قبل انطلاقة (المارثون) .. الانتخابات التحالفات الممكنة والبعيدة بين الأحزاب
(الشيوعي) بعيدا عن اللعبة .. (الوطني) و(الشعبي) القارب وارد
تقرير ـ هبة محمود سعيد
مع اقتراب موعد انتخابات 2020م تشتد حمى المنافسة بين الأحزاب السياسية لخوض العملية الانتخابية، التي بدأت غمارها تحت قبة المجلس الوطني، خلال إجازة قانون الانتخابات الذي شهد جدلا واسعا، اختلفت حوله بعض القوى السياسية، فيما انسحبت أخرى. ومع اشتداد (المنافسة الانتخابية) دخلت بعض القوى السياسية ضمن تحالفات سياسية عريضة لخوض الانتخابات، ابرز هذه التحالفات، تحالف قوى 2020 الذي دشن نشاطه بـ(26) حزباً سياسياً توسع لاحقا، بقيادة “غازي صلاح الدين العتباني”.
في الوقت الذي يعد فيه تحالف 2020 نفسه لخوض الانتخابات، تلوح في الجانب الآخر مغازلة بين المؤتمرين (الوطني) و(الشعبي ) ظهرت جليا من خلال تنسيق المواقف في عدد من القضايا والموضوعات، بينما يبقى الاتحادي الأصل الصديق القديم على مقربة لاعتبارات القواسم (الإسلامية) المشتركة، لتجيء المفارقة الأكبر في دخول المهدي على الخط، وهو يبدي مرونة في المشاركة في العلمية السياسية والانتخابية، ولكن كيف ومع من؟ ليبقى السؤال حول إمكانية التحالفات الانتخابية المقبلة، سيما وأن ذاكرة الحركة السياسية في السودان تحتفظ بقيام عدد من هذه التحالفات في فترات سابقة، أبرزها التفاف المعارضة حول عدد من المرشحين للرئاسة في مواجهة، رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” خلال انتخابات العام 2010م.
تحالف 2020 يستبق ..
ابرز ما تحمله أهداف تنظيم أو تحالف 2020 بحسب تصريحات سابقة لـ”غازي” هو تحقيق السلام والتوافق الوطني، معلنا العزم على التحضير لخوض الانتخابات باعتبارها تحديا تتم مقابلته بالمبادرة والاقتحام بدلا عن الانتظار، وذكر أن القوى المكونة لهذا التحالف شاركت في عملية الحوار الوطني التي أطلقتها الحكومة في يناير من العام 2014، وبدأ نشاطه بمسمى (تحالف القوى الوطنية)، ولاحقا استبدل اسمه بـ(قوى المستقبل) وقبل أشهر قليلة أطلق على نفسه (قوى الاصطفاف الوطني) قبل أن يعود في الميلاد الرابع بتمثيل أوسع من السابق باسم (تحالف قوى 2020)، وأبرز المنضمين إلى التحالف هم (منبر السلام العادل ـ الوسط الإسلامي ـ أنا الشرق للعدالة والتنمية ـ حركة تحرير السودان ـ التغيير الديمقراطي ـ العدل والمساواة ـ حركة العدل والمساواة الديمقراطية ـ حركة العدل والمساواة والتنمية ـ حركة العدل والمساواة جناح الوحدة الوطني ـ حركة تحرير السودان القيادة العامة ـ الحركة الوطنية للتغييرـ جبهة شرق السودان ـ تيار الأمة الواحدة ـ الإرادة الحرة ـ اتحاد قوى الأمة ـ المؤتمر الديمقراطي لشرق السودان ـ الحركة الديمقراطية للسلام والتنمية وآخرين).
تحالف أيدلوجي ..
تحالف الأحزاب الإسلامية في المشهد الانتخابي الفترة المقبلة سؤال يطرح نفسه، حول إمكانية تكون تحالف عريض يضم الأحزاب العقدية، على رأسها الوطني والشعبي والأمة القومي والاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة مولانا “محمد عثمان الميرغني” وإمكانية تنفيذ المنظومة الخالفة المتجددة التي طرحها الراحل د.”حسن الترابي” التي تقوم على تذويب التيارات الإسلامية والأخرى ذات الخلفيات الإسلامية (بما في ذلك حزب المؤتمر الوطني)، في حزب واحد. وفيما يرى كثيرون أن الحزب (الوطني) و(الشعبي) هما الأقرب للتحالف لاعتبارات أن الأخير منشق من حزب المؤتمر الوطني.
في غضون ذلك يشوب موقف حزب الأمة القومي الغموض حول التحالفات الانتخابية استعدادا للفترة القادمة، سيما أن زعيمه الإمام “الصادق المهدي” ظل طيلة سنواته في العمل السياسي ممسكا العصا من النصف، تارة مع الحكومة، وأخرى ضدها، قبل أن يختار المشاركة في تحالف (قوى نداء السودان) المعارض الذي يضم بجانب حزبه الذي يمثل أكبر الأحزاب المدنية المعارضة، كل من حركة تحرير السودان “فصيل “مني اركو مناوي”، وحركة العدل والمساواة بقيادة “جبريل ابراهيم”، وقد ذكر المهدي في أحد تصريحاته السابقة أن قوى نداء السودان سوف تتحرك بالقوة الناعمة لتحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل في السودان.
الاتحادي الأصل مصير متأرجح ..
موقع الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل من التحالفات الانتخابية؟ سؤال عريض، فهو حزب عقدي تحت راية أكبر السجادات وهي السجادة الختمية ويشهد له دخوله في تحالفات ممرحلة مع الوطني، إلا أن الطقس داخل الحزب يصعب تفصيله فكل المواسم حاضرة، وبالرغم من ذلك يواجه الحزب حالة انقسام داخلي حول دخوله شراكة مع الحكومة، وأبان انتخابات العام 2015م دخل الحزب الاتحادي الأصل في خلافات وانقسامات داخلية حادة، عندما قرر نجل الميرغني “محمد الحسن” الدخول في الانتخابات الأمر الذي عارضه عدد كبير من قيادات الحزب المؤثرة، مما حدا أن يصف نجل الميرغني مناوئيه بـ”الدواعش” وقام بفصل أكثر من 40 قيادياً، ويقول القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الأستاذ “علي السيد”، في حديثه لـ(المجهر) أنهم معارضة قبلت خوض الانتخابات، وذكر أن الجميع يجب أن يخوض الانتخابات، حتى يجدوا أي مساحة للحرية يمارسوا خلالها عملهم.
يذكر أن المنظومة الخالفة تحمل مراجعات وتقييما كاملا لتجربة الإسلاميين في حكم السودان، فضلاً عن تجربة المؤتمرين الشعبي الذي يقوده، والوطني الحاكم بقيادة الرئيس البشير، سيما أن الورقة حددت أهدافها بخلق تحالف عريض في شكل حزب واسع وفي إطار شراكة سياسية جديدة تضم الإسلاميين بطوائفهم المختلفة، بمن فيهم ذوو الخلفيات الإسلامية كالسلفيين والتيارات الصوفية والأحزاب الطائفية، و أهمية الاستفادة من تجربة الإسلاميين، في ما يتصل بقضايا الحريات والتنوع، عبر التركيز على الإيجابيات وتطويرها وتلافي السلبيات بما يتناسب والتطور الطبيعي للحياة، حيث يقوم النظام الخالف على تذويب التيارات الإسلامية في حزب واحد، وهو بالتالي شراكة سياسية جديدة تضم الإسلاميين بطوائفهم المختلفة، بمن فيهم ذوو الخلفيات الإسلامية كالسلفيين والتيارات الصوفية والأحزاب الطائفية، وتقر المنومة أن يخلف الحزب الجديد الأحزاب الإسلامية القائمة، بما فيها المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني الذي رهنت حله بقيام الحزب الجديد في ظل نظام ديمقراطي.
على نقيض هذه التحالفات نجد ان هناك أحزاب حسمت موقفها من خوض العملية الانتخابية مثل تحالف قوى الإجماع الوطني الذي يرفض المشاركة فيها أو الجلوس في حوار مع النظام بشأنها، على رأسها الحزب الشيوعي السوداني الذي ظل يجدد موقفه الرافض للدخول مع النظام في حوار، ورفضه المشاركة في انتخابات لعام 2020، وبحسب “صديق يوسف” عضو اللجنة المركزية للحزب، فإن مسالة المشاركة في الانتخابات المخطط لها 2020 أثيرت في عدة منابر في الداخل والخارج، ولكن الحزب يرفض بشكل مبدئي المشاركة في انتخابات نتيجتها معروفة سلفا. وأوضح في تصريح سابق لراديو دبنقا أن الحزب حين قبل اتفاق نيفاشا 2005 وما ترتب عليه، كان يأمل في حدوث تحول ديمقراطي وحصول تغيير بالطرق الديمقراطية، لكن نظام المؤتمر الوطني استخدم الأغلبية الميكانيكية المتوفرة لها وقتها في سن قوانين معارضة للدستور من أجل تكريس قبضته على البلد. ولذا رفض الحزب المشاركة في انتخابات 2010 وانتخابات 2015 ويرفض المشاركة أيضاً في انتخابات 2020 لعدم توفر مناخ الحريات اللازم لخوضها بشكل نزيه وعادل.
وأضاف صديق يوسف أن سلطات الأمن منعت ندوة للحزب الأسبوع الماضي في حي الديم بدون إبداء أسباب، فكيف يتمكن الحزب من عمل دعاية انتخابية وكيف يخاطب قاعدته ومخاطبة الشرائح المختلفة من جماهير الشعب السوداني… وخلص إلى أن التجارب أثبتت أن النظام لا يتحمل أي معارضة أو رأي مغاير ولا فائدة من خوض انتخابات في مناخ تكميم الأفواه.
وأكد “صديق” رفضه وعدم مشاركته في محاولات الهبوط الناعم لنظام الإنقاذ التي تجري حاليا، وقال في حديثه لراديو دبنقا إن المجتمع الدولي يمارس ضغوطا مستمرة على القوى السياسة المعارضة والمناهضة لنظام الإنقاذ من أجل الجلوس مع النظام لإيجاد مخرج له والتوصل لنوع من الحلول. وأضاف أن الحزب لا مانع لديه في الجلوس مع المجتمع الدولي للتفاوض ولكن بشرط أن تتوفر الحريات في المقام الأول، وأن التفاوض سيكون من أجل تفكيك النظام الديكتاتوري الحاكم وإعمال مبدأ المحاسبة لكل من أجرم من رؤؤس النظام ومنتسبيه.
وأوضح “صديق يوسف” أن كل ذلك يجب أن يتم من خلال فترة انتقالية ذات برنامج متفق عليه، ويفضي إلى مؤتمر مائدة مستديرة لحل المشاكل التي تواجه البدل وتحديد صيغة الحكم، وشدد في حديثه على مبدأ المحاسبة، الذي لا يجب أن يفلت منه أحد.
ويرى مراقبون أن التحالفات المحتملة للقوى السياسية في انتخابات 2020 ستلقى مصير التحالفات السابقة من الفشل، سيما ان أسباب تعود لسببين أساسيين يندرجان في عدم وجود برنامج مشترك والذي يتحول لسياسات وقوانين في كافة المجالات وليس شعارات، بجانب غياب المؤسسية داخل التحالف والذي يمثل تحديًا كبيرًا، وبالتالي لابد من وجود رئيس لا ينفرد بإصدار القرارات ويتعاون مع المكتب التنفيذي. ويرى الباحث “حيدر طه” أن التحالفات يجب أن تكون مبنية دائما على ثلاث مرتكزات هي التقارب الفكري والعدو المشترك والظرف السياسي المتحول، مؤكدا أن تاريخ السودان شهد تحالفات كثيرة حتى قبل الاستقلال، حيث كانت هناك الحركة الاتحادية المتطلعة للوحدة مع مصر والقوى الاستقلالية التي كانت متقاربة مع بريطانيا، ويقول أن أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات من القرن الماضي شهدت ظهور قوى يمينية ويسارية جديدة هم (الشيوعيون الإخوان المسلمون) نتيجة ظهور الحرب الباردة مما أنتج تحالفات مختلفة، فيما يرى أن الصراع بين هذه القوى بدأ فكريا، ولكن مع تغير القضايا والتحولات صار هناك عدو مشترك متمثل في الأنظمة الدكتاتورية “وصارت التحالفات أكثر براجماتية، ويضرب مثلا على ذلك بمواجهة نظامي الرئيسين إبراهيم عبود وجعفر نميري، حيث تحالفت كل القوى ضدهما في نهاية الأمر.