شهادتي لله

الرسالة وصلت .. فليحفظ الله الوطن

(رسالة الاحتجاجات وصلت) ، كما قال القيادي بالمؤتمر الوطني الدكتور “نافع علي نافع” ، واستمرارها بشكل متلاحق ، دون هدى .. وخطة .. وبديل (كفء) (جاهز) و(واضح) يعني نسف الاستقرار والأمن الذي تنعم به بلادنا كلها ، بما فيها ولايات دارفور (الخمس) وجنوب كردفان والنيل الأزرق .
الرسالة وصلت .. الغلاء طاحن .. الأوضاع المعيشية متردية .. صفوف الجازولين ما زالت تمتد لكيلومترات ما يؤثر سلباً على حركة المواصلات العامة وقيمة السلع الاستهلاكية ، وبالتالي المزيد من الأعباء على كاهل المواطن السوداني البسيط الذي صبر لسلطة المؤتمر الوطني أكثر مما صبر لأي نظام سابق حكم البلاد .. عسكرياً كان أم ديمقراطياً ، ويستحق شعبنا العظيم التقدير العملي من الدولة على هذا الصبر الجميل ..تقدير بالفعل .. برخاء المعيشة وتوفر الخدمات لا بالوعود ومعسول الكلام .
لقد وقفنا كصحافة وطنية مستقلة ، مع احتجاجات شعبنا المبررة خلال الأسبوعين الماضيين ، ودعمناها وأبرزناها عناوين على صدر صفحاتنا الأولى ، وخضنا معارك شرسة ضد الحكومتين الحالية والسابقة ، قبل خروج الشعب إلى الشارع بعام كامل . ألم تقرأوا هجومنا المستمر لنحو عام على حكومة الفريق “بكري حسن صالح” ووزير ماليته الفريق “الركابي” وإدارة بنك السودان السابقة يوماً بعد يوم منذ يناير 2018 ؟، ألم تقرأوا مطالباتنا المستمرة بحل الحكومة السابقة حتى تحقق ذلك ، ولكن بعد فوات الأوان ، وانهيار الجنيه السوداني ليبلغ سعر الدولار (أربعين) جنيهاً ، مع الرفع الأرعن لقيمة الدولار الجمركي بنسبة (300%) ، فاستعرت الأسواق ، واشتدت المعاناة ، ولم تعد الضائقة محتملة للجميع ، فقراء وأثرياء . نعم .. بلغت القلوب الحناجر وتأخرت رئاسة الجمهورية كثيراً في اتخاذ القرار المناسب .
ثم جاءت الحكومة الحالية واستبشرنا بها ، رغم أننا كنا ندعو لاختيار أهل الخبرة والكفاءة لقيادتها من أمثال “علي عثمان محمد طه” ، “عوض الجاز” ، “عبد الحليم المتعافي” ، ففي عهودهم التنفيذية لم نشهد طوابير للخبز ولا صفوفاً للجاز ، لكن القيادة رأت رأياً آخر لم تكتمل فيه حلقات الشورى وإجراءات الجرح والتعديل التي ظل الإسلاميون يعملون بها بصرامة وتجرد طيلة العقدين الأولين من عمر السلطة ، فلم تهتز لهم دولة ، ولم تضعف لهم عزيمة ، حتى إذا ما أطل العقد الثالث ، ضاقت دائرة الشورى ، وتضاءلت مساحة الرأي الآخر في مؤسسات القرار ، وانفرد بالقرارات المصيرية المهمة ثلاثة أو أربعة أفراد ، مهما أوتوا من قدرات ومهما توفر لهم من معلومات ، يبقى رأيهم يحتاج إلى تفكر وتدبر وروية . في هذه الفترة صدرت قرارات مفاجئة من شاكلة إغلاق السفارة الإيرانية وطرد السفير ، دون علم وزير الخارجية وقتها البروفيسور “غندور” ، دعك من مشاورته ، حيث خرج مدير مكتب الرئيس الأسبق الفريق “طه عثمان” ليعلن القرار عبر وكالات الأنباء في أكبر عملية تهميش لمؤسسات الدولة ومراكزها السياسية والدبلوماسية والأمنية !! أقول قولي هذا رغم موقفي القديم المعلن الرافض للتمدد الإيراني الشيعي في المنطقة .
لكن غياب وضعف مؤسسات الحزب الحاكم والحكومة أفرز ذلك القرار المتعجل ، وأنتج كل تلك الاهتزازات السياسية ، والأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي أدت في النهاية إلى تهديد الدولة – كل الدولة – بالزوال .. زوال إلى المجهول !!
ورغم ذلك ، فإن شعب السودان الواعي الحصيف يعرف خياراته جيداً .. ويميّز قياداته بوعي .. ولن يقبل بانهيار الدولة وتشريد أبنائه وبناته على حدود دول اللئام ، بينما يترك وطنه نهباً لحركات مسلحة ومجموعات استئصالية انتقامية ، تسعى للإبادة في شوارع الخرطوم على أساس عرقي وجهوي ، تسجن وتقتل على أساس الانتماء السياسي ، كما قال بذلك دعاة الفتنة في الأسافير .
إنه شعب سياسي مُعلِّم .. وحكيم ، وقد مارس السياسة و جرّب الديمقراطيات منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي ، وقتها كانت الشعوب العربية والأفريقية ترزح في ظلام دامس ، لا حق لها في سياسة ولا انتخاب حكومة أو برلمان .
لقد وصلت الرسالة ، وعلى المؤتمر الوطني أن يعي الدرس ، ويقود التغيير ، لتكون انتخابات 2020 الحرة النزيهة .. هي منصة تسليم السلطة للشعب عبر صناديق الاقتراع ، فإن جاءت الانتخابات بالسيد “عبد الواحد نور” مرحباً بعبد الواحد .. و إن جاءت بالسيد “عمر الدقير” مرحباً بسلطة عمر الدقير وحزب المؤتمر السوداني .
حفظ الله بلادنا .. وأدام على شعبنا نعمة الأمن والاستقرار .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية