الخرطوم ـ سيف جامع
انهت إثيوبيا المزاعم حول مهددات تواجه انهاء العمل بسد النهضة الكبير، الذي بدأ العمل في تشييده في العام 2011، بتكلفة بلغت (4.8) مليارات دولار، حيث أعلن وزير الطاقة والمياه الإثيوبي، “سلشي بيكيلي” مؤخراً أن بلاده ستبدأ إنتاج الطاقة من سد النهضة الكبير في ديسمبر من العام 2020، وأبلغ الوزير برلمان بلاده أن الإنتاج الأول المستهدف تحقيقه سيبلغ (750) ميجاوات باستخدام توربيناتين، وأوضح “بيكيلي” أن الحكومة الإثيوبية تتوقع أن يدخل السد الخدمة بشكل كامل بنهاية سنة 2022، ويأتي هذا الإعلان غداة توقيع شركة الكهرباء الإثيوبية اتفاقية مع شركة جي إي هيدرو فرانس لتسريع بناء سد النهضة.
وبناءً على الاتفاقية فإن الشركة المقاولة ستعمل أولا على تركيب التوربينتين اللتين صممتا مسبقاً لتوليد الطاقة، إضافة إلى تركيب خمس وحدات لتوليد الطاقة وتنص الاتفاقية على أن الشركة تنتج أيضا وتفتش وتركب التوربينات بتكلفة قدرها (53.9) مليون يورو بالتعاون مع شركة تدعى “كوميليكس” .وفي السياق أعلن وزير المياه والري الإثيوبي “سلشي بقلى” إن مستوى الأداء في الأعمال المدنية لبناء سد النهضة وصل إلى (80%)، بينما وصل أداء الأعمال الكهروميكانيكية (25%).. وأوضح “سلشي” أنه تم شراء تسعة توربينات ومولد للطاقة، حيث إن بعض هذه التوربينات وصلت إلى موقع بناء السد، وبعضها يوجد في الميناء.
وفي السودان الذي يؤيد بشدة قيام السد، قال وكيل وزارة الموارد المائية والري والكهرباء الأسبق في السودان، وعضو اللجنة الوطنية لـ(سد النهضة) “أحمد محمد آدم”، إن السد سيعمل على ضبط جريان النهر، وزيادة الإيرادات، وتوليد الطاقة الكهربائية، وتقليل التبخر، وضبط وتنظيم تصريفات النهر، موضحاً أن التوليد بسد النهضة سيصل إلى (6) آلاف ميقاواط في العام 2022م. وفي المقابل وفقا لخبير مياه سوداني رفض ذكر اسمه أكد أن المعلومات حول السد أصبحت شحيحة، مشيرا إلى أنه قبل سنة كان هنالك تواصل مستمر مع الجانب الإثيوبي، وأضاف: (بيد أن الآن يوجد تعتيم حول المعلومات، وإن الاجتماعات بين الجانبين قلت).
وانطلق بالخرطوم يوم أمس مؤتمر (دبلوماسية المياه) الذي تنظمه كلية الهندسة بجامعة الخرطوم، بمشاركة كل من إثيوبيا ومصر ويوغندا ومجموعة خبراء من اليونسكو وهولندا وجنوب أفريقيا، ويناقش المؤتمر مواضيع تتعلق بمياه النيل ويختتم أعماله (الخميس) القادم، ومن المتوقع أن يخصص المؤتمر جلسة خاصة عن سد النهضة.
وتأتي هذه التطورات بعد أشهر من كشف رئيس الوزراء الإثيوبي عن مشكلات تواجه بناء السد، وارجع ذلك إلى الإدارة الفاشلة للمشروع، وأوضح “آبي أحمد” أنه رصد تأخرا في تنفيذ الجوانب الكهروميكانيكية من جانب هيئة المعادن والهندسة المتعاقد معها مما ادى إلى إبراز الأزمة، وقال رئيس الوزراء حينها إن الإدارة الفاشلة تهدد استكمال السد وفق الخطط الموضوعة، وإن بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير، كان قد تم تخطيطه للانتهاء في (5) سنوات، ولكن لم نتمكن من ذلك بسبب الإدارة الفاشلة للمشروع وخاصة بسبب تدخل شركة ميتيك (شركة تابعة لقوة الدفاع الإثيوبية).
يبدو أن دولة إثيوبيا تسعى إلى بداية إنتاج الكهرباء في السد الإستراتيجي في اقرب وقت ممكن خاصة منذ تولي رئيس الوزراء “أبي أحمد” زمام الأمور في البلاد إذ إنه بعد مجيئه إلى السلطة أسس لجنة لمتابعة سير العمل في السد وتشير تقارير اللجنة إلى أن شركة ميتيك لم تنفذ الاتفاقية بالشكل المطلوب.
(سد النهضة) المثير للجدل هو السابع من نوعه في العالم والأكبر في أفريقيا، والذي وجد تشييده مناهضة من جمهورية مصر العربية، في بعض من بنود إنشائه واستخداماته، حظي باهتمام دولي كبير حيث ذكرت الأسبوع الجاري صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية أن مصر تواجه ما وصفته بفقر مائي بسبب السد العملاق الذي تبنيه إثيوبيا على مجرى نهر النيل الأزرق.
(UP)
وفي تقرير من القاهرة، تورد الصحيفة أن القلق بدأ يزداد في مصر بينما يمضي القادة الإثيوبيون قدما في بناء (سد النهضة) الذي يُعد أكبر منشأة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا وتضيف أن المسؤولين المصريين يخشون أن يعيق السد تدفق المياه من النيل الأزرق إلى بلدهم، خاصة يعد النهر مصدر 80% من مياهها.
ويعد سد النهضة الإثيوبي أو سد الألفية الكبير أحد أكبر الصروح على نهر النيل بمساحة تبلغ (1800) كيلومتر مربع، وبارتفاع (174) متراً، وطاقة تخزينية تصل إلى (74) مليار متر مكعب من مياه الشرب.
السد الذي يقع على الحدود السودانية شمال غربي العاصمة أديس أبابا بنحو (900) كيلومتر، ويُعد أكبر سد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا تكلف نحو (4.7) مليارات دولار، وموّلته جهات إقليمية ودولية.
وفي تتبع لاحداث انشائه نجد انه في أغسطس 2014 تم استئناف المفاوضات وتشكيل لجنة من (12) خبيراً من مصر والسودان وإثيوبيا، لبحث آلية القيام بالدراسات الفنية للسد. ومن سبتمبر 2014 حتى يناير 2015 دارت اجتماعات ومشاورات بين الدول الثلاث حول اختيار المكاتب الاستشارية المعنية بدراسة تأثيرات السد وفي مارس 2015 وقع رؤساء الدول الثلاث «مصر وإثيوبيا والسودان» على إعلان المبادئ في الخرطوم. وفي أبريل 2015 عقد وزراء المياه اجتماعاً في أديس أبابا، وانتهى باختيار المكتب الفرنسي «بي آر إل» لإعداد الدراسات الفنية لسد النهضة، بمساعدة المكتب الهولندي «دلتارس»، لكن في شهر سبتمبر أعلن المكتب الهولندي انسحابه من إجراء الدراسات الفنية لسد النهضة الإثيوبي مع المكتب الفرنسي لأسباب تتعلق بعدم دقة وحيادية الدراسات.
ويؤكد “سيف الدين حمد عبد الله”، عضو لجنة التفاوض بمشروع سد النهضة الإثيوبي، أن التصميم الحالي للسد يتوافق مع المواصفات التي طرحها الجانب السوداني، إن إثيوبيا أخطرت السودان بنيتها في بناء السد قبل الإعلان عنه، في مارس 2011، لافتًا إلى أن الجانب السوداني ظل يراجع الخرط التصميمية الخاصة بالشكل النهائي للسد عاماً كاملاً قبل إبداء الموافقة على إنشائه، بما في ذلك الزيارات الميدانية لموقع السد واصفا جودة السد بالعالية موضحاً أن إثيوبيا خططت لقيام السد قبل أكثر من خمسة عشر عاما، وعلل الحرص الإثيوبي بضرورة بناء السد لكونه الضامن لخروج الدولة الإثيوبية من دائرة الفقر وجدد تأكيده على أن السودان سيجني العديد من الفوائد عقب تشغيل السد داعيا لأن تكون إثيوبيا هي العمق الإستراتيجي لتخزين المياه.