الوزارة الجديدة!!
} ثلاثة أسباب تجعل التغيير الوزاري المرتقب بمثابة فرض عين على القيادة السياسية في الأيام القادمة.. السبب الأول حالة الإحباط العام التي تفشت في أوساط (مشجعي) المؤتمر الوطني، بلغة كرة القدم، ومنسوبيه وقواعده بلغة السياسة، في الفترة الأخيرة حتى غدت مجالس الإسلاميين و(المؤتمرجية) تسيطر عليها نغمة النقد الشديد لأداء الحكومة، والسخرية أحياناً، وتمدّدت اللغة الناقدة إلى متنفذين في السلطة، حد وصف أحد الولاة حزبه بـ(المريض).. ولإنعاش الروح وبث الأمل في النفوس بات التغيير مطلوباً جداً.
السبب الثاني للتغيير، أن مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير وتداعياته أفرزت واقعاً في الساحة الداخلية، وقد حرر بعض قيادات الدولة شهادة خروجهم بإرادتهم ويكفي للتدليل على ما نقول ما ذهب إليه د. “غازي صلاح الدين” ومقاله (هذا بلاغ للناس).. ثم المحاولة الانقلابية التي وئدت وكانت تستهدف الإطاحة بالنظام والانقلاب عليه من داخل (حوشه)، وقد أفرز مناخ الانقلاب شائعات و(وشايات) وتحرشات، ومحاولات البعض تصفية حساباتهم مع إخوتهم، وخير دليل وشاهد إثبات على ما نقول تحرش حاكم نيالا بعضوية حزبه جهراً.
والسبب الثالث للتغيير والتعديل، يتمثل في (الثغرات) الحالية في جسد الحكومة بغياب بعض الوزراء أبدياً بالموت كوزير الإرشاد والأوقاف، وقد ظل مقعده شاغراً منذ عيد الفطر الماضي، وكذلك مقعد وزير الدولة بالشباب والرياضة، والإضراب عن العمل أو الاحتجاج الصامت لمساعد رئيس الجمهورية “جعفر الصادق الميرغني” الذي يجلس على منصب مهم ولكنه غاضب وزعلان وبعيد عن موقعه لفترة ليست بالقصيرة.
للأسباب الثلاثة، بات مطلوباً من الرئيس أن يبعث الأمل في النفوس، و(يتخذ) القرارات الصعبة، بتشكيل حكومة جديدة تغيب عنها وجوه ظلت في ساحة الفعل السياسي لمدة لا تقل عن (20) عاماً، حتى كأن الدولة والحزب والحركة الإسلامية قد تم اختزالها في هؤلاء المباركين لتنمو ثرواتهم، ويحظى أبناؤهم من أصلابهم بالمواقع والعطاءات والثروة والجاه، وبلغ الغرور ببعضهم وصف من ضحى وظل مسانداً للتوجه بـ(من أنتم؟).. حينما يطغى أبناء الوزراء و(يتفرعنون) على الشعب، واجب القيادة أن تحمي شعبها من طغيان ما صنعته السلطة المطلقة الممتدة لسنوات دون كابح أو رقيب.
} حتى يتنفس المؤتمر الوطني طبيعياً ويعيد لنفسه بريقه القديم ومواجهة استحقاقات الانتخابات القادمة، فإنه مطالب بمراجعة عميقة لمسيرته، وتجديد حقيقي لدمائه يبدأ بالكبار ولا يختزل فقط في اثنين أو ثلاثة من الصفوف (الخلفية)، مثلما حدث بعد الانتخابات والانفصال بميلاد حكومة جديدة اسماً وقديمة جوهراً.. والتغيير والمراجعة ينبغي أن ينفتح لها الذهن لتطال الحكم الاتحادي الذي بات يشكل عبئاً ثقيلاً بلا مردود سياسي، والتفكير بجدية في تغيير الدستور بآخر مؤقت ريثما تتفق القوى السياسية على دستور دائم، مع الأخذ في الحسبان النظر في إمكانية المزاوجة بين النظام الرئاسي الحالي والنظام البرلماني بتعيين رئيس لمجلس وزراء يرفع عن الرئيس عبئاً كبيراً حتى يؤدي البرلمان دوره في الرقابة والمحاسبة، وتتفرغ رئاسة الجمهورية لقضايا السيادة والأمن والعلاقات الخارجية، وتصبح الخدمات مسؤولية مجلس الوزراء.. ولنا في التجربة المصرية مثال يحتذى!!