فتح التمويل العقاري وفئات عملة جديدة في مقبل الأيام القادمة
تفاصيل السياسات الجديدة للبنك المركزي مع المحافظ
تقرير – رقية ابو شوك
مع بداية كل عام جديد تترقب الأوساط الاقتصادية بالبلاد السياسة النقدية لبنك السودان المركزي، والتي تأتي متناسقة مع السياسة المالية لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي .. فسياسات بنك السودان تجئ هذه المرة في ظروف بالغة التعقيد والبلاد تعاني من شح السيولة وارتفاع معدلات التضخم وعدم استقرار سعر الصرف وغيرها من التحديات ذات العلاقة بتوفير الأوراق النقدية والعملات الأجنبية.
أمس (الثلاثاء) دعا بنك السودان المركزي لمؤتمر صحفي لمحافظ بنك السودان المركزي د. “محمد خير الزبير” ليعلن عبره سياسات بنك السودان المركزي ..
الثانية والنصف من ظهر أمس (الثلاثاء) كانت موعد المؤتمر الصحفي بوكالة السودان للإنباء، حيث جاء المحافظ في الموعد وبرفقته النائب الأول له “حسين يحيى جنقول”، بالإضافة إلى مدير السياسات والبحوث والإحصاء بالمركزي “معتصم عبد الله الفكي” ، فالسياسة التي تم الإعلان عنها سمحت بفتح التمويل العقاري ورفع الحظر عن تمويل التجارة المحلية والسماح الجزئي للسيارات لتشمل مركبات النقل وسيارات المغتربين فقط.
د. “محمد خير الزبير” بعد أن شكر الحضور من الصحافيين والإعلاميين والقنوات الفضائية وبعد أن هنأ الشعب السوداني بأعياد الاستقلال ، أعرب عن أمنياته بأن يكون العام 2019م عام خير وبركة على البلاد وأن تنعم بالاستقلال والاقتصاد المستقر والمزدهر، كما أشاد بالإعلام الاقتصادي، والصفحات الاقتصادية بالصحف، وقال (أنا متابع وقارئ لكل ما يكتب وما يطرح من آراء من خلال الرصد الذي اطلع عليه صباحاً).
التحديات الاقتصادية:
محافظ بنك السودان المركزي د. “الزبير” أكد أن أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد السوداني هي ارتفاع معدلات التضخم وعدم استقرار سعر الصرف، مؤكداً أن الزيادة في عرض النقود تؤدي إلى ارتفاع التضخم، مشيراً إلى أن الموازنة الجديدة هدفت الوصول بالتضخم إلى (27%) ،وحسب المحافظ فإن التضخم يتأثر أيضاً بالإنتاج، وأضاف (دا الأهم لأنه التحدي الحقيقي)، داعياً إلى ضرورة زيادة البترول وسلع الصادر، مشيراً إلى أن زيادة الإنتاج من شأنها أن تحارب التضخم ومن ثم استقرار سعر الصرف، لافتاً إلى أن آلية صناع السوق استطاعت في أول شهر لها أن تستقطب (260) مليون دولار وذلك من حصائل الصادر والمغتربين، إلا أن السوق الموازي ظهر مرة أخرى وأثر على عمل الآلية، مؤكداً ضرورة قفل هذه الثغرات، وقال إن هنالك ثغرات كثيرة بالجهاز المصرفي نعمل الآن على قفلها حتى ينجح عمل الآلية، وقال إن أي مصرف يمارس هذا العمل سيتم معاقبته، وأضاف (نحن ماشين في تعطيل كل المواسير التي تؤدي إلى السوق الموازي)، حتى يحدث الاستقرار في سعر الصرف.
وعن مشكلة السيولة التي تعاني منها البلاد حدد د. “محمد خير الزبير” أبريل القادم بأنه آخر موعد لحل المشكلة نهائياً حيث يتم ضخ أوراق نقدية بفئات أكبر، وقال (بعد أن قررنا وتحصلنا على موافقة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء القومي على طباعة الفئات الأكبر(100، و200 ، 500) جنيه، وأشار إلى أن منتصف يناير الجاري سيشهد ضخ فئة الـ(100) جنيه على أن تأتي بقية الفئات تباعاً ،وقال إن هذا الطرح سيحل المشكلة نهائيا بالإضافة إلى وسائل أخرى.
وأكد المحافظ أن السماح للتمويل العقاري خلال العام الجاري سيؤدي إلى إنعاش الحركة الاقتصادية خاصة وأن (أغلب) النشاط الاقتصادي عقاري ، مشيراً إلى أن تمويل السيارات سيكون فقط لسيارات النقل، وقال (ما تبقى من السيارات تم تأجيلها وسيتم فتح استيرادها في الوقت المناسب) ،وذلك في الوقت الذي أشاد فيه بمبادرة (إيداع) والتي توقع نجاحها مشيراً إلى مليار ونصف جنيه كانت عبارة عن استقطاب شهادة (بريق) لشراء الذهب فيما (تسلمنا) مبلغ (30) مليون دولار عائد الشحنة الأولى من تصدير بترول الجنوب ونتوقع الكثير، ونفى أن يكونوا قد تسلموا أي ودائع مصرفية إلا أنه توقع الحصول على ودائع مالية قريباً.
السياسة النقدية:
د. “الزبير” قدم خلال المؤتمر الصحفي، مدير السياسات والبحوث والإحصاء “معتصم عبد الله” الفكي ليستعرض السياسات، وقبل أن يدخل مدير السياسات في إعلانها، أشار إلى أن هذه السياسة انبثقت من الأداء الفعلي لما حدث خلال العام 2018م ، مؤكداً أن السودان من الدول التي تعاني من العجز والاختلالات الداخلية والخارجية ، مشيراً أيضاً إلى التحديات التي حدثت خلال العام 2018م والتي شملت ارتفاع الأسعار والتضخم والتذبذب في أسعار الصرف وشح الأوراق النقدية، وقال (كل هذا شكل أرضية لسياسة 2019م)، فالسياسات التي جاءت في (17) ورقة، والتي جاءت بتوقيع محافظ بنك السودان، سمحت بفتح التمويل العقاري وفق الضوابط المنظمة مع تحصيل نسبة (25%) كقسط أول عند التمويل بصيغة المرابحة ورفع الحظر على تمويل التجارة المحلية، وحظر تمويل المؤسسات والشركات الحكومية عبر المصارف، على أن يتم تمويلها عبر بنك السودان المركزي، وذلك بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الإنتاج ، السياسات هدفت على كبح جماح التضخم واستقرار سعر الصرف وتعزيز الثقة في الجهاز المصرفي من خلال توفير الأوراق النقدية التي تتناسب مع احتياجات الاقتصاد،والتوسع في تمويل القطاعات الإنتاجية وتعزيز دور القطاع الخاص، مع استهداف معدل نمو عرض النقود في حدود (35%)، وتفعيل عمليات السوق المفتوحة عبر بيع وشراء الصكوك الحكومية والصكوك المالية الأخرى ،وأمنت على استمرار آلية صناع السوق في إعلان سعر الصرف اليومي للجنية السوداني.
وشمل المحور الثالث في السياسات، الاستمرار في السماح بفتح فروع جديدة أو مكاتب صرف دون الرجوع لبنك السودان المركزي مع تبسيط إجراءات فتح الحسابات المصرفية ، وتوجيه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية ،ووجهت المصارف بحظر تقديم التمويل للحكومة الاتحادية والشركات والهيئات الحكومية وشركات صرافات النقد الأجنبي والتحاويل المالية، وشراء العملات الأجنبية، وشراء الأسهم والأوراق المالية، وسداد عمليات تمويلية قائمة أو متعثرة، والاتجار في رصيد الاتصالات واستخدامه، وشراء الأراضي، وشراء السيارات عدا ما تسمح به ضوابط وتوجيهات بنك السودان المركزي، وتجارة الذهب بكل أنواعها، واستخدام صيغ المضاربة المطلقة.
النائب الأول لمحافظ بنك السودان المركزي “حسين يحيى جنقول” تحدث عن مشكلة السيولة وكيفية معالجتها ، مشيراً إلى الطلب على الأوراق النقدية ، وقال إن عام 2014 تم ضخ سبعة مليارات و2015 أيضاً تم ضخ سبعة مليارات جنيه و2016م ارتفع الضخ إلى خمسة عشر ملياراً ثم إلى ثمانية وعشرين ملياراً خلال عام 2017م فيما شهد 2018م ضخ ثمانية وأربعين مليار جنيه. وقال برغم ضخ (48) مليار جنيه إلا أن هنالك مشكلة في السيولة الأمر الذي يؤكد أن السحب أكبر من الإيداع.