بكل الوضوح

لماذا لم يخرج الشعب يوم (الجمعة)؟

لم تنجح الدعوة التي أطلقها ما سمي بتجمع المهنيين المعارض، إلى التظاهر أمس (الجمعة)، ولم تستجب لها جموع الشعب السوداني، ليس لأن كل المطالب التي طالب بها المواطنون قد تنزلت إلى أرض الواقع، أو لأن الأزمة الاقتصادية قد انفرجت ونعيش الآن في بحبحوحة من العيش، ولكن لأن الشارع السوداني شعر بأن احتجاجاته ومطالبه وخروجه التلقائي الذي عبّر فيه عن رأيه في الحكومة من غير أي توجهات مدفوعة أو أجندة معروفة وغير معروفة، شعر أن هناك من يحاول سرقتها والالتفاف عليها، وكل واحد (كان لابد) في كورنر خرج إلى العلن وبدأ يدق صدره ويصرخ أنا مناضل، وما عارفين مناضلين شنو البنتظروا يقشوا ليهم الدرب وبعدها يبدأوا في الخروج، وبالمناسبة الشارع السوداني يملك من الوعي ما يجعله يعرف من يقف معه في مربع الأزمات ومن الذي ينتظر الأزمات ليخلق منها بطولة، والشعب السوداني حصيف بدرجة أنه اشتم رائحة محاولة احتواء هذه التظاهرات، بل إنه اشتم ما هو أخطر من ذلك، وهي محاولات الإقصاء التي ضربت خيام من يدعون الشارع للاحتجاج بعضهم البعض، وكل طرف وقبل أن تنجض الاحتجاجات وتتحول إلى ثورة، بدأ في تجريم الآخر، وده معانا وداك ما معانا، وزي ديل الذين لم يتفقوا حتى وهم في خندق مواجهة الحكومة وإسقاطها كيف سيتفقون لحكم هذه البلاد، لذلك بالضرورة أن أقول إن توقف التظاهر والاحتجاج لا يعني أن عزيمة الشارع السوداني قد فترت، وأن همته قد قلت، لكنه شعب ذكي ومحترم أوصل رسالته بشكل حضاري رغم أن الحكومة للأسف لم تتعامل معها بشكل حضاري، بدليل القمع غير المبرر لمن نادوا بسلميتها، وهو خطأ كبير ما كان لها أن تقع فيه، لكن بالضرورة أن أقول إن حكومة المؤتمر الوطني دي مرزقة ومحظوظة، لأن دخول قوة غير متفق عليها من الشعب السوداني ومشكوك في نواياها، أخمدت الحماس الذي كان طابع هذه الاحتجاجات ومنح الحكومة فرصة أن تجر أنفاسها وتراجع دفاترها القديمة، وهي فرصة تاريخية يجب على الحكومة أن لا تضيعها وتفرط فيها، وذلك لن يتأتى إلا بمجموعة قرارات إصلاحية حقيقية وعاجلة يطمئن لها المواطن ويشعر بمصداقيتها، بل ويحسها في حراكه اليومي وفي قوت أولاده، يتحسسها في زوال أزماته الأزلية التي أرهقت كاهله وكسرت ضهره، ومثل هذه القرارات تحتاج لإرادة حقيقية ورغبة في تغيير الأوضاع بشكل يحفظ للبلاد استقرارها ويبعد عنها شبح الانزلاق إلى الفوضى إن وقعت في يد هؤلاء المختلفين على أكوام اللحم والكبش لا زال يقف على قدميه.
}كلمة عزيزة
ليست هناك أي مبررات ولا منطق لمنع بعض الأقلام الصحفية من الكتابة، والصحافة ظلت طوال تاريخها تكتب بحبر الحرص على هذه البلاد، تبدي النصح وتقدم النقد الذي يخدم القضايا الوطنية المهمة، ولا أظن أن الصحافة ستواجه الحكومة بحقيقتها أكثر مما فعل رجل الشارع العادي في التظاهرات الأخيرة، لذلك نطالب بفك قيد أقلام الزملاء الذين منعوا عن الكتابة حتى نبني وطناً خالياً من الإقصاء والحجر على الآراء.
}كلمه أعز
اللهم أحمِ بلادنا من الفتن وأجمع أهلها على كلمة سواء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية