فوراوية بشمال دارفور .. أحد معاقل التمرد وراعية صبا الرئيس “إدريس دبي”
تفاصيل زيارة فوق العادة للوالي لترميم ما خربته الحرب
فوراوية – محمد زكريا
(90) دقيقة استغرقت رحلتنا صباح يوم أمس (الخميس) من مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور صوب منطقة أمبرو في أقصى الشمال الغربي للولاية عبر مروحية تابعة لـ(يوناميد)، وكان وصولنا إليها في تمام الساعة العاشرة والنصف بالتمام والكمال، ضم الوفد المتوجه إلى أمبرو ومنه إلى قرية فوراوية التابعة لمحلية كرنوي على الحدود مع دولة تشاد عدداً من مراسلي الصحف والإذاعات القومية بالإضافة إلى شخصي الضعيف، حيث استقل الوفد طائرتين الأولى لوفد المقدمة من صحفيين وإعلاميين ونشطاء المواقع الالكترونية والحراسات الخاصة بالوالي حيث حطت المروحية الرحال في أمبرو بعدها توجه ذات الوفد بالسيارات إلى منطقة فوراوية، فيما استقل وفد الجهاز الحكومي مروحية عسكرية هبطت مباشرة في قرية فوراوية، وضم ذلك الوفد كلاً من والي الولاية “الشريف محمد عباد”، ورئيس المجلس التشريعي “عيسى محمد عبد الله”، ووزير الصحة والتنمية الاجتماعية “مروان التجاني”، وعدداً من القيادات العسكرية بالولاية.
انطباعات
كانت الزيارة بغرض الاحتفال بأعياد الاستقلال المجيد والمشاركة في النفرة الشعبية لتنمية وإعمار قرية فوراوية وجاءت هذه الزيارة وسط متغيرات عدة طرأت على المشهد العام في الولاية والمحلية على وجه الخصوص حيث أنها جاءت بالتزامن مع أعياد الاستقلال المجيد وبعد الاستقرار الأمني الذي شهدته المنطقة وهي تعتبر الزيارة الأولى لمسؤول ولائي كبير إلى القرية التابعة لمحلية كرنوي منذ تأسيسها.
تفاصيل الزيارة التاريخية
في مطار مدينة أمبرو في تمام الساعة العاشرة والنصف كنا على موعد مع مستقبلينا لتقلنا عربات الدفع الرباعي إلى الاتجاه الشمالي الغربي قاصدين قرية فوراوية وبعد عدة دقائق من هبوط المروحية ترجلنا إلى أرضية المدرج وتحرك موكب الوفد الذي يتقدمهم منسق العون الإنساني “إبراهيم أحمد حامد”، ومدير إعلام مكتب الوالي “خالد بخيت” في الاتجاه الشمال الغربي للمدينة على شاكلة (كنفوي) وبعد مضي أكثر من ساعة ونصف من السير في المنحدرات والجبال الصحراوية كان وصولنا إلى قرية فوراوية.
منطقة لم تغشاها الحداثة!!
الزائر إلى قرية فوراوية يجد أن المؤرخين لم يفردوا في كتب التاريخ صفحات كاملة عن القرية وسبب تسميتها وإرثها التاريخي الناصع من النضال ، ولكنها تعتبر الموطن الأساسي للعديد من الأسماء والرموز في البلاد منهم “شريف حريري” و”مني أركو مناوي” و”نهار عثمان نهار” وغيرهم، ولا تزال هذه القرية على بعد (300)كلم في الاتجاه الشمال الغربي من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، لا تزال تختزل في ذاكرتها التاريخية وإرثها القديم سنوات النضال التي مر بها قاطنوها إبان تواجد الرئيس التشادي الحالي “إدريس دبي” الذي ترعرع في ديارها وصحاريها بحيث أنها تتخذ أهميتها نظراً للأحداث الهامة التي شهدتها وما تبعته من تاريخ دارفور إبان الصراع المسلح، إلى جانب كونها أصبحت خلال السنوات الأخيرة تمثل أحد المعاقل الرئيسية للحركات المتمردة بدارفور ، قبل أن تكون واحدة من أكبر القرى الدارفورية اغلب سكانها باتوا هم الداعمون الأساسيون لترشيح البشير في 2020م.
وتتميز المدينة بموقعها الجغرافي وطبيعتها الساحرة التي قد لا تتوفر في غيرها من مدن دارفور إذ أنها تحتضن مختلف التضاريس الجغرافية من جبال شاهقة تنحدر منها سلاسل جبلية والعديد من الأودية والخيران الصغيرة التي ترسم معاً مشهداً طبيعياً ساحراً تتداخل فيها مع الشجيرات الصغيرة الخضراء المتناثرة على جنبات المدينة.
ولعل الناظر للوضع العام في فوراوية يجد أن يد الحداثة والنهضة العمرانية لم تطالها منذ سنوات كما أنها في حاجة لتنفيذ العديد من المشروعات التنموية والخدمية التي انداحت في المحليات الأخرى، الزائر إلى القرية يجد فيها المساكن والمدارس المشيدة بالمواد المحلية القش وغيره والخلاوي العامرة والتي تحمل في بواطنها طيبة أهل المنطقة وسماحتهم.
نداء الوالي لحملة السلاح ..
والي الولاية “الشريف محمد عباد” قال خلال مخاطبته الاحتفال الحاشد الذي أقيم في ساحة بالمنطقة ،إن الصورة الذهنية البائسة في السابق عن مدينة فوراوية تغيرت تماماً عما كانت عليه، وأعلن عن تبرعه بمبلغ مائة مليون جنيه دعماً للنفرة وبشر بـ(2.500) وظيفة للعام 2019 في الولاية يتم التنافس فيهل مقبل الأيام، وأوضح أن من أهم أولويات حكومته في المرحلة المقبلة هي اندياح مشروعات التنمية والخدمات في مختلف أرجاء الولاية خاصة بعد الاستقرار الأمني الذي تحقق، ولفت إلى أن الحروب التي دارت في دارفور هي السبب الرئيسي في إيقاف عجلة التنمية وتوفير الخدمات، مشيراً إلى حملة جمع السلاح التي انتظمت مؤخراً معظم أنحاء الإقليم، داعياً الجميع إلى الاستمرار فيها ، كما دعا “عباد” حاملي السلاح من أبناء المنطقة في الداخل والخارج بالعودة لحضن الوطن والعمل من أجل التنمية والإعمار، وقال: لا نريد يداً تخرب نريد يداً للتنمية والإعمار، مشيداً بمجاهدات أهالي المنطقة في النفرة، مؤكداً الاستعداد الكامل لتوفير كافة معينات الدراسة بالمدارس المختلفة، وقال إن حكومته ملتزمة بسد النقص من المعلمين، موجهاً وزارتي التربية والصحة بالبدء الفوري في إنشاء عدد وحدتين صحيتين في القرية وإجراء دراسة حول نقص المعلمين، وقال ينبغي علينا جميعاً أن نتحمل مسؤوليتنا تجاه التعليم والصحة والخدمات الأخرى..
رئيس المجلس التشريعي “عيسى محمد عبد الله” قال إن معظم محليات الولاية شهدت حراكاً تنموياً وسياسياً وأمنياً منقطع النظير مشيراً إلى أن بعض المحليات الغربية كانت في السابق تمثل معاقل للتمرد بدارفور وذلك نسبة لموقعها الجغرافي والاستراتيجي.
معتمد محلية كرنوي “صالح يحيى أبكر” أشار في حديثه إلى أن أهم مطالبات أهالي فوراوية تتمثل في ضرورة توفير الخدمات الأساسية بجانب شبكة الاتصالات، متعهداً بالعمل في سبيل إيصالها إلى القرية في أقرب وقت ممكن، وأوضح أن النفرة جاءت بفكرة من منظمة الشهيد “آدم ترايو” ثم تطور الأمر حيث استصحبت المحلية بعدها البعد الشعبي، وتمكنوا من خلاله من توفير مبلغ ستة ملايين جنيه سوداني لتنمية وإعمار المنطقة ، لافتاً إلى وجود الكثير من المجهودات التي بذلت في الوحدات الإدارية الأخرى التابعة للمحلية، خاصة فيما يتصل بمشكلة الحصول على المياه الصالحة للشرب والتي تعتبر أيضاً واحدة من أكبر القضايا التي تسعى المحلية لحلها في القريب العاجل، كاشفاً عن إجراء دراسات حديثة في هذا الشأن.
رئيس اللجنة التحضيرية العليا للاحتفال “محجوب أحمد عرجي” ركز في كلمته على الأولويات وعلى رأسها نقص المعلمين في المرحلتين الأساس والثانوي إلى جانب الإجلاس والكتاب المدرسي مجدداً حرص منظمة الشهيد “ترايو” التام في سبيل تجويد وتحسين العملية التعليمية ، وأشار “عرجي” إلى أنه ولأول مرة يزور مسؤول رفيع المنطقة، وقال إنها تفتقر للمعلمين ومدارسها مشيدة بالمواد المحلية .”عرجي” طالب كذلك بضرورة توفير عربة للإسعاف إلى جانب إنشاء دوانكي ومحطات للمياه على طول شريط وادي هور.
الإدارة الأهلية تتفاءل بالزيارة ..
رئيس الإدارة الأهلية بمنطقة دار قلا الشرتاي “آدم صبي التجاني الطيب” دعا في حديثه والي الولاية “الشريف عباد” إلى مضاعفة الجهود لإعادة إعمار ما دمرته الحرب بفوراوية ، مبيناً أن المنطقة تعافت تماماً وخرجت من ركام الحرب والخراب، وأن الجميع بالمنطقة يتطلعون إلى الأمن والسلام والاستقرار، مثمناً جهود حكومة الولاية في ذلك، معرباً عن تفاعله التام بالزيارة التي قال إنها وجدت الاستحسان من قبل المواطنين.