جاء في “صحيح البخاري” عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقول: ((أعوذ بعزَّتك، الذي لا إله إلا أنت، الذي لا يموت، والإنس والجن يموتون))؛ ا. هـ.
وهذه هي سنة الله تعالى في خلقه.. حياة تبدأ وعمر يمتد وحكايات تقص وحكم يؤخذ منها ويتعظ وتاريخ يكتب.. جيل وراء جيل وأمم وراء أمم ثم نهاية الآجال لكل مخلوق وللإنسان ونهايته الدنيوية موعد آخر يعرض له فيه عمله الذي إما يدخله جنان الله أو يرديه (والعياذ بمالك الملك) إلى سحيق جهنم ..
وكما قال – تعالى -: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجنَّة فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185]، وقال – تعالى -: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35].
قال ابن عباس – رضي الله عنهما – في تفسير هذه الآية: “نختبركم بالشدة والرخاء، والصحة والسَّقم، والغنَى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهُدَى والضلال؛ أي: لننظر كيف شكركم وصبركم، ﴿ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾، لا إلى غيرنا فنجازيكم بأعمالكم”؛ ا. هـ.
وأخرج الإمام أحمد – بسند حسن – عن أنس – رضي الله عنه – قال: “لما قالتْ فاطمة ذلك، يعني لما وجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من كرب الموت ما وجد، قالت فاطمة: واكرباه: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((يا بُنَيَّة، إنه قد حضر بأبيك ما ليس الله بتاركٍ منه أحد لموافاة يوم القيامة))؛ (السلسلة الصحيحة: 1738).
وكان الإمام أحمد يقول: “يا دار، تخربين ويموت سكانك”.
وكتب سالم بن عبد الله بن عمر إلى عمر بن عبد العزيز في رسالة له طويلة منها: “أما بعد، فإن الله – تبارك وتعالى – خلق الدنيا لما أراد، وجعل لها مدَّة قصيرة، فكان ما بين أولها إلى آخرها ساعة من النهار، ثم قضى عليها وعلى أهلها الفناء، فقال: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]؛ (حلية الأولياء: 5/284).