بعد الغياب
منذ أكثر من عامين لم ينعقد مجلس إدارة جامعة الدلنج.. وحال الجامعة التي ولدت على أنقاض وبقايا معهد التربية المقتول عمداً مع بقية معاهد التربية في بخت الرضا وشندي.. حالها مثل حال السودان الذي انقسم إلى بلدين، وكلا البلدين المنقسمين لم ينعما برغد العيش ولا الاستقرار.. وصمتت قعقعة السلاح.. فجامعة الدلنج انقسمت لجامعتين، ولدت جامعة شرق كردفان في أبو جبيهة من رحم الدلنج.. بل مدير جامعة الدلنج السابق البروفيسور “محمد عوض” تم تكليفه وهو جالس في كرسيه بالدلنج بمهمة تأسيس جامعة أخرى، وحينما اكتمل التأسيس حمل حقائبه ورحل للجامعة الوليدة وترك الجامعة القديمة وشأنها .. وبروفيسور “محمد عوض” أكاديمي مثل الساسة في بلادي يتنقلون بين الوزارات مثل الفراشات بين الأزهار.. وخلال العامين الماضيين جرى تعيين مدير جديد لجامعة الدلنج البروفيسور”عثمان عبد الجبار” قادماً من فاشر السلطان.. وفي ظروف اقتصادية قاهرة تعاني منها الجامعة منذ مغادرة مؤسسها البروفيسور “خميس كجو كنده” غاب مجلس الجامعة عنها.. أو غيب لسبب أو آخر.. وشغلت رئيس مجلس الجامعة صراعات السياسة وتقلبات مناخها عن شأن الجامعة بل تقدم رئيس المجلس د. “فيصل حسن إبراهيم” باعتذاره عن المنصب الشرفي، وفي نفسه شيء من العتاب لمدير الجامعة وأعضاء المجلس قبل أن يصبح رئيس مجلس الجامعة د. “فيصل حسن” هو من يقرر في شأن السودان وليس الجامعة وحدها.. ونجحت جهود البروفيسور “عبد الجبار” في عودة د. “فيصل” لرئاسة مجلس الجامعة، والذي دعا لاجتماع ينعقد غداً (الإثنين) بقاعة وزارة التعليم العالي على أمل أن يؤدي المجلس الغائب دوراً جديداً بعد أن فشل في السنوات الماضية في تقديم أية إضافة حقيقية للجامعة التي تعاني مثل كثير من الجامعات الولائية من (اضطرابات) متعددة وتعثر في استقرار العام الدراسي، بل بعض الطلاب تقدموا باستقلالهم وبحثوا عن فرص أخرى بعد أن أصبح خريج الجامعة تمتد سنواته الدراسية لسبعة أعوام وستة أعوام.. بسبب الاضطرابات التي تشهدها الجامعة.. والصراع السياسي وسط الطلاب الذي أقعد بها.. وبالطلاب.
عطفاً على تعالي النبرات الجهوية وسط نخب الجامعة من أبناء المنطقة الذين يعتقدون أنهم أصحاب حقوق مكتسبة أفضليتهم على غيرهم من أبناء وبنات السودان في قيادة (جامعتهم) على حد تعبيرهم، وتلك الروح مع تناقضها وأهداف التعليم العالي إلا أن الخصوصية التي تتردد كثيراً كصفة مرادفة لجغرافية المنطقة تجعل الخيط رفيعاً.. وميزان القسط بين هذا وذاك في حاجة لدقة متناهية من حسن التوظيف..
وفي غضون أيام من الآن يفتتح الرئيس “عمر البشير” في زيارته لجنوب كردفان كلية الطب بمدينة كادقلي، وهي خطوة وإنجاز كبير يحسب للجامعة وللحكومة بإنصاف جنوب كردفان.. ومدينة كادوقلي بصفة خاصة.. وجعلها مركزاً للإشعاع العلمي والمعرفي.. ومجلس جامعة الدلنج كان حريا به عقد جلساته في رئاسة الجامعة بدلاً من الخرطوم.. إن عودة د. “فيصل حسن إبراهيم” لرئاسة مجلس الجامعة تُعد مكسباً كبيراً، وانعقاد مجلس الجامعة في هذا الظرف مكسب آخر من أجل جامعة ينبغي أن تنهض!!