النيابة العامة بالقضارف كونت لجنة لتقصي الحقائق في عملية قتل المتظاهرين
بلغ عدد القتلى (9) والجرحى (42)
القضارف : سليمان مختار
..
الأحداث التي شهدتها ولاية القضارف، على خلفية الاحتجاجات العنيفة بسبب ارتفاع سعر السلع الاستهلاكية، شهدت سقوط عدد من القتلى والجرحى، حيث اعترفت السُلطات الرسمية بالولاية بسقوط عدد (6) من المواطنين فيما أصيب أكثر من (42) بينهم نظاميون. وظلت تداعيات تلك الأحداث حاضرة في المشهد الاجتماعي والسياسي بقوة عندما سيطرت حالة من الحزن والأسى الذي خيم على وداع المواطنين بالولاية للعام السابق واستقبال العام الجديد، حيث اختفت كافة مظاهر الاحتفالات بوداع العام الماضي كما كان يحدث عند نهاية كل عام وكان ذلك واضحا من خلال الهدوء والسكون الذي ضرب مدن الولاية، بالرغم من اختفاء المظاهر العسكرية، وعودة الحياة إلى طبيعتها المدنية في الوقت الذي أعلن فيه رئيس النيابة الأعلى بولاية القضارف، مولانا “أحمد محمد الحسن” خلال حديثه لـ(المجهر) أن النيابة العامة شرعت في تكوين لجنة لتقصي الحقائق حول الأحداث الأخيرة التي شهدتها الولاية، إن اللجنة معنية بالتقصي حول عمليات القتل، وأضاف إن اللجنة تم تشكيلها من (7) وكلاء نيابة برئاسة وإشراف النيابة العامة، دون إشراك الجهات الأخرى كاشفاً عن شروع اللجنة في تلقي البلاغات من أولياء الدم وأسر الضحايا، وإن عمليات التحري متواصلة وتم أخذ أقوال أولياء الدم بعد فتح (7) بلاغات في المرحلة الأولى تحت المادة (51) ولفت أن اللجنة تعمل بحيادية وشفافية تامة، وكل الإجراءات وعمليات التحري سوف تكون متاحة أمام الرأي العام لتحقيق العدالة وفقاً للقوانين الجنائية ووجه نداءً لجميع أهالي الضحايا لإكمال إجراءاتهم المتعلقة بضحاياهم، بالمقابل كانت وزيرة الصحة والتنمية الاجتماعية بولاية القضارف، “عواطف محمد علي الجعلي” التي كانت تشغل منصب نائبة الوالي في أول ردة فعل رسمي للحكومة حول ضحايا الاحتجاجات بالولاية، قد قالت في تصريحات صحفية سابقة، إن هنالك توجيهات واضحة للقوات النظامية بالولاية بعدم إطلاق النار بالذخيرة الحية على المتظاهرين، إلا بإذن من النيابة العامة أو الجهاز القضائي بالولاية، وأضافت أن شيئا لم يحدث من هذا القبيل، ليفتح حديث الوزيرة الباب أما سؤال من أطلق الرصاص على المتظاهرين؟، ويفتح الباب واسعاً أمام البحث عن الإجوبة لحل لغز إطلاق الرصاص، وإماطة اللثام حول إطلاق الذخيرة الحية، فيما تتسع رقعة التوقعات حيال تعامل حكومة الولاية والأجهزة العدلية والنيابة العامة مع مسببات قضية قتل المحتجين خلال التظاهرات الأخيرة التي شهدتها الولاية كشفت مصادر مسؤولة خلال حديثها (للمجهر) أن الحصيلة الأخيرة لعدد القتلى الذين سقطوا خلال الاحتجاجات التي شهدتها الولاية مؤخراً بلغوا (9) أشخاص، وإن النيابة العامة بالولاية فتحت حتى الآن (7) بلاغات، قام ذوو الشهداء بفتح تلك البلاغات، فيما لم تتلق النيابة بلاغين من أسر شهيدين قتلا أثناء الاحتجاجات تم إسعافهم إلى مدينتي ود مدني والخرطوم، وفارقا الحياة هنالك متأثران بجراحهما، ولفتت المصادر أن أحدهما قتل بواسطة مواطن وإن المواطن نفسه أصيب إصابات كبيرة، تم نقله إلى مدينة ود مدني لتلقي العلاج في أحد مشافيها، وأوضحت المصادر أن معظم البلاغات قيدت تحت المادة (51) في المرحلة الأولى، إن النيابة العامة بدأت في عمليات التحري وتلقي البينات من أولياء الدم، لتحويل البلاغات إلى المادة (130) في حالة توجيه أسر الشهداء الاتهام لأي شخص كان ثبتت التهم عليه، أن عمليات التحري تتم بشفافية وحيادية تامة للتحقيق وفقاً للقانون والمعايير المحلية والدولية، وكشفت المصادر عن ملابسات العثور على آخر شهداء الاحتجاجات الذي عثرت عليه أسرته داخل مشرحة القضارف قبل يومين، وقالت إن الشهيد كان تم تصنيفه خلال عمليات التعرف على شهداء الاحتجاجات بأنه مواطن إثيوبي، وإن القنصلية الإثيوبية جاءت لاستلام جثمانه بيد أن اللجنة طلبت منها إحضار خطاب رسمي، إلا أن وفد القنصلية لم يحضر، ويروي والد الشهيد “مجاهد عبد الله سليمان صالح” قصة عثوره على جثة ابنه الذي لقي حتفه أثناء التظاهرات الأخيرة، نتيجة لإصابته بطلق ناري، قال “عبد الله” إنه ظل يبحث عن ابنه الذي فقده منذ اندلاع التظاهرات لمدة اثني عشر يوماً، ومضى قائلا إن ابنه كان قد تم تشبيه جثته بجثة المتوفين الأجانب التي كانت توجد في ثلاجة المشرحة، بيد أن الجهات الأجنبية قامت باستلام الجثة من المشرحة، وتم تبديل الخدمة بالمشرحة وحدث خلط في الإجراءات جراء تبديل الخدمة وأضاف أنه واصل البحث وعاود المشرحة مرة أخرى حتى تمكن من التعرف على ابنه داخل ثلاجة المشرحة، والذي قال إنه أصيب بطلق ناري في رأسه خلال الأحداث، ونفى أن يكون ابنه قد تعرض للتعذيب، وتابع أنه اطلع على التقرير الطبي لجثة ابنه وعاين جثته، وتأكد بأن وفاته نتيجة لطلق ناري، وختم حديثه بأنه كان يتطلع لمستقبل زاهر لابنه، إلا أن الأقدار خطفته، ترحم على روحه وكافة الشهداء الذين قضوا في الحادثة، وفيما أكد عدد القانونيين بالولاية خلال حديثهم (للمجهر) إلى ضرورة التشدد في معاقبة مرتكبي جرائم إطلاق النار على المتظاهرين، وقال إنه شأن قانوني وحقوقي لا يخضع للمساومات السياسية، التي قالوا إنها تسهم بالالتفاف عن هذه القضية وتقويض مجريات العدالة، وعابوا على حكومة الولاية مقايضة أرواح المواطنين بالممتلكات، وأعلنوا رفضهم استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، وقالوا إنها تتعارض جملة وتفصيلا مع القوانين المحلية والدولية والأعراف الدولية والسودانية، فيما تخوفوا من أن يكون مصير قضية شهداء القضارف من خلال التجارب السابقة مثل مصير قضية شهداء سبتمبر في العام (2013) التي اكتفت فيها السلطات بتقييد البلاغات ضد مجهول، وتعويض أهالي الضحايا من خلال دفع الديات التي رفضها بعضهم، وتبقى جملة من التساؤلات حول قضية ضحايا الاحتجاجات بالقضارف سوف تسهم في تعقيد المشهد السياسي والقانوني بالولاية.