مسألة مستعجلة

مع رئيس الوزراء !!

حرص رئيس الوزراء القومي، وزير المالية “معتز موسى”، يوم أمس عقب إيداع مشروع الموازنة الجديدة للبرلمان على إطلاع الرأي على تفاصيلها والتفاكر مع أهل الأعلام بشأن ما حملته، وللحقيقة لم يكن المؤتمر الصحافي الذي عقده تقليداً بقدر ما كان نوعياً أفلح فيه الوزير في ربط أصل المشكل الاقتصادي وتعقيداته التراكمية مروراً بالاختلالات التي حدثت مؤخراً وتؤرق اليوم مضاجع المواطنين، مع الإشارة إلى أن ما نعيشه اليوم هو نتاج التراكم.
حاول “معتز” تجنب الأرقام والحديث عن المضامين الأساسية في الموازنة والتحديات التي تواجهها لاعتبارات أن الأرقام أودعها بين يدي نواب البرلمان، الإشارات الأساسية كانت واضحة بالنسبة لي وأكثر ما ميز الميزانية الجديدة رفع نسبة الصرف على التعليم إلى 9%) وهي نسبة كبيرة جداً، أيضاً من الأشياء الجيدة أن “معتز” قطع بأن لا رفع للدعم عن السلع سيما وأن مخاوف كبيرة كانت تنتاب المواطنين، ولكن المدهش في كل ذلك أن الرجل ممسك بحجم وتفاصيل الدورة الاقتصادية وكل المطبات التي تعانيها ويعيش بين الناس ويعرف كل صغيرة وكبيرة، وفي ذلك يدير حوارات مع أصحاب الشأن للمعالجات وما كان لمثل هذه الاجتهادات أن تظهر لولا لقاء المكاشفة الذي تم، والصحافيون يسألونه حتى عن ما يشاع عن وجود خلاف بينه ومدير جهاز الأمن وآخر عن تقديم استقالته.
بسلاسة وأفق واسع استطاع “معتز” أن يكون مقنعاً في ما طرحه وما أجاب عليه من استفسارات، ولم أتخيل أن الرجل يجول في السوق ويشتري ويفاصل في السعر كما أي مواطن وهو يحكي كيف أن الأسعار من سوبر ماركت وآخر تختلف، بأمزجة أصحابها، ولكن تظل سياسة التحرير، التي تضع حصانة غير منطقية من أن تكون هناك رقابة تحاسب كل من يتجاوز.
وما يحمد للرجل هو الإلمام بكل ما يصعب علينا توقعه من أحداث اقتصادية يومية يجلس فيها مع هذا وذاك ويزور ويقف ميدانياً، “معتز” بدا واثقاً من نفسه ورفض وصمه بالفشل من واقع الحال الذي استعصى على المعادلات الاقتصادية.
على أي أتمنى أن تكون مرحلة ما بعد إجازة هذه الميزانية هي عام أساس لرئيس الوزراء لنستفيد من رؤيته ومن خاصية انفتاحه، وهو يعترف بأن هناك شيئاً يفوق طاقة الذهن لما يحدث على أرض الواقع، ومع ذلك يقطع بالقول بأن المعالجة ليست بعصية إذ ما كانت هناك إرادة حقيقية.
ساعات ليست بالقصيرة أمضيناها أمس مع رئيس الوزراء في مؤتمر، وهو اللقاء الأول مع الصحافيين، مزيداً من مثل هذه اللقاءات شأنها أن تؤطر لمرحلة جديدة من تبادل الرأي والمقترحات ويقف الرأي العام من جهة على تفاصيل كواليس ما يدور في المعالجات.. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية