{ من الكتابات المفيدة وذات القيمة والتي يجب أن يقف عندها المسلمين في زمان الفتن الجهوية والحروب القبلية مقالة كتبها الباحث الشيخ الدكتور “عثمان قدري” أترككم عندها لكي تخرجوا من بين سطورها بالحكمة والعبرة
{ يقول “قدري” : افتخر رجل أمام رسول الله “صلى الله عليه وسلم” على رجل، فقال: أنا ابن فلان، فمن أنت؟ لا أمّ لك، فردّه المعلّم الأول “صلى الله عليه وسلّم” إلى الصواب بطريقة غير مباشرة، إذ روى الحبيب المصطفى قصة مشابهة لقصتهما حدثت أمام النبي موسى “عليه السلام” بين رجلين، فقد فَخَر الرجل الأول بآبائه فقال: أنا ابن فلان بن فلان.. حتى عدّ تسعة آباء، لهم بين يدَيِ الناس في حياتهم المكانةُ الساميةُ غنىً ونسباً ومكانةً.. فمن أنت حتى تطاولني وتكون لي نَدّاً ؟!.
لو انتبه إلى مصير آبائه وأجداده لم يفخر بهم، إنهم كانوا كفـّاراً يعبدون الأصنام ويتخذونها آلهة. والله تعالى يقول لأمثال هؤلاء: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ).. لم يدخل الإيمان قلبَه فدعا بدعوى الجاهلية، وفضّل أهلَ النار – ولو كانوا أجدادَه – على أخيه المسلم، فكان مصيرُه مصيرَهم إذ أوحى الله إلى نبيّه “موسى” أن يقول له: أما أنت أيها المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم، لأن المرء يُحشر مع من أحبّ. وقال الثاني: أنا فلان بن فلان بن الإسلام.. فخر بأبيه الذي رباه على الإسلام، وقطع نسبه قبل أبيه، فلم يفخر بجده الكافر، ولم يعترف به، فلا جامع يجمعه به. أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواهُ… إذا افتخروا بقيسٍ أو تميم.
فأوحى الله إلى نبيّه موسى أن يهنئه بالفوز والنجاح حين قال: أما أنت أيها المنتسب إلى والدك المسلم ودينك العظيم فأنت من أهل الجنّة. تعصّبتَ إلى دينك، وتشرفتَ بالانتساب إليه فأنت منه، وهو منك.
مسند الإمام أحمد جزء 5 ص 128
{ هل يلتقي الكفر بالإيمان والظلام بالضياء في قلب واحد؟! شتّان شتّان، فلن يعلوَ الإنسانُ بنسبه، ويوم القيامة لا ينفعه سوى عمله (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ)
وقال تعالى كذلك (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).