الخرطوم ــ المجهر
شكل العام 1965م عاماً متفرداً في تاريخ الأغنية السودانية، ففي هذا العام تم تصنيف (18) عملاً باعتبارها شكلت الوجدان السوداني وصنفت ضمن عيون الأعمال، التي لا زال صداها في أذهان المستمعين حتى الآن، وكتب (9) شعراء (18) عملاً، تغنى بها (6) فنانين عطروا بها الساحة آنذاك في ظاهرة لم تتكرر حتى اللحظة.
1
قدم الشاعر “بـازرعة” (3) أعمال هي (شجن، لا وحبك، وعاهدتني)، من لونية أغنياته الفنية التي اتسمت بالفجائية على غرار (أنا والنجم والمساء) وغيرها، وحققت هذه الأغنيات الثلاث النجاح الكبير في العام 1965م، وكانت على لسان كل الشباب وأيضاً الشاعر الكبير “إسماعيل حسن”، الذي قدم عملين (خاف من الله، وبعد إيه)، لتنضم لسلسلة الأعمال المسطرة بتاريخ من ذهب، وسط تنافس كبير في ذلك العام بين الشعراء والفنانين والشاعر “محجوب سراج” بعملين بعنوان (الماضي والحاضر، لمسة)، وليعقبه “الحلنقي” بعملين الأول كان (عش معاي الحُب) وتغنى به “صالح الضي”، والثاني (مشي أمرك يا قدر)، تغنى بها “صلاح مصطفى”.
(2)
وتتواصل إبداعات الشعراء في ذلك العام، حيث قدم الشاعر “عثمان خالد” عمل (إلى مسافرة)، تغنى بها الفنان الكبير “حمد الريح”، ثم الشاعر “مصطفى سند” والذي قدم (غالي الحروف، شارع الصبر) تغنى بهما الفنان “صلاح مصطفى”، ثم الشاعر “عبد المنعم عبد الحي”، والذي قدم أغنيتين بعنوان (أوراق الخريف، ناس لالا) تغنى بهما الفنان “عثمان حسين”، أما الشاعر “محمود حسين خضر” قدم عمل (مرة صابر)، تغنى بها “صلاح مصطفى”، ثم الشاعر الكبير “هاشم صديق” والذي ألف عمل (النهاية)، وتغنى به “سيد خليفة”.
(3)
ومن الملاحظات في ذلك العام، أنه شهد انطلاقة قوية ونجومية طاغية لـ”صلاح مصطفى”، والذي تغنى بــ(8) أغنيات من أصل (18)، بجانب أنه امتلك (4) أعمال أخرى، ولكنها لم ترَ النور في ذلك العام، ليفرح بنجاحها في أواخر الستينيات، ولم يكن ذلك العام عام “صلاح” وحيداً، حيث كانت بداية حقيقية لنجومية “عثمان حسين”، ومن المفارقات أنه الوحيد الذي كان تفرغ للغناء من قائمة الــ(6) فنانين، حيث كان الفنان “سيد خليفة” يعمل بشركة موظف علاقات عامة، مستفيداً من شهرته واسمه، أما “صلاح مصطفى” فكان مهندس اتصالات، بينما كان “صالح الضي” نجاراً، فيما برز “محمد وردي” معلماً أما الفنان “حمد الريح” فكان موظفاً بمكتبة جامعة الخرطوم.
(4)
ومن المفارقات أن جزءاً من الأغنيات الـ(18) التي ظهرت في العام 1965م كانت قد سجلت في وقت سابق بالإذاعة، غير أن النجاح لم يحالفها، وعن ذلك العام الذهبي يقول المؤرخ والأستاذ الصحفي “صلاح عبد الحفيظ” لــ(المجهر) إن تلك الفترة شهدت نجاحاً منقطع النظير لأسباب أهمها المنافسة العالية بين الشعراء والفنانين، وأضاف في حديثه بأنه في تلك الفترة كان الفنان السوداني يصل القمم العربية عبر القسم العربي التابع لإذاعة (البي بي سي)، حيث بدأها “سيد خليفة”، وتبعه فيما بعد عدد من الفنانين السودانيين وساعد في ذلك الوجود السوداني بالإذاعة ممثلاً في “الطيب صالح” وغيره كثر.