بكل الوضوح

فاجعة وصدمة رحيل شيخنا الكبير

عامر باشاب

{ يعيش الصحفي صاحياً ومستيقظاً على الدوام، ويموت الصحفي واقفاً في الميدان هذا واقع جسده الصحفي الكبير شيخ النقاد كبيرنا “ميرغني البكري” برحيله المفاجئ ليلة (الخميس)، الماضي حيث عاش آخر لحظات عمره في واحدة من ميادين العمل، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة كان يمارس عشقه الصحفي متابعاً لإحدى الفعاليات الإبداعية والليالي الثقافية.
{ هكذا عاش كبيرنا الراحل “ميرغني البكري” شيخ النقاد، كمدرسة صحفية تمشي على قدمين، منذ البدايات الأولى وحتى الرحيل المفاجئ، بدأ حياته صحفياً يلاحق الأخبار الرياضية، وعمل بوكالة السودان للأنباء (سونا) وأخيراً استقر به الحال في عالم الصحافة الفنية، ليكتب اسمه في سجل المؤسسين للصفحات الفنية ثم (الصحافة الفنية) صال وجال في الأوساط الإبداعية، يتابع الأخبار ويحاور النجوم، ويشهد ميلاد الأعمال الإبداعية مختلف أشكالها، ويوثق لمسيرة الكبار ويساند المواهب الناشئة هنا وهناك ويطلق الألقاب على أصحاب التميز والتفرد الإبداعي في جميع المجالات، وهكذا مضى “البكري” طيلة سنوات العطاء بهذا التميز المهني، إلى أن حصل على لقب (شيخ النقاد) وحفر اسمه بأحرف من نور في صفحات العظماء المخضرمين، وأصبح نموذجا بارزا للصحفي المحترم الذي ظل يمارس عمله بعيداً عن الأهواء الشخصية، مؤكدا التزامه المهني حتى في سن الكبر، وبهذا وبكثير غيره صار قامة في عالم الإعلام بل وأصبح أحد ذواكر تاريخ الفن السوداني .
{ كل هذه العظمة لم تخرج شيخ النقاد من ميادين التغطيات الصحفية ومتابعة وملاحقة الأحداث ودعم المواهب، وظل هكذا إلى آخر أنفاس روحه ومداد قلمه مثالا حيا للإعلامي الذي لا ينام ولا يغمض عينيه ولا يعرف الراحة والاستراحة حتى في أحلك وأصعب ظروفه الاجتماعية الخاصة، لم ينقطع عن الكتابة الصحفية أو حضور الفعاليات الإبداعية والتواصل مع الجميع في المناسبات الاجتماعية .
{ شيخنا “البكري” فاجأنا في آخر عام الأحزان بالرحيل، وعزاؤنا أنه ترك لنا سيرة ومسيرة صحفية كبيرة محشودة بالتميز المهني والتجارب والمواقف والحكايات الوثائقية والذكريات الجميلة والدروس والعبر، ونثر وسط الإعلاميين والفنانين المحبة والتوادد والتسامح والمرح .
{ حقا لن نجد معلماً ولا شيخاً مثله في الصحافة الفنية والإبداعية ولا أخاً كبيراً ولا صديقاً أفضل منه، ولن نصادف قلبا كقلبه الكبير وابتسامته الدائمة، ويستحيل أن ننسى شيخ النقاد لأنه كان جزءاً من نجاحنا في بلاط صاحبة الجلالة، وبالنسبة لي لا يمكن أن أنسى مساندته لي في بداياتي في كتابة الأخبار والتقارير الصحفية، وكان كلما يلتقيني في أي مكان يشجعني على المواصلة في كتابة (العمود الصحفي) وممارسة النقد والتحليل الصحفي بشكل متواصل .
{ نعم فقده كل السودان ولكن الصحافة الفنية والأوساط الإبداعية والثقافية الأكثر تأثيراً بهذا الفقد وهذه الفاجعة كونه عاش بينهم إنساناً استثنائياً وإعلامياً نادراً أحبه كل من تعرف عليه ويترك أثراً طيباً في نفس كل من التقى به حتى ولو للحظات عابرة.
{ من المؤسف حقا أن نفتقد أستاذاً محفزاً ومشجعاً في عالم الصحافة والإعلام، لكنها إرادة الله أن يأتي أجله بهذه السرعة ودون مقدمات يغيب عن دنيانا وعن ميادين العمل الصحافي ومسرح الإبداع، ولكن لابد أن نرضى بقضاء الله وقدره، وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجلاً .
{ وضوح حزين :
رحم الله فقيدنا أستاذنا العزيز الغالي (شيخ النقاد) وأسكنه فسيح جناته، ونقول لروحه الطيبة ستبقى ذكراك دائماً معنا ومثلما عشت بيننا ذاكرة للأمة سيظل اسمك “ميرغني البكري” رمزاً حاضراً في ذاكرة الوطن وذاكرة الزمن، وستظل باقياً في قلوب كل محبيك خاصة قبيلة الإعلاميين والمبدعين.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية