أخبار

لا يا “بكري”

لا تذهب بعيداً فالخطاب هنا موجه “لبكري” آخر غير الفريق “بكري حسن صالح” النائب الأول لرئيس الجمهورية والذي لا يخاطب إلا بعد أن تسبق اسمه صفاته ومقامه الرفيع اجتماعياً قبل السياسة.. ولا المخاطب د. “بكري عثمان سعيد” المختفي من الساحة هذه الأيام مثل كثيرين لا تجدهم في المنابر ووسط الناس من قادة حزب المؤتمر الوطني.
ولكن المخاطب بلا .. صحافي كبير اسمه “بكرى المدني” كتب يوم (الجمعة) الماضي مقالاً عن الأسباب التي جعلت كردفان ودارفور تكف عن الدخول في لجنة الاحتجاجات أو التخاذل عن دعم ما يعتقد البعض أنه ثورة لاقتلاع النظام من جذوره!! و”بكري المدني” عميق التفكير ثاقب الرؤيا ليس شمالياً تقليدياً من الوسط النيلي غير المهتم بما يجري في أطراف السودان البعيدة، لكنه صحافي جاب أرض البلاد الواسعة ولم يكتف بقراءة الأحداث من (علاه الفوق)!!
نعم لم تخرج كردفان ودارفور احتجاجاً على تفاقم الأوضاع المعيشية لا تخاذلاً ولا بسبب رغد العيش ورفاهية الإنسان هناك ولكن ولايات دارفور وكردفان أخذت نصيبها من المعاناة . وارتفاع أسعار الخبز والمحروقات.. وتباع الرغيفة الواحدة بجنيهين في الأبيض وثلاثة جنيهات في زالنجي.. و70% من المواطنين يتناولون عصيدة الدخن بملاح اللوبا.. ولا نصيب لهم من القمح المدعوم .. وجالون البنزين بضعف سعره في الخرطوم وبالتالي المعاناة هناك قديمة.. السبب الثاني القوة السياسية التي (حركت) الشارع وساعدتها الحكومة بإخفاقاتها هي اليسار القديم واليسار الحديث.. ونعني بذلك حزب البعث والشيوعي واليسار الحديث حزب المؤتمر السوداني، وهؤلاء لاحظ لهم من النفوذ في ولايات كردفان ودارفور في الوقت الراهن رغم شعبية “إبراهيم الشيخ” في بادية حمر بغرب كردفان، ولكنها شعبية لها ارتباط بما قدمه “إبراهيم الشيخ” من خدمات.
ثالث الأسباب، التدابير التي اتخذتها بعض الولايات مثل الوالي “شريف عباد” في الفاشر، كبرى مدن دارفور.. جمع الأحزاب.. وخاطب عقول قادتها.. وأصدر قرارات بخفض سعر الرغيف على أن تتحمل حكومة الولاية لوحدها فارق السعر بين التجاري والمدعوم.. ووجود والي مثل “آدم الفكي” في نيالا.. ومصالحته لفرقائه داخل المؤتمر الوطني.. ذلك ما يتصل بدارفور.. ولن نغفل بالطبع دور قوات الدعم السريع في المدن.. وقدرتها على احتواء الأحداث… أما في كردفان فالنصف الجنوبي منها ونعني بذلك ولايتي جنوب وغرب كردفان يشعر المواطنون هناك بأن ما يجري من صدام بين السلطة والمعارضة معركة لا تعنيهم في شيء.. ويوم (الجمعة) أمس الأول كانت المصارعة في الميادين قد جذبت آلاف المتابعين ولم يأبه أبناء جبال النوبة لدعوات العصيان والخروج للشارع.. وفي كادقلي أحكم الجنرال “أحمد إبراهيم مفضل” قبضته القوية على الأوضاع، ونجحت الإدارة الأهلية للمسيرية في احتواء بوادر خروج للشارع في الفولة لحظة وصول “عثمان كبر” نائب رئيس الجمهورية .
الاستثناء الوحيد في الأبيض والرهد وأم روابة والأخيرة هي مسقط رأس نائب رئيس الحزب د. “فيصل حسن إبراهيم”، وغياب مولانا “أحمد هارون” عن الولاية كثيراً في الفترة الأخيرة هي من جعلت الأوضاع تتغير ويتنامى سخط البعض على الحكومة، أما بقية المدن فقد شهدت هدوءاً كاملاً.. وبالتالي خرجت ولايات الغرب من معمعة الاحتجاجات لأسبابها الخاصة وتركت لليسار أن يمرح في عطبرة ويغشى الخرطوم ولكن يعود الهدوء يوم أمس لكل السودان يا “بابكر المدني” “عفاك الله”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية