تقارير

برلماني: زيادة المرتبات في الموازنة لا تساوي تكلفة ترحيل المواصلات

البرلمان يجيز موازنة 2019م

وزير المالية الأسبق: الشركات والمؤسسات الحكومية تحتفظ بالنقد الأجنبي خارج الجهاز المصرفي

يوسف  بشير

لم يشذ البرلمان، عن دوره المرسوم له، بتمرير كل من ما يرده من الجهاز التنفيذي، ربما، لهذا لم يستغرب أحد لإجازته موازنة العام 2019م، بعد أن أدخل عليها تعديلات طفيفة، مجسداً المثل الشعبي (الحكة ولا صمة الخشم) في أوضح صورة. فقد اقتصرت تعديلاته على قطاعي الكهرباء والمنافع الاجتماعية، دون أن يضع حلاً للأزمة الاقتصادية الراهنة، التي أسفرت عن احتجاجات عمت كل مدن البلاد، لا تزال قائمة كأنه بذلك (يصب الزيت في النار). رفض البرلمان الإنصات إلى اقتراحات قُدمت من قبل النواب لتقليل الصرف على القطاع السيادي وقطاع الأمن والدفاع بعد أن رفضها رئيس مجلس الوزراء. الجلستان المنعقدتان، أمس، لتمرير الموازنة في مرحلة العرض الثالث والأخير، لم تضف شيئاً غير حفظ مداولات النواب، فتقرير اللجنة الطارئة صُودق عليه كما هو!
البرلمان – يوسف بشير
اللجنة الطارئة لدراسة مشروع موازنة 2019م، التي وقف على رأسها رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية “علي محمود”، لم تعدل في الموازنة، بحسب تقريرها عن الموازنة والقوانين المصاحبة لها في مرحلة العرض الثالث، لم تجر تعديلات جوهرية على الموازنة. فخصصت في قطاع توليد الكهرباء (5) ملايين لمشروع إنارة قرى النيل الأزرق ومبلغ شبيه لمشروع كهرباء البادية ومبلغ مثله لمشروع كهرباء ريف ولاية سنار. أيضاً خصصت (20) مليون جنيه لمشروع الخط الناقل لمياه (الخُوى – عيال بخيت)، و(5) ملايين جنيه لمركز التميز لمحصول الفول السوداني ومبلغ يساويه لمشروع دعم صندوق التعليم الوقفي على أن تخصم من بند المنافع، ومن ذات البند خصمت مليوني جنيه تُعتمد لمشروع المخابز الشعبية.
}إسقاط المقترح..
وقدم أعضاء من اللجنة الطارئة اقتراحاً يقضي بفرض ضرائب على استثمارات الزكاة وعلى الأوقاف، مما قاد لجدل فقهي كثيف داخل الجلسة، حيث طلب نواب كُثر نقاط نظام لشرح الأمر، الأمر الذي جعل رئيس البرلمان يعيد التصويت على الاقتراع ثلاث مرات، ليُسقط المقترح في التصويت عليه في آخر مرة. وأوضحت نائب رئيس البرلمان، “بدرية سليمان”، إن المادة (5) من دستور السودان الانتقالي لعام 2005م تعديل 2018م، تقول إن مصدر الحكم الشريعة الإسلامية، وإذ اقترن الأمر بالمادة (20) التي تؤكد على أن الزكاة شريعة، فإن المقترح يُعد مخالفاً للدستور، فضلاً عن أنه غير مؤصل. وطالب رئيس لجنة النقل “السماني الوسيلة” بعدم الاستثمار على أموال الزكاة وإنما تُوزع على مستحقيها. وشدد رئيس كتلة نواب المؤتمر الوطني “عبد الرحمن سعيد” بأن التصويت على هذا الأمر لا يجوز.
}إلغاء الإعفاءات..
رئيس مجلس الوزراء القومي، وزير المالية “معتز موسى”، رفض مقترحات قدمها نواب لتقليل الصرف على القطاع السيادي وقطاع الأمن والدفاع على أن توجه للتعليم والصحة، قائلاً إن الدولة يجب أن تستمر في الإنفاق على القطاعين، لا سيما وأن الصرف على قطاع الأمن والدفاع لا يمكن إسناده للقطاع الخاص، وأشار إلى أن الصرف على رئاسة الجمهورية ليس كبيراً، لأنها تشمل (6-7) مفوضيات وعدداً من المجالس والمراجع القومي، وقال إن الصرف ليس مجرد أرقام بلا أجر. وأعلن عن المضي قدماً في إلغاء جميع الإعفاءات الجمركية والضرائب على الشركات ، وقال بعد إجازة قانون التعديلات المتنوعة المصاحب للموازنة الشركات الحكومية غير معفية. وأبدى تفاؤلاً بأن تصبح حصائل الصادر العمود الفقري للاقتصاد، وسأل الله ألا يكون العام المقبل عام رمادة. وكشف عن عزمهم معالجة أربعة ملفات: النقود والقمح والوقود والدواء. وشدد على أن نتائج معالجة النقود ستظهر في يناير وستكون واضحة في بداية فبراير.
}ضعف الولاية..
أقر القيادي بالمؤتمر الوطني، “نافع علي نافع”، بوجود فجوة كبيرة في الموازنة، الأمر الذي سيؤثر على غلاء المعيشة وزيادة التضخم. وقال :هناك عدة مشكلات اقتصادية أثرت على الوضع الراهن، أبرزها اختلال الميزانين التجاري والمدفوعات، ودعا لمعالجة تلك الاختلالات، وشدد على عدم صرف أي مبلغ يمكن أن يؤثر على الميزان التجاري، وطالب بإسقاط جميع المقترحات التي تقدم بها النواب والاكتفاء بما ورد في الموازنة مهما كانت أهمية تلك الاقتراحات. ونادى بوحدة الموازنة وضرورة ولاية وزارة المالية على المال العام وتشديدها على مراقبة الهيئات والشركات الحكومية، واستغرب من إقامة بعض المؤسسات مشاريع تنموية مفسراً ذلك بضعف رقابة المالية على المال العام.
وقطع نائب رئيس حركة الإصلاح الآن، البرلماني “حسن رزق”، بعدم وجود رقابة على المال العام، وتساءل عن كيفية تصفير إيرادات قطاع الأمن والدفاع في وقت يمتلك فيه القطاع شركات استثمارية ومؤسسات معروفة للجميع، واتهم وزارة المالية بعدم قدرتها على ولاية المال فيما يتعلق بالجهاز السيادي ، وقال إن موازنة رئاسة الجمهورية الشهرية تبلغ (600) مليون جنيه، ونادى بخفض تلك الميزانية وتوجيهها للتعليم والصحة، وشدد على أن الوزارة أهملت تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، ووصف زيادة المرتبات بأنها لا تساوي تكلفة ترحيل المواصلات وقال: (الموظف يدفع ثمن الترحال ويجئ راجع خسران). وهاجم المالية وقال إنها تمارس (قبلية مهنية) من خلال العاملين بالوزارة، وأوضح أن موظفي الوزارة يصرفون أكثر من (50) مرتباً في العام. ووصف الميزانية بـ( الوردية) إن لم يكن هناك إنتاج حقيقي، وأضاف: بالرغم من قرار وزير المالية بمنع السفر الخارجي إلا أن هناك من يسافر بطائرة إلى المكسيك لتهنئة رئيسها بالفوز في الانتخابات في الوقت الذي كان يمكن أن يؤدي التهنئة أي سفير للبلاد في الدول القريبة لها.
}من يجيب على الاتهامات؟..
واتهم وزير المالية الأسبق، النائب “بدر الدين محمود”، البنك المركزي بعدم ولايته على النقد الأجنبي، مبيناً أن الشركات والمؤسسات الحكومية لا تزال تحتفظ بالنقد الأجنبي خارج الجهاز المصرفي ، وأشار إلى ضعف مساهمة الهيئات والشركات الحكومية في الإيرادات العامة، ودعا الحكومة لاستيراد السلع الاستهلاكية، ولفت إلى أنه في حال النجاح في ذلك يمكن أن توفر لها أموالاً طائلة، وطالب بالتحرك الخارجي لزيادة النقد الأجنبي. وطالب بعدم طرح فئات النقد الجديدة التي تعتزم الحكومة طرحها في شكل تغذية للبنوك، وإنما تقيّد بالاستبدال. وطالب بالتحسب لهروب الودائع من البنوك ويجب وضع تدابير لتبقى الودائع داخلها.
وحذر البرلماني، الفريق “خليل محمد الصادق”، من أن يجلس البرلمان بعد ثلاثة أشهر لتعديل موازنة 2019م، التي وصفها بـ(الكارثية). وشبه البرلماني عن الإصلاح الآن، “فتح الرحمن فضيل”، الموازنة بـ (البطانية الصغيرة) التي لا تستطيع أن تفي بكل الاحتياجات. وطالبت النائبة “عبلة مهدي” بتكوين مفوضية الفساد في ظرف ثلاثة أشهر حتى تتمكن الحكومة من محاربته، وأضافت: (ملينا من الحديث عن تكوين مفوضية الفساد).
وكشف البرلماني “ساتي سوركتي”، عن وجود حرب اقتصادية سرية، وقال إن بنك السودان المركزي لعب دوراً فيها ولم يُحاسب، إضافة للبنوك التي شدد على أنها فاقمت من الأوضاع، واتهم جهاز الأمن بالتقاعس عن مكافحة التهريب، وقطع بوجود علاقة مجهولة بين المحليات ووزارة التجارة بخصوص الرقابة على الأسواق، فكل جهة تتنصل عنها ، وطالب الوزارة بأداء دورها في الرقابة، وقال: (هذه البلاد إن لم نتصد لها ما بنمشي لقدام)، وشدد على وجود تقصير إجرائمي في الاقتصاد وتابع: (نتعامل مع الجرائم باعتبارها أخطاء)، ودعا رئيس مجلس الوزراء لعدم التعامل بحسن النية وطيبة السودانيين فيما يتعلق بتلك الجرائم.
وأرجع النائب “صالح صلوحة” الأزمة الاقتصادية إلى الابتلاءات، وقال إن الشعب قادر على تخطي هذه المرحلة الحرجة، وأضاف: (جزى الله المصائب عنا كل خير لأنها خلتنا نعمل خطوات تنظيم). واحتج على ضعف ميزانية أبيي.
وقال النائب “بابكر محمد توم”، إن الحكومة صنعت (القطط السمان)، وتفرض ضرائب غير مباشرة على من سماهم بالشرائح الضعيفة، في وقت لا تفرض ضرائب كبيرة على كبار التجار.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية