رأي

السفير “صلاح أحمد محمد صالح” يا مسافر وناسي هواك أرواحنا وقلوبنا معاك

فجعنا اليوم بنبأ وفاة السفير “صلاح أحمد محمد صالح” بالولايات المتحدة الأمريكية.. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. اللهم أغفر لفقيد البلاد.. الرجل الوقور.. الوطني الغيور على السودان.. الذي قدم فما أبقى.. والذي بقيّ على العهد حتى الرمق الأخير.
لقد سعدت بجيرته وصحبته خلال أربع سنوات بأبراج “عثمان” بالمعادي بالقاهرة.. هو وشريكة حياته الفاضلة “شويكار”.. وقد كان نعم المربي الجليل والمعلم الكبير.. كان كنزاً من كنوز الوطن.. لم نوله التقدير الكافي مع الأسف الشديد.. وقد كنت أسعد عندما يحكي لي عن فترة عمله بالـ(BBC).. وكيف خشي على سمعة السودان عندما علم أن فتى يدعى “الطيّب صالح” قد وصل ليعمل معه في ذات المؤسسة.. وأنه بعد أن تعرف عليه عن قرب واكتشف قدراته اطمأن وهدأت نفسه.. وفي اكتشاف قدرات “الطيّب صالح” – وقد كانا يتشاركان السكن – ذكر لي الراحل “صلاح” (أنه في ذات يوم من الأيام ألقى الطيّب صالح برزمة من الأوراق على الطاولة، وطلب مني قراءتها).. ويواصل الراحل “صلاح” حديثه.. (وفعلاً قرأتها فإذا بها القصة الشهيرة حفنة تمر.. ومن يومها يقول، تنبأت للرجل بشأوٍ عظيم).
كما حكى لي كثيراً عن عمله في بيروت.. ثم في لاهاي لفترتين.. ثم ذكرياته الماتعة في واشنطون العاصمة.
وفي يوم من الأيام اجتمع في جلسة واحدة في دار الفقيد السفير “صلاح أحمد محمد صالح” بالقاهرة، السفير “جلال عتباني” والسفير “عبد المحمود عبد الحليم” والوزير المفوض “خالد الشيخ”.. وكانت فرصة رائعة للتأمل في تعاقب الأجيال، كل جيل يسلم الراية للجيل الذي يليه وهكذا تتكامل التجارب وتتعتق خدمة للسودان.. بل وللإنسانية كلها.. فمثل تراث السفير “صلاح أحمد محمد صالح” تتناقله الأمم وتتشرف به المحافل الدولية.
أما حقيبة الفن فذاك شأن آخر.. لقد أتحفنا بروائع مثل: (يا مسافر وناسي هواك أرواحنا وقلوبنا معاك).. و(مات الهوى).. و(نابك إيه من هواه).. وغيرها الكثير من الأغنيات الخالدة في مسيرة الفن السوداني.. ويكفي أنه صاحب تسمية (حقيبة الفن).
الفقيد من عائلة أمدرمانية شهيرة، مسكونة بحب الوطن، فوالده “أحمد محمد صالح” شاعر سوداني مشهور يعد من رواد شعر الوطنية في السودان، وهو مؤلف نشيد الوطن (نحن جند الله جند الوطن)، وهو أيضاً سياسي بارز اختير عضواً بمجلس السيادة السوداني عند استقلال السودان في العام 1956م.
وشقيقه الراحل “عبد الرحمن أحمد محمد صالح” هرم إذاعي معروف انطلق صوته الجهور من جنبات إذاعة أم درمان، وتلفزيون السودان، فملأ الدنيا إبداعاً وروعة، وكان كمرسال الشوق ينتظره الملايين بفارغ الصبر لمعرفة أخبار البلاد والعباد.
ألا رحم الله السفير “صلاح أحمد محمد صالح” رحمة واسعة وجعل مثواه الجنة، والعزاء لكل الشعب السوداني، ولرفيقة دربه السيدة العظيمة “شويكار”، ولابنه المهندس “أحمد” بالولايات المتحدة الأمريكية، ولشقيقته المكلومة “الطاهرة أحمد محمد صالح”.. ولأخته (كما تقول) الحاجة الفضلى “رحمة أبو العلا” وللسفراء المخضرمين “جلال عتباني” و”عبد المحمود عبد الحليم” ولكافة أعضاء السلك الدبلوماسي السوداني.
(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)

خالد إبراهيم الشيخ – إسطنبول

يـــا مسافر…
كلمات صلاح احمد محمد صالح
يا مسافر وناسي هواك
ارواحنا وقلوبنا معاك
اضناني البعاد والبين
يا روحي الفراق لي متين
قضيت عمري كلو حزين
عايش على ذكراك
عديت انا نجوم الليل
في خدودي الدموع بتسيل
ويالفارقت ارض النيل
يرعاك الله يا ملاك
في عيونك سلاح مشهور
لمعان الخدود بالنور
ننساك اصلو ما معقول
نسلاك اصلو ما معقول
لو ضاعت حياتي فداك
طارين للهوى وعهدو
حافظين بالشهود وعدو
العاشق يدوم سعدو
لو دام يا حبيبي هواك

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية