تقارير

هل يغادر “هارون” الأبيض بعد ثلاثية الماء والطريق والمشفى؟

"بكري حسن صالح" يفطر بعد صيام طويل عن الكلام في أندرابة

شمال كردفان – يوسف عبد المنان
مشاهد من رحلة النائب الأول لشمال كردفان

في اليوم الثامن من شهر يوليو 2014م، بمدينة بارا صعد الفريق “بكري حسن صالح” على ظهر (كراكة) إيذاناً ببدء تنفيذ المرحلة الأولى لطريق بارا /جبرة الشيخ/ أم درمان.. و(الكراكة) المتهالكة التي تملكها حكومة شمال كردفان كانت من مخلفات مشروع درء الجفاف والتصحر.. أتخذها الوالي “هارون” القادم لتوه من أتون دخان المعارك في جنوب كردفان، إلى أرض الرمال، قد رفع شعارات اعتبرها البعض مستحيلة وهي ثلاثية الماء والطريق من أم درمان حتى الأبيض والمستشفى.. وأمس الأربعاء السادس عشر من يناير 2019م.. لم يصعد الفريق أول “بكري حسن صالح” إلى ظهر (الفراشة) أي الآلة الضخمة التي تنثر الإسفلت.. الأسود على الأرض لأن المسافة البالغة (341) كلم قد طواها الحديد الأصغر.. وتمدد الإسفلت من بارا حتى أم درمان.. وتجف دموع النائب البرلماني “مهدي عبد الرحمن أكرت” التي ذرفها في قبة البرلمان، ووزير المالية “علي محمود حسب الرسول” بواقعيته يرفض تضمين ميزانية لطريق (السافل) أي شمال الكردفاني.. وما بين صباح ذلك اليوم الخريفي في بارا.. ويوم أمس حيث لفحت الرياح الشمالية الباردة وجوه وفد النائب الأول للرئيس لحظة هبوطه من الطائرة المروحية الرئاسية في الأرض الجرداء (أندرابة).. ما بين الأمس واليوم تبدلت أشياء وتغيرت معالم ولاية شمال كردفان.. وأصبحت المسافة ما بين الخرطوم والأبيض فقط (341) كلم بدلاً عن (700) كلم تئن السيارات من وجع الطريق الذي يمر بجبل أولياء.. والدويم والكوة.. والشوال والرقيق والحوطية والجزيرة أبا وصولاً إلى ربك.. وكوستي والوساع وأبو كويكة وسليمة ثم الوساع وتندلتي والغبشة وأم روابة.. والسميح والرهد.. وبنو.. وجبل كردفان وخورطقت وصولاً إلى مدينة الأبيض عاصمة اللالوب.. أما اليوم بعد اكتمال الطريق القومي تبدأ الرحلة من أم درمان ومشروع نادك الزراعي.. وأندرابة ورهد النوبة والكباشي وجبرة الشيخ وأم قرفة.. وجريجخ وبارا.. وحتى مصفاة الأبيض.. وهي واحدة من خوازيق سوء التخطيط!
{ تسليم مفتاح
ضم وفد النائب الأول لتفقد آخر مسارات تنفيذ الطريق المعروف بطريق الصادرات، الوزير بديوان الحكم الاتحادي “حامد ممتاز” (ألفة) الولاة.. ووزير الدولة بالطرق “عادل حمدان دقلو”.. والمدير العام لشركة زادنا “أحمد الشايقي” و”أسامة عثمان” مدير مكتب متابعة شمال كردفان.. والعميد “الصادق” مدير مكتب النائب الأول.. وعند الوصول لإدارية أندرابة.. أعلن المهندس “خالد العربي” المدير المقيم لمشروع الطريق عن اكتمال تنفيذ كل المشروع بتمويل من الحكومة الاتحادية وبخبرات سودانية وسواعد أبناء الوطن.. وتسلم النائب الأول الطريق مكتملاً بعد سنوات من بداية تشييد الطريق لمسافة (37) كلم، أي المسافة ما بين بارا وجبرة الشيخ بواسطة آليات مشروع درء الجفاف وتلك الخطوة وصفها مولانا “هارون” (بقر عين الشيطان) قبل أن يتبنى الفريق “بكري حسن صالح” رعاية والطريق ومتابعة التدفقات المالية لشركة زادنا الوطنية التي بدأت في التنفيذ من منطقة جريجخ حتى جبرة الشيخ بطول (100) كلم.. ولم تتوقف الشرطة رغم تعثر الدفعيات من المالية الاتحادية، وأبرمت حكومة شمال كردفان اتفاقاً مع شركة نادك السعودية لتشييد (28) كلم من مسلخ غناوة بغرب أم درمان وحتى رئاسة المشروع ضمن الالتزامات الاجتماعية نحو السكان في تلك المنطقة.. وقد تنازل سكان محلية جبرة الشيخ ومحلية بارا عن الكثير من حقوقهم.. من أجل الطريق.. لم يطالب أصحاب البلدات الصغيرة.. ولا حتى البيوت التي هدمتها الجرافات لفتح مسار الطريق بتعويضات مالية شأن في ذلك كثير من المواطنين في مناطق أخرى من البلاد.. وفي السادس عشر من يناير 2016م، تم افتتاح المرحلة الأولى بطول (100) كلم وخاطب الفريق “بكري” المواطنين ملتزماً بتمويل الحكومة الاتحادية لبقية قطاعات الطريق.. وضرب وزير الطرق المهندس “مكاوي محمد عوض” وعداً باكتمال الطريق في ذلك العام.. إلا أن شح المال وبوادر الأزمة الاقتصادية قد أجلت اكتمال المشروع وفي الخامس والعشرين من شهر ديسمبر عام 2017م، تفقد النائب الأول قطاع زادنا عند رهد النوبة ومنطقة الحجاب.
{ “بكري” يتحدث
لا يتحدث الفريق “بكري حسن صالح” كثيراً ولكنه حينما يتحدث يملك قدرة على التعبير النظيف من غير عنف لفظي ولا تجاوز للراسخ من التقاليد.. تحدث النائب عن اكتمال الطريق القومي بقوله (حضرنا اليوم آخر كيلو متر من هذا الطريق الذي كان يمثل تحدياً كبيراً، ولكن بفضل عزيمة أهل الولاية وقياداتها ها نحن نجني ثمار ما زرعنا) ومضى للقول إن طريق الصادرات يحقق أهدافاً كبيرة بالربط بين ولايات كردفان وموانئ الصادر.. وعدد النائب الأول مزايا الطريق كمشروع اقتصادي وأثنى على نفير شمال كردفان واستجابة المواطنين بدفع أموالهم.. التي قابلها المركز بمضاعفة أية مبالغ يدفعها المواطنون، وأثنى الفريق “بكري” على أداء شركة زادنا التي نفذت المشروع وقبلت التحدي في ظروف صعبة.. ومن جهته قال مولانا “أحمد هارون” إن الرئيس “عمر البشير” وعد وأوفى بوعده.. ومواطنو شمال كردفان هم وقوداً لشموع الأمل، وأعلن عن افتتاح الرئيس “البشير” للطريق في الأيام القادمة.
{ هل يذهب “هارون” للخرطوم
ربما تتوقف الطائرات المدنية التي تعمل في خط الأبيض الخرطوم في الأيام القادمة بعد انسحاب شركة (نوفا) وخفض عدد رحلات شركة بدر إلى ثلاث رحلات في الأسبوع حيث تأثرت بالافتتاح الجزئي للطريق.. وبعد أن تم اكتمال الطريق أمس يتوقع أن تتوقف حركة الطيران بين الأبيض والخرطوم إلا في الحالات الخاصة، ولكن ماذا تبقى من الشعارات التي رفعها مولانا “أحمد هارون” (موية.. طريق.. مستشفى) تضاعفت كميات المياه من حوض بارا الجوفي لسبع مرات.. وتم حل مشكلة ندرة الماء بالأبيض التي وفرت مشروعات النهضة نحو (95%) من حاجتها للماء وتحسين إيرادات المصادر الجنوبية وتشييد المستشفى القديم وافتتاح مستشفى الضمان.. وتشييد مجمع العمليات، وأمس اكتمل الطريق حتى الكيلو (341) وبذلك بات وجود مولانا “أحمد هارون” في شمال كردفان (محل نظر) وتقدير القيادة السياسية التي تبحث عن كفاءة وقدرات سياسية تضيف إلى المركز بدلاً عن (اعتقالها) في شمال كردفان التي قدم لها مولانا “أحمد هارون” ولم يستبق شيئاً.. وانتهى ربيع أيامه بفرحة الطريق الذي يستحق أن يطلق عليه اسم (طريق الفريق “بكري حسن صالح” للصادرات) وذلك تقديراً ووفاءً لرجل صنع من المستحيل ممكناً.. ولو لم يقف “بكري” مسانداً وموجهاً المال نحو الطريق لوقف في منتصف المسافة مثل كثير من مشروعات التنمية التي أقعدتها الإمكانيات المالية.. وحالت دون اكتمالها.. بطبيعته وأدبه يرفض الفريق “بكري” الحديث عن الذي يقوم به.. ولكن لأهل شمال كردفان كلمتهم ورؤيتهم.. وهم أهل وفاء وتقدير.. فهل يسمى الطريق بالاسم الذي يستحق؟ ولماذا يحتفظ المركز بورقة رابحة مثل “أحمد هارون” في ولاية حلت مشكلاتها الرئيسية ولم يبق إلا القليل من المشروعات الصغيرة؟
{ آخر مشاهد البؤس
تأمل الجميع في مشهد أحد المواطنين سيارته (تتوحل) في رمال أندرابة والنساء يساهمن في (دحرجتها) بعيداً عن الرمال!! وكانت تلك السيارة الصغيرة هي آخر سيارة تتعرض للوحل في الرمال بعد بلوغ الإسفلت أم درمان.. وقد طوى المهندس “خالد العربي” آخر كيلومترات طريق عبر الأودية (أبو حوت والمخنزر وأبو جداد) وصولاً حتى أم درمان وهي أودية تعيق حركة السيارات من وإلى أم درمان، فإن كان صاحب العربة الصالون “أبو عاقلة الكجيك” آخر المتعثرين في الطريق فالتاريخ يحفظ سيرة وقصص عن معاناة سائقي اللواري والشاحنات وهم يغالبون الرمال في الصيف والماء في الخريف.. فمن يغني لطريق الأمل وطريق “بكري” القرب المسافات وقديماً كان للأديب “عبد الله علي إبراهيم” مسرحية تم عرضها في المسرح القومي بعنوان (السكة حديد القربت المسافات) ومسرحية أخرى بعنوان (الغرنوق) فهل نسمع أغنية لطريقنا.. وقد تحسر الفريق “بكري” حينما علم بأن بلبل الغرب “عبد الرحمن عبد الله” قد أقعده المرض عن ترديد أغنية (جدي الريل أبو جزيمة)..

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية