أخبار

القفزة الثانية

حينما اندلعت تظاهرات واحتجاجات سبتمبر 2013م، أثر الزيادات التي أعلنتها الحكومة لأسعار الجازولين والبنزين وألتهب الشارع وسالت الدماء في الطرقات، فكر الدكتور “غازي صلاح الدين العتباني” في القفز من سفينة الإنقاذ التي رأى كثرت ثقوبها.. وظن أنها غارقة لا محالة.. ولا منجاة من غرق السفينة إلا الهبوط على الأرض اليابسة والخلاص بالنفس والتخلي عن الرفاق الذي حارب معهم في دار الهاتف وواقعة غزو الخرطوم.. وأقتسم حلاوة السُلطة لسنوات طويلة رفعته الحركة التي له فيها سهم وفضل رفعته مقاماً علياً.. د.”غازي صلاح الدين” مفكر عميق الرؤية.. قارئ.. مثقف من أهل النظر على قلتهم وكثرت أهل الفعل.. عاد “غازي صلاح الدين” بعد سنوات في صف المعارضة وبعد انقشاع (غمة) سبتمبر (استحى) الرجل من تقديره الخاطئ لمآلات الأوضاع.. وبعد إعلان حوار الوثبة الذي عرف بعد ذلك بالحوار الوطني دخل البرلمان مشاركاً.. جهود بذلها الفريق “بكري حسن صالح” رئيس الوزراء السابق الذي كان حريصاً على إشراك “غازي” وصهره الآخر “مبارك الفاضل المهدي” فرفع الأخير لمقام نائب رئيس الوزراء.. بينما احتفظ “غازي” وحزب الإصلاح الآن بوجود في البرلمان والمجالس التشريعية لتهب رياح الاحتجاجات الأخيرة وينتاب د.”غازي” إحساس بأن الوثبة الجديدة ضرورة (حتمية) للالتحاق بالثوار في (دوار) أو صينية القندول وسط الخرطوم، و”غازي صلاح الدين” يملك كامل الحق ومطلق الحرية في اختيار خياراته وتحديد موقع أقدامه في الأرض اللزجة.. والساحة تغمرها ما أطلق عليه د.”التجاني عبد القادر حامد” الثنائيات المدمرة ويعني بذلك ثنائية (إسلامي علماني) وثنائية (شيعي سُني) وثنائية (عربي زنجي) واعتبر المفكر د.”التجاني” تلك الثنائيات هي من أقعد بالوطن وعمق جراحاته.. وأورثه ما هو فيه الآن!! ود.”غازي صلاح الدين” قفز مرة أخرى من سفينة الحوار.. وأحزاب التوافق السياسي.. واتفاق قاعة الصداقة، واختار الخروج على ما وقعه من عهد مع المؤتمر الوطني ومع أحزاب بلغ عددها مائة حزب وحركة كانت مسلحة ووضعت البندقية.. ورأى “غازي صلاح الدين” جموع الشباب المتظاهرين في صينية القندول وقدر سقوط الإنقاذ.. ولم ينتظر مصيره مع الرفاق مرة أخرى، وقال إنه قرر الانضمام لثورة الشعب، ولكن كيف نظرت القوى التي تقود الاحتجاجات للخطوة التي أقبل عليها د.”غازي صلاح الدين”؟
حزب البعث العربي الاشتراكي أصدر بياناً حذر فيه بلغة صريحة من خطورة ما أسماهم (بالانتهازيين) الساعين للإجهاز على ثورة الشعب.. وطالب بصد الإسلاميين من الدخول في المستقبل الذي يتشكل الآن بالفعل الثوري؟ الأسافير ألهبت ظهر “غازي” و”مبارك الفاضل” نقداً وتسفيهاً.. واعتبروهم يبحثون عن طوق نجاة.. بعض من قادة حزب المؤتمر الوطني طالبوا بالترحيب بهم وإشراكهم ظاهرياً في اللجان التي تقود التظاهرات على أن ينتهي دورهم بسقوط النظام؟ تلك هي رؤية القوى التي يحلم “غازي صلاح الدين” بالانتفاع سياسياً من كسبها ويمد يده لها وهي تخفي سكينها وراء ظهرها لأن الثنائية المدمرة على قول د.”التجاني عبد القادر حامد” تحملها على رفض “غازي” و”مبارك الفاضل” ولو أقسموا بالولاء لهؤلاء (السادة)!!

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية