من المدهش أن السودان في ماضيه وفي وجهه الحديث ومنذ أن انتشر التعليم وزادت مساحة النور والتنوير والمعرفة لم يحدث قط أن كانت العنصرية إحدى أزمات المجتمع المتعايش مع بعضه البعض بقدر ما كانت قضية فارغة المعنى للنخبة المتعلمة، التي وضعتها وصاغتها في مفردات ومعاني ملونة وبراقة ملأت بها فراغها الفكري وحركت بها سكونها الأدبي والفني على نحو مغاير تماماً لواقع الحال بالمجتمع السوداني، الذي نشأ متعايشاً مع بعضه البعض لدرجة برأته تماماً من ممارسة هذه المفردة البغيضة النتنة المنتنة .. وهو أمر انعكس بجلاء في تسامح هذا الشعب طوال حقبه التاريخية المتتالية .. وإن كان المستعمر قد أراد الكيد لهذا البلد من خلال بذر بذور الفتنة بين شماله وجنوبه بقانون المناطق المقفولة وما تلى تلك الحقبة من نشوء التمرد السياسي الأول والثاني .. إلا أن هذا الأمر لم ينسحب بتأثيره قط على مساحة البلاد الجغرافية والديمغرافية الممتدة في بقية أجزائه الأخرى التي ظلت متعايشة على وتيرة لم يعتريها مرض الانقسام المجتمعي على الصيغة المتنازعة المتقاتلة التي تنال من وحدة المجتمع السوداني وتآلفه وتداخله .. ومن المؤسف بحق وبعد كل هذا التاريخ الناصع للتعايش والتداخل الطبيعي يدخل على هذا الفضاء المتعافي ما يعكر هذا الصفاء والتعافي عبر النخب والمتعلمين الذين أفرزتهم التجربة المجتمعية لهذا البلد الكبير وهو أمر يصيب المرء بالاشمئزاز و(القرف) لحد إفراغ جوفه من كل ما فيه ..
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
اللهم أحفظ السودان .. !!
2021-06-12
شاهد أيضاً
إغلاق
-
اللهم أحفظ السودان .. !!2021-06-12