجد أن الجميع يبثون خلاله همومهم واجتماعياتهم وقصص حياتهم وعبرها يجد كل ذلك تفاعلاً جيداً ومداخلات حسبما يتطلب الحائط. بيد أن أكثر المنشورات تنصب في عرض مرض أحدهم أو فرد من أسرته أو وفاته طالباً الترحم عليهم أو دعوات الشفاء.
أمس الأول استوقفني منشور لشاب وهو يجلس تحت ماكينة غسيل الكلى وبعد أن حكى تجربته مع المرض والمفعمة بالتفاؤل، استنكر كذلك نظرة الناس إلى مرضه كوصمة. للحق اندهشت جداً لأني لا أعتقد أن المرض من تلكم الأمراض المنفرة.
أيضا وبالرغم من أن مرض السرطان ليس كالايدز أو الكبد الوبائي مثلاً لا في الخصائص والأعراض ولا في أسبابه، فضلاً عن أنه ليس بمعدٍ أو لم يتوصلوا لهذه الفرضية بعد، لكنا نلاحظ تكتم الكثيرين من المصابين عليه ربما خيفة تعامل المجتمع معهم كمرضى الإيدز.
(2)
قبيل فترة شاهدت حلقة بقناة سودانية (24) كانت ضيفاتها ثلاث سيدات أصبن بمرض السرطان وتمت مناقشتهن في عدد من المحاور وقد أجبن عليها بشفافية وإيجابية منقطعة النظير، ولم نمل حديثهن الذي ينم عن وعي. وتطرق النقاش لكيفية تعامل المجتمع معهن، فروت إحداهن قصة مؤلمة لكني قد سمعتها أو ما يشابهها مراراً.
حكت كيف أن خطيبها الذي اصطفته ليناصفها حياتها بحلوها ومرها قد تخلى عنها في أول منعطف وسقط في أول امتحان عندما همت باستئصال ثديها دون مراعاة للظروف الحرجة التي تمر بها، لكنها ألقمته حجراً بردها المفعم بالإيمان وباركت له خطبته التي نكأ بها جرحها وجرحها الجسدي لم يلتئم بعد. وقالت لمقدمة البرنامج إنها أزالته من حياتها بالتزامن مع إزالة ثديها وأبدلها الله زوجاً خيراً منه.
(3)
لكن الشاهد وفي مقابل بعض المتشائمين والمتكتمين من ينظرون للمرض (الإيدز والسرطان) نموذجاً.. نظرة متفائلة مبعثها الثقة بالله، والنفس. وقد أجريت تحقيقاً ذات مرة مع عينة من متعايشي الإيدز فوجدتهم وقد تجاوزوا الأسوياء في الكثير، علماً وعملاً ومهارات ومواهب ينظرون للحياة بعين الرضا. وهذا ما أقرت به واحدة من ضيفات البرنامج، وكيف أنها كثيراً ما تسمع همساً يشي بالتعاطف فلا تلق له بالاً لأنها أحياناً تنسى أنها مريضة. وإن تمشي بين الناس تحدوك الطمأنينة واللامبالاة فهذا في حد ذاته رادع لمن ينظرون لهؤلاء المرضى نظرة خبث أو إحباط.
عافانا الله وإياكم.. اللهم شفاء لا يغادر سقماً لكل المرضى.