تقارير

مجلس السلم الأفريقي يقبل مقترح "أمبيكي": (أبيي).. مخاوف العودة إلى مربع الاقتتال!!

ما تزال قضية (أبيي) المتنازع حولها بين السودان وجنوب السودان تراوح مكانها في المفاوضات بين الدولتين، وتمثل (خازوقاً، ومسمار جحا، وكشمير السودان) مثلما يرى البعض، فكلما تقدمت خطوة إلى الأمام عادت وانتكست خطوتين للخلف، وظلت تُرحل كما العادة إلى الأمام من وقت إلى آخر، ما عدّه مراقبون (هروباً إلى الأمام)، بعد أن أقر مجلس السلم والأمن الأفريقي على مستوى السفراء بصعوبة الملف وصعوبة اتخاذ قرار بشأن البت في المنطقة العصية على الحل، وقبل المجلس بمقترح الوسيط الأفريقي “ثامبو أمبيكي” بشأن المنطقة بقيام استفتاء في أكتوبر المقبل، وقرر رفع القضية إلى اجتماعات المجلس على مستوى الرؤساء بالتزامن مع انعقاد القمة الأفريقية العادية للاتحاد الأفريقي مطلع يناير المقبل، الأمر الذي عدّه مراقبون يمثل الخطر القادم والمحدق بالبلاد.. وأكثر ما يخشاه المتابعون أن تجر المنطقة الدولتين إلى نذر حرب جديدة وشاملة والعودة إلى مربع الاقتتال، طالما فشلت التسوية السلمية، وترجيح تبني مجلس الأمن الدولي للقضية وفرض حلوله عن طريق القوة باستخدام الفصل السابع..
وفي خطوة متوقعة، قبل مجلس السلم والأمن الأفريقي في بيانه الختامي بمقترح وضع الحل النهائي لأبيي المقدم بواسطة آلية أبيي في 27 سبتمبر 2012م، ووصف المقترح بالعادل والعملي لإنهاء النزاع بين البلدين. وذكر مجلس السلم والأمن الأفريقي بأن المقترح يأخذ في الاعتبار الاتفاقيات الموجودة التي اتفق عليها الطرفان في وقت سابق، بالإضافة إلى احتياجات ومصالح كل المجموعات على الأرض، وأحال المجلس الحسم النهائي لوضع المنطقة إلى اجتماعه على مستوى رؤساء الدول الأفريقية، الذي سيُعقد على هامش اجتماعات الجلسة العادية لقمة الاتحاد الأفريقي في يناير المقبل،
ولم يتفاءل الكثير من المتابعين بخطوة ترحيل القضية إلى قمة رؤساء القارة الأفريقية المقررة في مطلع يناير المقبل بغرض حسمها سلمياً، طالما أن الاتحاد الأفريقي قبل بتمرير وتبني مقترح الوسيط الأفريقي ورئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى “ثامبو أمبيكي” الذي يشير إلى إجراء استفتاء في المنطقة في أكتوبر من العام 2013م، وإحالته إلى مجلس الأمن الدولي، الذي بدوره سيتبنى فرض حلول ملزمة للطرفين حتى باستخدام الفصل السابع.. ويرى القيادي في قبيلة المسيرية “عبد الله ود أبوك” أن ترحيل القضية إلى قمة الرؤساء يعني تمرير مجلس السلم والأمن الأفريقي للمقترح والهروب بالقضية إلى الأمام، طالما أن مجلس السلم الأفريقي يعدّ منظمة أفريقية تعمل في إطار حل النزاعات الأفريقية، ويذهب إلى أن القضية تم تدويلها تماماً، وأن “أمبيكي” قدم مقترحه الذي أحدث ربكة كبيرة حول القضية، قائلاً: (كان من الأفضل للجنة أمبيكي أن تتعامل مع المقترح وتعدله نحو الحل السلمي)، مبيناً أن رؤساء الدول الأفريقية لا يستطيعون حسم الملف طالما أن هناك جهات خارجية تدخلت و(باعت واشترت في المقترح) قبل أن يتوقع تأثير العامل الخارجي في القضية ويحضر بقوة ويؤثر على الرؤساء الأفارقة أنفسهم، وأن تأثير الدول العظمى على رأسها الولايات المتحدة سيكون تأثيراً كبيراً، وأن الدول الأفريقية ستكون مجرد (ضُل).
وينحو القيادي المسيري “ود أبوك” في حديث لـ(المجهر) باللائمة على الحكومة في تساهلها وتفريطها في القضية، مبيناً أن المقترح يتماشى مع الحكومة، على حد تعبيره، قبل أن يتهم الحكومة بالفشل في معركتها الرئيسية عندما كانت تتفاوض مع الجنوب بوجود الوسيط الأفريقي “ثامبو أمبيكي” تتفاوض بسياسة النفس الطويل لكنها اكتشفت في النهاية نفاد الوقت وكل الوسائل بعد اقتراب الملف من مجلس الأمن الدولي، ويشير القيادي المسيري إلى أن الخطر لا محالة قادم ومحدق بالبلاد، وأن ما تم في مجلس السلم الأفريقي لا يعد كسباً ولا نصراً، بل مزيداً من المعركة، مبيناً أن الأطراف الدولية أضحت تلعب بالقضية بموافقة الحكومة كما يلعب الصبيان بالكرة. ويرى أن الرؤساء الأفارقة أمامهم خيار واحد يكون فيه الحل النهائي للقضية، عبر الرجوع إلى الأطراف السودانية في الشمال والجنوب وعناصر المجتمعات المحلية بتوفير الأمن والاستقرار، وعبر التعايش السلمي، ويقول إنهم ينظرون إلى قمة الرؤساء بريبة وشك (لأننا ملدوغين) من أكثر من جهة حتى من أبناء جلدتنا، لكن في حال الذهاب بالقضية إلى منحى آخر فحينها سنقول ما نؤمن به بعد قرار مجلس الأمن.
ويذهب القيادي في المؤتمر الشعبي والوزير السابق في مقاطعة البحيرات بالجنوب، ومقرر أمانة الجنوب بالمؤتمر الشعبي “أحمد عبد الرازق” في حديث لـ(المجهر) في تحليله حول مآلات وضع المنطقة، يذهب إلى أن هناك عدداً من السيناريوهات المحتملة تجاه القضية، على رأسها جعل المنطقة منطقة تكامل بين الدولتين، وهذا مرفوض من قبل بعض الجهات.. والأمر الآخر، تقسيم المنطقة بموجب اتفاق بين السودان وجنوب السودان، وخاصة بين دينكا نقوك والمسيرية.. والسيناريو الأخير هو تدخل المجتمع الدولي عبر مجلس الأمن الدولي بفرض حلوله بالقوة عن طريق الفصل السابع وضم المنطقة إلى الجنوب، وإلا تبقى المنطقة مثل منطقة حلايب يطول أمد التفاوض حولها، ويرى أن على الدولتين الاستعجال في حسم القضية، التي يمكن أن تعالج في إطارها الاجتماعي. 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية