مركز الخاتم عدلان .. محاربة ذكية لصياغة المجتمع بالسوط!!
المرأة في دفتر التاريخ القديم حتى عصر اكتشافات الفضاء ظلت تمثل العنصر الذهبي في خلافة الأرض وتركيبة دوران الطبيعة، فالشاهد أن دورها ومزاياها أكبر من كبسولة الشعارات والأوصاف العميقة التي أطلقت على حدود مستواها وخصائصها ابتداءً من حتشبسوت مروراً بالملكة كيلوباترا حتى أنديرا غاندي ومارغريت تاتشر علاوة على المرأة المجهولة في أي مكان بالعالم.
وفي المسرح السوداني توجد فاطمة أحمد إبراهيم والدكتورة سعاد الفاتح والأستاذة بدرية سليمان والدكتورة فاطمة عبد المحمود والأستاذة إشراقة سيد محمود، مروراً بالأستاذة أروى الربيع والدكتورة ناهد محمد الحسن حتى بائعات الشاي والنساء اللائي في مملكة المنازل والعاملات في المصانع.
ومادامت النساء تحمل تلك الخصائص والمزايا سيما المرأة السودانية فإن مشهد العنف والتضييق والتعسف الذي يطالهن يتنافى مع أبسط مقومات القيم الإنسانية والشهامة الرجولية والنّخوة الأخلاقية المتأصلة في التراث الوطني، فضلاً عن ذلك فإن الإسلام في جوهره دين عدالة وحُرّية وعطف حيث يقول الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم).
لقد ظل المجتمع السوداني يُعاني من قانون النظام العام (1996) فالقانون مواده مطّاطة قابلة للتفسير في اتّجاهات عديدة وبذلك يجد الشخص المُنفّذ السانحة المواتية في عملية التطبيق بالكيفية التي يُريدها ، علاوة على ذلك فإن القانون يصوّر الوسيلة الناجعة لإخضاع المجتمع بأنّها تكمن في استخدام السوط والعين الحمراء حياله.
وها هي السلطة الحاكمة ممثلة في والي الخرطوم ووزيرة الرعاية الاجتماعية يطالبان بمراجعة السلبيات الموجودة في قانون النظام العام الحالي حتى لا تقود تجاوزات الممارسة والتطبيق إلى استفزاز المجتمع نحو مدارك الاحتجاجات والسخط على النظام وفي الذهن قضية المرحومة عوضية عجبنا والمرحومة نادية صابون.
وفي الصورة المقطعية يلتقط مركز الخاتم عدلان الذي يقوده الدكتور الباقر العفيف القفاز وهو يُرسل نداءً قوياً وحيوياً حول صون حقوق المرأة السودانية وإبعادها عن آلية الامتهان والاحتقار ورفض قانون النظام العام بشكله الحالي بل يزحف مركز الخاتم عدلان نحو خطوات ملموسة في تطبيق محاربة ذكية لمحاولات صياغة المجتمع السوداني بالسوط عن طريق التوعية والحملة التثقيفية السليمة انطلاقاً من دوره الإنساني والاجتماعي والتنويري،وفي الوقت ذاته احتراماً للدستور الذي يُطالب بإبراز الرأي الآخر بالوسائل السلمية بعيداً عن دخان الحروب والقتال.
ومهما يكن فإن منهج العنف القانوني والسلطوي المناهض للمرأة في أي مكان وزمان لا يمكن أن يحقق نتائج مثمرة للسلطة التي تُطبّقه بل يكون مثل هذا المسلك بمثابة الطريق المفروش للتغيير الإيجابي واستعادة الكرامة.
وقضية إذلال المرأة وسوقها إلى أشكال الهوان والدونية تتمدد إلى جميع طوائف المجتمع من شباب ورجال وفتيان ومؤسسات أهلية ورسمية.
إن مشروع استهداف المرأة بالأفكار القديمة سوف يتوارى إلى الخلف في نهاية المطاف .. ربما يحقق نجاحاً وقتياً في البدايات .. غير أن النتيجة الحتمية تؤطر إلى الانتصار الباذخ للتعايش مع الواقع الحديث من خلال البصيرة الإنسانية الموغلة في التحضّر والأناقة والمحفوفة بسماحة الدين الإسلامي وتفرد المزاج السوداني.
هكذا يتحرّك مركز الخاتم عدلان في هذا الطريق لرفض صياغة المجتمع بالسوط، فالقضية تتطلب تفجير أسوار الصمت وقدح أنوار الذاكرة، فالإحساس بوجود الخطر على المرأة يعني الاستعداد لمعركة مصيرية تدار بالحكمة والأناءة والشجاعة والعزيمة بمشاركة كل الطوائف والملل والشرائح في الوطن.
في هذا الامتحان العسير .. يكون الفلاح دائماً من نصيب قوة الوعي والمنظمة الاجتماعية الإنسانية التي ترقد في حضن العافية والجمال.. أما الشوفينية العصرية فمهما تدثّرت بأي ثوب لن تلغي المضامين العظيمة.