قصة قانون!
} بدا الرفض واسعاً لقانون الصحافة الذي خرج من أحضان المجلس الوطني وحده بعد إجهاض مسودة مقترحات قانون للصحافة والمطبوعات وضعته لجنة الإعلام بالمؤتمر الوطني.. ربما بدا الأمر مربكاً كيف يتبرأ المؤتمر الوطني من قانون تتم الآن مناقشته في برلمان يسيطر عليه المؤتمر الوطني بنسبة لا تقل عن 98% ؟ وحتى تستبين النقاط وبياض النهار من سواد الليل نحكي بدقة تفاصيل قانون شرعي له أم وأب (للقيط) في الشارع تبرأ منه رئيس اتحاد الصحافيين د. “محي الدين تيتاوي” ود. “إسماعيل حاج موسى” القانوني والقيادي في المؤتمر الوطني، ولم يجد القانون من يدافع عنه إلا (عفاف تاور) رئيس لجنة الإعلام.
} بدأت قصة قانون الصحافة بعد انفصال الجنوب وثار الجدل في أضابير المهنة وكواليس السياسة هل القانون الحالي في حاجة لتعديل أم إلغاء؟ وصدرت توجيهات من الدكتور “نافع علي نافع” نائب رئيس الحزب للبروفيسور “إبراهيم غندور” رئيس لجنة الإعلام بإحالة قانون الصحافة للصحافيين أولاً وأخيراً وشدد د. “نافع” على حق الصحافيين في وضع مسودة لقانون المهنة، وصدرت قرارات بتكوين لجنة داخل المؤتمر الوطني لتعديل أو اقتراح قانون جديد للصحافة، وأسندت للبروفيسور “إسماعيل الحاج موسى” رئاسة اللجنة وضمت في عضويتها د. “تيتاوي”،”الفاتح السيد”، “الجنيد محمد صالح” نائب رئيس اتحاد العمال الحالي، د. “عبد الملك النعيم”، “الصادق الرزيقي”، “رحاب طه محمد أحمد”،”عبد الرحمن إبراهيم”، “صلاح عمر الشيخ”، “مصطفى أبو العزائم”، د. “فتح الرحمن الجعلي”، د. “محمد مصطفى” عضو المجلس الوطني و”آدم إدريس”، وعقدت اللجنة أكثر من عشرين اجتماعاً.
حرصت اللجنة على تلقي مقترحات الصحافيين وقدم اتحاد الصحافيين عشرة تعديلات على القانون، وقدم “النور أحمد النور” رئيس تحرير (الصحافة) حزمة مقترحات، وكذلك “الصادق الرزيقي” و”مصطفى أبو العزائم” و”عادل الباز” و”رحاب طه” و”موسى يعقوب” هؤلاء أهل المهنة الحادبين على مسيرتها، وحضر اجتماعات اللجنة أيضاً وتقدموا بمقترحات مهمة الأساتذة “ميرغني يونس” و”لبابة” و”أحمد الشريف عثمان” و”أسامة عبد الماجد” و”عبد الباسط إدريس” و”الهضيبي يس” من شباب الصحافة ومستقبلها.. وكان الأخ “مالك” روح أمانة الإعلام منسقاً لاجتماعات اللجنة والأستاذ “ياسر يوسف” نائب رئيس لجنة الإعلام بالمؤتمر الوطني يمثل حلقة الوصل بين اللجنة والأمانة السياسية للحزب والقيادة العليا.. ولكن فجأة خرج من عباءة البرلمان قانون للصحافة لا يمثل بطبيعة الحال إلا الجهة التي وضعته وأشرفت عليه وغذت شرايينه بكل القيود والعقوبات الواردة فيه ليغرس القانون بصيغته الحالية نصلاً في جسد الصحافة لقتلها والمشي في جنازتها.
} من الوقائع أعلاه وبحكم مسؤوليتي كمقرر للجنة تعديل القانون يتضح براءة المؤتمر الوطني من القانون (اللقيط) الذي لا يمثل مطلقاً وجهة نظر لجنة الإعلام التي ظل د.”بدر الدين أحمد إبراهيم” حريصاً فيها على الشورى والمضي في ذات درب البروفيسور “إبراهيم غندور” بمد التواصل مع الإعلام والإعلاميين، ولكن جهات في البرلمان من ترزية الشمولية التي سكنت مفاصل الدولة هي من وضعت قانون الصحافة بصيغته الحالية، وتولى الصحافيون حملة مناهضة علناً وجهراً. والآن يواجه القطاع الصحافي امتحان ضمير جديداً.. هل تتصدى الأقلام لمن (استل) سكينه لغرسها في عنق المهنة؟؟ أم توثر الصمت وانتظار نواب المجلس الوطني للدفاع عن الصحافة والإعلام.. لتصبح المهنة في مهب الريح وتحت رحمة السلطة إن شاءت (منحتها) حرية جزئية وإن شاءت (قمعت) صوتها وسلبتها من كل فضيلة ووضعتها في (جيبها) الذي يتسع للكثير من الثعابين؟.