حوارات

القيادي بالحزب الشيوعي المحامي “صالح محمود” في حوار الراهن مع (المجهر)

الذي أخرج الناس هو الضائقة المعيشية وليس الحزب الشيوعي ولكن ....

نحن ما معزولين بل موجودين مع قوى الإجماع وجماهير الشعب السوداني

الطامة الكبرى أن الدولة فرطت في الأمن الغذائي وسلمت قوت الشعب لسماسرة وتجار بعينهم

لثلاثين عاماً مضت ومنذ اندلاع ثورة الإنقاذ 89، والحزب الشيوعي السوداني، لا يرفع شعاراً له سوى إسقاط النظام الحاكم وضرورة رحيله، نائياً بنفسه عن أية طاولة للتفاوض تجمعه والحكومة، أو حتى مجرد عقد اتفاق سري معها كان أو معلن، في وقت لم توصد فيه الحكومة الباب أمام الحزب الشيوعي وغيره من الأحزاب والحركات الرافضة للحوار معها وجعلته مفتوحاً إلا لمن أبى.
ظل الحزب العجوز طوال سنوات الإنقاذ، متمسكاً بمبادئه ومواقفه دون زحزحة، قبل أن يدخل اليأس داخل الحكومة مؤخراً، التي صار قادتها يصوبون سهام النقد لحزب اليسار ويتهمونه، وقد اتهمت الحكومة مؤخراً الحزب الشيوعي بأنه وراء الأحداث التخريبية التي اندلعت في مدينة عطبرة الأسبوع الماضي وامتدت لمدن متفرقة من ولايات السودان.
(المجهر) جلست إلى القيادي بالحزب الأستاذ المحامي “صالح محمود” في حوار لا تنقصه الصراحة فكانت الحصيلة التالية:
حوار – هبة محمود سعيد
$ بدءاً أستاذ “صالح” ما تعليقكم على المظاهرات التي اندلعت في مناطق متفرقة شهدتها البلاد الأيام الماضية، في وقت توجه فيه أصابع الاتهام لكم؟
(دي حجة مكررة وفارغة وتبسيط وعدم اعتراف بالأزمة الاقتصادية الشائكة، ودي ذاتا ممكن تستفز مشاعر المواطنين، يعني كل الحكاية دي حثوا عليها الشيوعيين براهم؟! يعني الأزمة الاقتصادية موجهة للشيوعيين وما كل الناس بتعاني؟!) نحن نحرض الجماهير للتمسك بحقوقهم المشروعة ونقوم بتوعيتهم بالطرق السلمية في أنه لا بد من ذهاب هذه الحكومة (ودا موقفنا معلن ومعروف).
ما يحدث بالبلاد هو أزمة اقتصادية شاملة، عبر عنها هذا النهوض الجماهيري الذي انتظم معظم مدن السودان، وبالتأكيد السبب الرئيسي في تزايد هذا السخط ، هو فشل حكومة الإنقاذ في التعامل مع القضايا الوطنية الأساسية من بينها الحروب في مناطق دارفور والنيل الأزرق، والحرب بالطبع كانت ليها تداعيات كبيرة، أولها السقف المفتوح للصرف عليها ، الأمر الذي استنزف موارد البلاد دون محاكمة، فضلاً عن أن الحروب عطلت الإنتاج في المناطق التي اندلعت فيها، وملايين الناس تحولوا إلى أيدي غير عاملة، وتم تعطيل مؤسسات حكومية هامة ومشاريع زراعية مثل الجزيرة والرهد. أيضا حكومة الإنقاذ انتهجت سياسات الخضوع للبنك الدولي وخصخصة المشاريع المنتجة، صاحب كل ذلك الفساد المؤسسي الواسع النطاق، وسمحت لجماعات بالاستيلاء على موارد البلد، سواء كان بالنهب المباشر أو بالتهريب، والذي فاقم الإشكال هو ترهل جهاز الحكم للترضية والمحسوبية وخلق أحزاب موالية تصرف من موارد الشعب دون عائد، (يعني حكومات مترهلة في كل ولاية بطريقة غير معقولة)! أضف إلى ذلك استيلاء الحكومة على وسائل الإعلام (عشان ما تنقل ما يحدث، وآخر المطاف استولت على ودائع المواطنين في البنوك وأصبحت تصرفها لهم بطريقة مذلة بالصفوف، والطامة الكبرى انو الدولة فرطت في الأمن الغذائي للبلد وسلمت قوت الشعب لسماسرة وتجار بعينهم). الأمن الغذائي واحد من واجبات الدولة. الآن في جوع في البلد على نطاق واسع، (وحتى لو السلع متوفرة فالناس ما عندها القدرة الشرائية، أنا افتكر انو الحكومة تنتهك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بشكل واضح مخالفة بذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) ، ولذلك يا “هبة” الذي أخرج الناس هو الضائقة المعيشية وليس الحزب الشيوعي، ودا شيء متوقع ( الحكومة راهنت على قوى أجنبية وأعتقد انو ما في أي حل قادم ولا ينفع مع الحكومة أي محاولة للإصلاح ..والحل الوحيد للحفاظ على كرامة الشعب السوداني وكرامة البلاد هو ذهاب النظام) .
$ أنتم لستم بعيدين عن هذه الأزمة التي تشهدها البلاد، لماذا لم تقدموا أي حلول ومقترحات اقتصادية؟
ما ح نقدم أي حلول ومقترحات في ظل النظام دا لأنها لن تنجح (أي مقترحات في ظل وجود فساد وفاسدين في السلطة)، الحزب الشيوعي من حقه انو ما يخش أي مفاوضات مع الحكومة دي والحكومة دي تمشي، ودي رغبة الجماهير ودي قناعتنا.
$ الحكومة مؤخراً، بدأت تنتهج سياسات اقتصادية، ربما كانت بطيئة لكنها بحاجة للصبر، ما تعليقكم عليها؟
الفكرة خاطئة من الأساس، المؤتمر الوطني بكل سوءاته مُصر يستمر بعد(30) عاماً، يعدل الدستور لفترة رئاسية مفتوحة، ( الطلب القدموهو جماعة في المجلس الوطني لتعديل الدستور ومنح الرئيس فترة مفتوحة ترشيح، كان مستفزاً لمشاعر الشعب) ( 30 ) عاماً دايرين يجددوا ويخلو الحكم مفتوح) الوطني مُصر يكون هو في السلطة والآخرين تحت عباءته، ولن يقبل إنسان عاقل بهذه الإصلاحات، هذه الإصلاحات تعزز المؤتمر الوطني في سدة السلطة إلى ما لا نهاية، ودا مرفوض تماماً وأي إصلاح في غياب الشفافية والمحاسبة والفصل بين السلطات لا يمكن وهذه الأشياء عامل أساسي في تركيبة السلطة.

&ما الحل برأيك إذن؟
هذه الحكومة يجب أن تذهب، أي إصلاح في ظل الظروف دي لن يفضي إلى نتائج تعالج الأزمة.
$ لماذا دائماً ترفعون شعار رحيل النظام، دون محاولة منكم الدخول معه في أي نوع من أنواع الحوار ( الحوار الوطني على سبيل المثال)؟

مش الحزب الشيوعي وحده الذي يرفع هذا الشعار، قطاع واسع من جماهير الشعب السوداني يرى ذلك (هذه النتيجة التي توصل لها الناس، يعني حركة الجماهير الطلعت كلها وراها الحزب الشيوعي!؟ أنت في روحك بتجئ كيف وتأكلي كيف، هل دا حزب شيوعي)، الناس وصلت لي قناعة أنو الفساد وطريقة إدارة الدولة هي التي وصلت الناس إلى قناعة والناس جربوا، وهسة مفاوضات أديس أبابا فشلت لأنو ما في إرادة وحتى مخرجات الحوار الوطني كانت محرجة والناس راهنو على انو المخرجات دي ممكن تكون حل للأزمات الاقتصادية، لكن تنكر لها المؤتمر الوطني تماماً.
موقف الحزب الشيوعي ، أنا أعتقد انو صحيح من عدم المشاركة لأنها قراءة مسبقة، ومستندة على تجارب عديدة (ما ممكن الناس طوالي تمشي مع التجارب الفاشلة، لا يمكن أي إصلاح مع هذه الحكومة).

$ تعني أنكم توقعتم مآلات مخرجات الحوار الوطني، ولذلك رفضتهم الانضمام لركبه؟
دائماً نحن بنحلل ونشوف قدام، وكل الاستنتاجات التي توصلنا لها الأيام أكدتها، والظرف الراهن والنهوض الجماهيري يدل على عدم مقدرة الناس للتحمل.
$ ذكرت أن موقفكم حول ضرورة إسقاط النظام معلن ومعروف، لكن دعني أسألك أنتم تناضلون منذ (30) عاماً وهو عمر حكومة الإنقاذ، والنظام باقٍ في محله؟

ليس الشيوعيون لوحدهم سوف يخلعون هذا النظام، ولكن ما تنبأ به الشيوعيون اليوم هو الحاصل.( الناس مرقت تظاهر و30 سنة كفاية).

$ الأحزاب التي لها ثقل وكانت تشارككم سنوات النضال والمعارضة، الآن أصبحت حليفة النظام؟

(خلاص على كيفهم نحن بهمنا جماهير الشعب، والحزب الشيوعي ما براهو هو في قلب الجماهير وعندنا حلفاء مع الأحزاب).

& على ماذا تراهنون والشيوعية في بلدها انتهت؟

دا سؤال تعبان يا “هبة”، أنا جايي هسة من مؤتمر الأحزاب الشيوعية الذي انعقد قبل (3) أسابيع في أثينا..كان فيه (91) مندوباً من (72) دولة (الشيوعية لم تنته)..
$ كيف قرأتم الانتقادات التي وجهها لكم مساعد الرئيس دكتور “فيصل” مؤخراً؟

لا ديل خصوم سياسيين لما يشوفوا أي نجاحات، وأي رؤية ناجحة للحزب الشيوعي يفتعلوا أي حاجة، وقبل كدا افتعلوا حاجات كتيرة جداً. نحن ما بهمنا، نحن يهمنا موقفنا الصحيح السليم انو نحن ما أتلوثنا وما بقينا جزءاً من النظام الذي يذيق المواطن السوداني العذاب وتكميم الأفواه.. نحن ما جزء منها والناس الواقفة معاها خلاص خليهم يمشوا معاهم.
$ تسمي الدخول مع الحكومة في نقاش (تلوث)؟

اقتسام السلطة ماذا يعني!؟ إذا أنت خشيت عشان تقتسم السلطة على حساب الشعب السوداني يبقى تلوث..دي حكومة فائدة أصلاً.
$ ما هي آلياتكم لتوصيل صوتكم ، أنتم لا تريدون أن تكونوا جزءاً من التكتلات الحزبية والتحالفات، فكيف ستوصلون صوتكم؟

( يعني نحن لما ما نكون جزءاً من الأحزاب هل دا معناه أننا نعيش عزلة!! مشكلتنا شنو يعني؟!..نحن يشرفنا انو ما نكون تبع المؤتمر الوطني وأحزابه المتوالية.

$ ليست مشكلة بالطبع لكن ما هي الآلية التي توصلون بها صوتكم؟

من خلال الشارع السوداني ومنابرنا المستقلة وقوى الإجماع الوطني، التي نحن جزء منها.( الحزب الشيوعي ما براهو، الحزب الشيوعي لديه حلفاؤه).

$ تحالف قوى الإجماع الوطني لا يضم حالياً سوى الحزب الشيوعي، عقب خروج حزبي الشعبي والأمة، نحن القومي؟
نحن لا نقلل من حلفائنا الموجودين، نحن لدينا حلفاء معنا.

& لكنكم الأكثر ثقلاً؟

وين المشكلة..( يبدو أن حوارك يقوم على مبدأ أن الحزب الشيوعي معزول!!) (نحن ما معزولين، موجودين نحن مع قوى الإجماع ومع جماهير الشعب السوداني نحن مشينا في الاتجاه دا، اتجاه الناس الغلابة الماقادرة تمارس حياتها بصورة طبيعية. يبقى معزولين كيف؟
$لم أقصد العزلة يا أستاذ، ولكن أنتم تحدثتم عن قوى إجماع وطني، وأردت أن أشير إلى أنكم أكبر الأحزاب ؟
خلاص بس اكتبي الكلام دا (انو نحن مع الناس الغلابة الما قادرة تمارس حياتها بصورة طبيعية).

$أخيراً كيف قرأتم “عودة الصادق” للبلاد مجدداً؟

والله دا قرارو الشخصي نحن ما عندنا موقف معه، حزب مستقل مشى وجا راجع براهو..نحن ما عندنا تعليق.

$شكراً جزيلا لك أستاذ؟

شكراً ليك “هبة”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية