حوارات

نائب رئيس غرفة المستوردين د. “حسب الرسول محمد أحمد” في حوار مع (المجهر)

*المبادرة عبرت للولايات ودُشنت بكسلا والجنينة والفاشر ونيالا والنيل الأبيض

* (إيداع) مبادرة شعبية كاملة الدسم، أطلقها القطاع الخاص لإعادة الثقة بين المودعين والمصارف

*البداية كانت بسوق ليبيا والمحطة القادمة وكالات السفر وأسواق بحري وأم درمان ولفة الكلاكلة وأسواق الماشية

* اقترحنا مبادرة للنقد الأجنبي نروج لها الآن بين المغتربين

*إيداع ليست هي الحل النهائي فلابد من معالجات عاجلة لتوفير قدر وافر من الفئات الكبيرة

 حوار ـ رقية أبو شوك

مبادرة (إيداع) التي أطلقها اتحاد عام أصحاب العمل السوداني، ممثلاً في اتحاد الغرف التجارية، والتي نص ميثاقها بأن يتم إيداع الأموال، من قبل رجال الأعمال، الذين كانوا قد أحجموا عن الإيداع، على أن يتم السحب متى ما طلبوا ذلك، هذه المبادرة وجدت إشادة كبيرة من كافة الجهات، لعكسها الحس الوطني الكبير من قبل اتحاد عام أصحاب العمل السوداني، في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي تمثلت في شح السيولة وغيرها من التحديات، كما اعتبرها الكثيرون الطريق الأسرع لحل مشكلة السيولة التي بدأت في فبراير من العام الماضي.

وحتى نقف على هذه المبادرة.. (المجهر) جلست مع نائب رئيس غرفة المستوردين  د. “حسب الرسول محمد أحمد” ليحدثنا عن الأهداف وما سيتم خلال المرحلة بالإضافة إلى أسئلة أخرى .. فكانت هذه الإفادات :

 

* في البدء نهنئكم، كرجال أعمال وأنتم تطلقون مبادرة (إيداع) التي أكدت وقوفكم مع قضايا الوطن، حدثنا عن هذه المبادرة ومن أين نبعت الفكرة؟

مبادرة (إيداع)، مبادرة شعبية كاملة الدسم أطلقها القطاع الخاص في محاولة لإعادة الثقة بين المودعين والمصارف وحثهم وتشجيعهم على توريد أموالهم النقدية للمصارف بعد أن أحجموا عن التوريد وبعد أن قيدت المصارف السحب نسبة لشح السيولة.

فجاءت فكرة (إيداع) من المهندس “يوسف أحمد يوسف” رئيس اتحاد الغرف التجارية، وأطلقها في اجتماع بتاريخ ٢٣/١٢/٢٠١٨ بحضور محافظ بنك السودان المركزي د. “محمد خير الزبير”، ووزير الصناعة والتجارة، ورئيس اتحاد عام أصحاب العمل وسط حضور كبير لمنسوبي اتحاد الغرف التجارية بغرفهم القومية المتخصصة وغرفهم التجارية الولائية.

* ثم ماذا؟

خلص الاجتماع بالتزام من محافظ بنك السودان، بتمكين المودعين من سحب أي مبالغ يتم إبداعها نقداً، كما تمت الدعوة لاجتماع ثانٍ موسع بحضور رؤساء اتحادات أصحاب العمل القطاعية، واتحاد عام أصحاب العمل واتحاد المصارف السودانية وبنك السودان، وعقد الاجتماع باتحاد المصارف يوم الأربعاء ٢٦/١٢/٢٠١٨ ومن ثم خرج الاجتماع بوثيقة تضمن للمودعين الذين يودعون أموالهم نقدا وتمكينهم من سحبها نقدا متى ما أرادوا ذلك، والتزم بنك السودان بأن يكون ضامنا لهذا الاتفاق بين اتحاد عام أصحاب العمل واتحاد المصارف.

* هل كان هنالك ترحيباً كبيراً من قبل منسوبيكم؟

نعم وجدت المبادرة ترحيباً كبيراً في الاجتماع الذي انعقد باتحاد المصارف وشرفه نائب محافظ بنك السودان ورئيس اتحاد المصارف ورئيس اتحاد عام أصحاب العمل ورئيس اتحاد الغرف التجارية ومدراء المصارف ورؤساء اتحادات أصحاب العمل القطاعية والغرف المتخصصة وكثير من المهتمين، ورأي البعض أن يكون التركيز ايضا على جهات مثل (الكهرباء والاتصالات والمياه لتوفير السيولة النقدية لديهم).

*ضربة البداية كانت بسوق ليبيا .. هل تعتقد أن نجاح المبادرة يعود لاختيار المكان؟

القائمون على أمر المبادرة اختاروا أن يكون التدشين الأول للمبادرة يوم الأحد ٣٠/١٢/٢٠١٨ بسوق ليبيا، ولعل اختيارهم للزمان والمكان كان واحدا من أهم أسباب نجاح المبادرة رغم ضيق الزمن، إشارة إلى أن تحديد الزمان والمكان جاء عصر السبت ٢٩/١٢/٢٠١٨ بعد اجتماع للجنة المبادرة باتحاد الغرف التجارية برئاسة المهندس “يوسف أحمد يوسف” راعي المبادرة.

*مادام الحديث عن سوق ليبيا .. حدثنا عن نشأته وتطوره؟

سوق ليبيا واحد من أكبر الأسواق على مستوى السودان نشأ منذ نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات، كان طابعه تقليديا، حين نشأته الأولى  وتغلب عليه الرواكيب وتم ترحيل منسوبيه من المنطقة حول إستاد الهلال حاليا، وكان يُسمى السوق “الوراء الترس” وذلك في عهد “مهدي مصطفى الهادي” الذي رفض منحه تصديقا رسميا لما امتاز به من عشوائية وعدم تنظيم، وفي العام ١٩٧٩م منح المجلس البلدي بأم درمان وكان يرأسه “علي أبرسي” ورقة لكل صاحب محل (راكوبة) نظير خمسة جنيهات، هذه الورقة كانت هي أول إيصال قنن سوق ليبيا مستقبلا. أما خلال الثمانينيات والتسعينيات فقد كان السوق مملوكا لوحدة الأمير، يتم إيجاره بموجب عقود شهرية ولقد بلغ الإيجار الشهري (١٠٠) جنيه في نهاية التسعينيات، وتم تمليك السوق للتجار والمستوردين في العام ٢٠٠٣ تقريبا بواقع الدكان (٢٢٠٠٠) جنيه يدفع منها (١٠٠٠) جنيه نقدا ويتم تقسيط باقي المبلغ لسبع سنوات، الآن وبعد خمسة عشر عاما تضاعفت قيمة العقار والإيجار مئات المرات، وذلك للسمعة  الطيبة التي اكتسبها السوق لحجم وتنوع أنشطته وأسعاره المنخفضة مقارنة بالأسواق الأخرى.

*ماذا عن يوم التدشين الأول؟

اختار القائمون على أمر مبادرة إيداع أن تكون محطتهم الأولى هي سوق ليبيا، وتدافع المستوردون والتجار ولبوا النداء، وتجهيز مبالغهم صبيحة الأحد ٣٠/١٢/٢٠١٨ رغم أن الشكوك كانت تراودهم خوفا من عدم تمكينهم من سحب ما يوردونه من مبالغ، ولكن الالتزام القوي من بنك السودان واتحاد المصارف دفع المودعين بأن يصطفوا، كل يحمل بين يديه جزءاً مما ادخره خلال الفترة الماضية.

*من هم الذين سارعوا؟

بدأت قائمة الشرف من شركة أولاد شندي المتحدة بمبلغ مليون جنيه وسرعان ما تضاعف مبلغ التوريد إلى (2) مليون وثلاثة ملايين إلى أن حطم “حافظ محمد أحمد” الرقم القياسي معلناً التزامه بتوريد خمسة ملايين جنيه عداً نقداً وتواصلت التوريدات.. “سعيد قداله.. عبد الله الفضل.. يحيى آدم مؤمن.. عمر فضل المولى.. الصادق يونس، صديق فضل المولى” وقائمة الشرف تطول.. خمسمائة مليون جنيه نقداً التزام يوم التدشين الأول.. وعندما تحدث السيد “علي أبرسي” أوضح أن سوق ليبيا يستحق أن يُسمى (سوق البلد) لأن ما قام به المستوردون والتجار بسوق ليبيا لا يقوم به إلا أولاد البلد.

*  وتوالت الإيداعات؟

نعم شهدنا يوم الإثنين الثامن من يناير انطلاقة المبادرة من داخل بنك التضامن الإسلامي، ووقفنا على توريدات نقدية لعدد من المستوردين منهم “عبد الرازق علي إدريس وعمر فضل المولى وعبد الله الفضل” وآخرين ولقد أودع “عبد الرازق” مليون جنيه، كما أودع الآخرون مبالغ مقدرة، وأكد المودعون التزامهم ما دامت المصارف عند التزامها بتمكينهم من سحب أموالهم التي سوف يودعونها، وأكدت غرفة المستوردين أن المستوردين عند التزامهم ما دامت المصارف عند التزامها برد أموالهم متى ما طلبوا ذلك. وناشدنا كافة المستوردين والتجار على مستوى السودان بالتدافع لإرجاع أموالهم التي خرجت من المصارف، طالما أن أسباب خروجها والتي تمثلت في تقييدها قد زالت حسب التزام بنك السودان والمصارف، كما ناشدنا بنك السودان بضرورة إصلاح السياسات النقدية والمصرفية حتى لا تتكرر الأزمة بانعدام السيولة مرة أخرى، وتحدث ايضا مدير فرع بنك التضامن الإسلامي فرع سوق ليبيا، وأكد التزامهم بتمكين كل المودعين من سحب أموالهم متى أرادوا ذلك.

*هل التوريدات لا تزال  مستمرة؟

الأربعاء الثاني من يناير الجاري، شهدنا توريدات نقدية لعدد من المستوردين على رأسهم رجل الأعمال “سعيد قدالة” الذي أودع (٥٠٠) ألف جنيه، ووعد بإيداعات أخرى الأيام القادمة، شهدنا ايضا حضور رجل الأعمال “حافظ محمد أحمد” والذي التزم يوم التدشين بإيداع خمسة ملايين جنيه، وعلمنا أنه بدأ في إيداع المبلغ في عدد من المصارف، وحضر التوريد أيضا رجل الأعمال “عبد الرازق علي إدريس” والذي سبق له توريد مليون جنيه، ووعد بفتح حساب في بنك أم درمان الوطني وتوريد مبلغ مماثل، كما أن هنالك آخرين قاموا بتوريدات في فروع أخرى منهم “يحيى آدم مؤمن والصادق يونس” وآخرين.

الحملة ستتواصل الأحد القادم وسيكون التدشين بفرع بنك الثروة الحيوانية سوق ليبيا، وأيضا ستتواصل لتغطي جميع المصارف بسوق ليبيا، وهنا لابد أن نشيد بجميع المصارف بسوق ليبيا لتعاونها وجهدهم الكبير بالاتصال على عملائهم وحثهم على الإيداع وتحملهم لكثير من التحديات.

* ماذا عن موقف المستوردين؟

غرفة المستوردين القومية دفعت بمبادرة إيداع بين شعبها القومية المتخصصة ووجهت  بالعمل على إنجاح المبادرة حتى يرجع النقد الذي خرج من المصارف.

* هل عبرت المبادرة إلى الولايات؟

الآن عبرت المبادرة إلى مختلف ولايات السودان، حيث تم التدشين في كسلا والجنينة والفاشر ونيالا وولاية النيل الأبيض، وبقية الولايات تنتظم صفوفها الآن لتنطلق فيها المبادرة، وكالات السفر بالخرطوم ربما تكون هي المحطة القادمة، وكذلك أسواق بحري وأم درمان ولفة الكلاكلة، وبالنسبة لسوق ليبيا ربما تمتد المبادرة لأسواق الماشية والشيخ أبوزيد وسوق السلام.

* هل هنالك اتجاه لمبادرة بالنقد الأجنبي؟

قدمنا اقتراحاً يوم التدشين الأول لتشمل المبادرة في مرحلتها المقبلة توريد النقد الأجنبي والذي يشمل توريد من داخل السودان وتوريدات للمغتربين، (أودع ١٠٠دولار واستلمها ١٠٠دولار)، وهذه مبادرة تحت الدراسة نروج لها الآن بين المغتربين، وفي حالة انطلاق مبادرة النقد الأجنبي نتوقع انخفاض كبير في أسعار العُملات الأجنبية والتي بدأت في انخفاض ملحوظ منذ الإثنين الماضي.

حدثنا عن الرؤية المستقبلية؟

مبادرة ايداع واحدة من إشراقات القطاع الخاص والذي ظل يقدم المبادرات في مختلف المجالات الإنتاجية والخدمية ويقدم العديد من المشروعات التي تسهم في المسؤولية الاجتماعية وخدمة المجتمع والاقتصاد القومي، كما أن نجاح المبادرة كان واضحاً منذ انطلاقتها الأولى، ومن ثم تواصلت النجاحات بالتدشين بالولايات المختلفة، فالتزام المصارف بتمكين المودعين من سحب مبالغهم التي أودعوها أسهم في إعادة الثقة، الأمر الذي أدى إلى تراجع أسعار الدولار مقابل الجنيه، وهذا الاتجاه سيشجع المودعين بأن تظل أموالهم بالمصارف. كما أن ترتيبات بنك السودان لتوفير فئات كبيرة في النصف الثاني لشهر يناير الحالي يسهم في حل مشكلة السيولة نهائياً.

 

  • ما هي التحديات؟
  • أهم التحديات التي تواجه المبادرة، أن إعادة بناء الثقة بين المودعين والمصارف يحتاج إلى صبر وتضافر الجهود، بين المصارف وتكوينات أصحاب العمل المختلفة، والتحدي الكبير هو استقرار سعر الصرف، وانخفاض التضخم.
  • * قبل أن نختم؟

ما قام به القطاع الخاص   واجب لا يستحق عليه الشكر، فالوضع الطبيعي أن تكون الأموال في المصارف، نأمل أن يعمل بنك السودان ووزارة المالية والمصارف على مراجعة السياسات المالية والنقدية والتمويلية حتى لا تتكرر أزمة السيولة مرة أخرى.

كما أن مبادرة إيداع ليست هي الحل النهائي لمشكلة شح وانعدام السيولة ولكنها محاولة لإعادة الثقة بين المودعين والمصارف والتي نتجت عن شح السيولة، فالحل النهائي يتطلب سياسات مالية ونقدية وتمويلية واقتصادية مرنة تسطصحب جميع التحديات التي تجابه البلاد، ولعل الأمر يتطلب أيضا معالجات عاجلة بتوفير قدر وافر من السيولة من الفئات الكبيرة بصفة خاصة يتناسب مع حجم ونمو الاقتصاد، عليه نناشد جميع المودعين لتوريد ما لديهم من نقد حتى لا يتلف بين أيديهم ويصعب توريده مستقبلا وذلك حتى نسهم في تنشيط عمل المصارف التي تمثل رأس الرمح في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

* وأخيراً؟

نسأل الله أن يكون عام 2019م عاماً تتوفر فيه النقود والوقود والغذاء والدواء.

 

 

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية