الخبير الاقتصادي والبرلماني د. “بابكر محمد توم” في حوار الموازنة لـ(المجهر)
نعم هنالك فتوى تقول: (حرام على البنك أن تضع قروشك به ويقول ليك ما عندي)!!
ما يجب التركز عليه في الموازنة تطمين القطاع الخاص بأن زيادة الإيرادات من الجمارك والضرائب لا تعني عبئاً إضافياً
من أسباب ارتفاع الدولار وانخفاض العُملة الوطنية أن الحكومة تقوم باستيراد الوقود من مواردها النقدية!!
(الدهابة) هم من اكتشف الذهب وليس بتوجيه من الدولة.. لذلك يستحقوا إعطاءهم حقهم بطريقة مجزية
حوار ـ رقية أبو شوك
موازنة العام 2019م التي ستتم مناقشتها اليوم (الثلاثاء) بمجلس الوزراء ليست موازنة كسابقاتها خاصة، لتحولها من موازنة البنود إلى موازنة البرامج والأداء بالإضافة إلى كونها تأتي في ظل ظروف اقتصادية بالغة التعقيد.. تأتي والبلاد تعاني مجموعة من الأزمات التي تؤثر على (معاش الناس)، بالرغم من العلاجات وتضميد الجراح إلا أن الوضع الاقتصادي لايزال (معقدا).. (المجهر) جلست مع الخبير الاقتصادي ورئيس اللجنة الاقتصادية الأسبق بالبرلمان د. “بابكر محمد توم” ووضعت أمامه الكثير من الأسئلة تصب جلها في مؤشرات الموازنة وتحدياتها بالإضافة إلى أسباب الأزمات وكيفية معالجتها.. فكانت هذه الإفادات..
* ونحن على أعتاب موازنة العام 2019م التي سيتم مناقشتها اليوم بمجلس الوزراء.. حدثنا عنها بعد أن تم عرض أهدافها وموجهاتها؟
نعم أهداف موازنة العام 2019م التي شملت تحسين معاش الناس والعمل على الاستقرار الاقتصادي من خلال خفض معدلات التضخم واستقرار سعر الصرف لتحقيق نمو مستقر مستدام وغيرها من الأهداف جاءت متوافقة مع أهداف البرنامج الخماسي الذي يكمل عامه الأخير في 2019م، فأنا لا أرى واحدة من هذه الأهداف جديدة بل هي نفس أهداف البرنامج الخماسي، وكذلك زيادة الإيرادات وخفض النفقات وزيادة معقولة في الضرائب والجمارك ودون أي ضرائب جديدة وتوجيه موارد الولايات باعتبار أنها جهات منتجة والتي تقررها لجنة مشتركة بين المجلس الوطني ومجلس الولايات، (لجنة قسمة الإيرادات)
فهذه تعتبر محمدة، فكما هو معلوم فإن كل الإنتاج في الولايات، وبالتالي افتكر أن كل هذه الأهداف جاءت كما أشرت منسجمة مع البرنامج الخماسي وإكمال لما جاء فيه.
*الموجهات لم تتحدث عن الدولار الجمركي والذي أدت زيادته في موازنة 2018م إلى ارتفاع معظم أسعار السلع ذات العلاقة بالاستيراد؟
بالطبع لم تتحدث عن الدولار الجمركي، تحدثت عن زيادة الإيرادات الجمركية بنسبة (46%) والضرائب بنسبة (50%)، اعتقد أن هذه الزيادة تعتبر زيادة معقولة، لأن ارتفاع السلع يجئ من خلال ارتفاع قيمة العُملات الحُرة مقابل الجنيه السوداني، فقد كنا نتمنى أن نسمع أكثر عن الاهتمام بالصادرات.. أيضا لاحظت في موجهاتها عدم وجود أي انخفاض كبير في الواردات، فالذي ذكر تقريباً الإبقاء على نفس أرقام حجم الواردات.
*الموازنة أكدت تحسين معاش الناس ومحاربة الفساد؟
معروف أن أي موازنة تأتي تتحدث عن تحسين معاش الناس ومحاربة الفساد.. فلابد هنا من وضع آليات خلال هذه الموازنة لتحسين معاش الناس، أنا اعتقد مهم جدا إذا نحن (قصدنا) تحسين معاش الناس، وذلك عن طريق زيادة في المرتبات.. فتحسين معاش الناس عن طريق زيادة الأجور خاصة وأن (20%) من أفراد المجتمع يعملون في الأجهزة الحكومية المختلفة، فمن المفترض أن تتم زيادة مرتبات العاملين في الدولة، ايضا لا بد من تحسين معاش الناس لغير العاملين في الدولة وتوفير فرص العمل.
*في رأيك هل زيادة الإيرادات المقترحة في الموازنة ستكون عبئاً على المواطن؟
أهم شيء يجب أن تركز عليه الموازنة، أن يكون هنالك تركيز على القطاع الخاص وتطمينه بأن مقترحات زيادة الإيرادات من الجمارك وزيادة الإيرادات من الضرائب لا تعني أي عبء إضافي على القطاع الخاص أو القطاع الإنتاجي، فإذا حدث ذلك فإنه من شأنه أن ينعكس سلبا، فبدل أن يتم التخفيف نزيد من العبء على الناس، الشيء الثاني كان يجب أن نقول: (إن القطاع الخاص متاح له (85%) من المشروعات التي تضعها الدولة).
*زيادة معدل النمو بنسبة (5.1%) مدفوعاً بزيادة بمساهمات القطاعات الإنتاجية وكذلك الصادر والاستثمار؟
الآن بحمد لله كل أنحاء السودان وبنسبة كبيرة أصبحت مستقرة، وهنالك حركة نقل كبيرة جدا من الخرطوم وأخرى قادمة من الولايات وسلع كثيرة في هذه الولايات أصبحت تأتي الخرطوم، وبالتالي فإن الولايات تحتاج لتشجيع عمليات الاستثمار، فالموازنة الجديدة يجب أن تركز على تشجيع الاستثمار، وتشجيع كبير جدا للاستثمار الوطني قبل الأجنبي باعتبار الحركة التي تدور بين الولايات.
*كيف تكون هنالك حركة وتجارة في ظل انعدام أو شح السيولة التي تشهدها البلاد؟
مشكلة السيولة بحاجة إلى معالجة، وكما ذكرت لابد من التركيز على الاستثمار والترحيب به، فإتاحة الفرصة للقطاع الخاص مطلوبة وأيضا التجارة العابرة، فطريق الإنقاذ الغربي عندما شيد كان بهدف تسهيل وصول السلع والبضائع للدول المغلقة في تشاد وأفريقيا الوسطى وتسهيل تجارة الحدود، فنحن محتاجين للتركيز هنا، فواحدة من أهداف هذه الموازنة ضرورة تشجع الاستثمار، خاصة وأن تشجيع الاستثمار يؤدي إلى زيادة الإنتاج، فإذا زاد الإنتاج فإن الأسعار ستنخفض.
* كيف تتم معالجة أزمة السيولة؟
البنك المركزي يحتاج لجهود كبيرة لإعادة ثقة المتعاملين، وأتمنى قبل نهاية العام أن تتوفر السيولة التي تفي باحتياجات المودعين في البنوك لإعادة الثقة تدريجياً.. حالياً هنالك كتلة ضخمة جدا خارج القطاع المصرفي، وقد لاحظ (الناس) حريق أم درمان ونيالا، فهذا الحريق قد أدى إلى أن يتخوف (الناس) ومن ثم أقبلوا على الإيداع بالبنوك، فلابد من أن تتضافر جهود البنك المركزي، وكل الجهات المعنية بنهاية العام الجاري وبعد ذلك يكون هنالك تحفيز (للناس)، لأنهم أصبحوا متخوفين بوضع (قروشهم) بالبنوك.. افتكر هذه العملية تحتاج لجهود كبيرة جدا وتحفيز أكتر وطمأنينة، وأيضا نحن بحاجة إلى توفير سيولة ضخمة تفي احتياجات الناس وبعدها تستقر العُملة.
* ونحن نتحدث عن المعالجة لأزمة السيولة.. ماهي أسبابها الحقيقية؟
الأسباب تتمثل في اتجاه البنك المركزي في فترة معينة في شراء الذهب، وفي عُملات كثيرة جاءت من الخارج منها تحويلات المغتربين، وأيضا الصادر، فكان يجب أن تقابلها طباعة نقود، وفي الفترة الأخيرة كثير من الناس قاموا بإرسال نقود أو حتى جاءت عن طريق (السوق الأسود).. فهي في النهاية نقود دخلت.. فتجارة العُملة أيضا أخذت نقوداً كثيرة جدا لعُملات سودانية، ففي دبي مثلاً شخص يشتري مليون دولار يدفع للشخص بالسوداني مثل الدولار الأمريكي فهو متداول في كل العالم أيضا العُملة السودانية أصبحت متداولة كالدولار تماماً في دبي والسعودية.
فالعُملة التي يتداولها السودانيون خارج السودان مثلاً إذا قدرت بـ(100) مليار، لابد أن أطبع (قصادها) (100) مليار، وطبعاً أنا متأكد أن البنك المركزي يعي ذلك وينبغي أن يكون لديه الإحاطة الفعلية بالحاجة الفعلية للعُملة السودانية، حتى يوفرها في المدى القريب لإعادة ثقة العملاء، وإلا سيكون في معاناة للقطاع الخاص الذي يحتاج لعُملات كبيرة.
* ثم ماذا؟
فعلى هيئة الرقابة الشرعية أن تفكر في إيجاد صيغة للحل (لأن في ناس تريد وضع قروشها في البنوك)، زي ما (البنات) يأجروا خزناً للذهب في طرف البنك (مفتاح عندك ومفتاح عندي) (زي الزول) لمن يمشي الفندق يضع قروش ويأخذ إيصال، ويسلم مفتاح والبنك مفتاح.. فلابد أن نبحث عن صيغ كهذه.. خاصة وأن هنالك تجاراً يقولوا لك (أنا عندي مليار عايز أضعها في البنك لكن عايزا بكرة)، إذا لم أجده أنا عايز تأجروا لي خزنة وادفع ليكم إيجار الخزنة وكل يوم أجي آخد مبلغي)، فهنالك صيغ تمكننا تدريجيا من إعادة الثقة لدى المواطن، (لأنو في ناس خافوا بعد الحريق دا يقول أنا ما داير أشيل قروشي في جيبي لكن أوديها البنك وبكرة ما القاها عملي يتعطل).. وأجدد بالقول: (على هيئة الرقابة الشرعية أن تخرج لنا بصيغ تحمل هذه المعالجات).. نعم هنالك فتوى تقول: (إنه حرام على البنك أن تضع قروشك به، ويقول ليك ما عندي، طيب الحلال شنو؟).. الحلال أنه البنك إذا عنده يعطيك وإذا ما عنده يعمل ليك شنو؟ فلابد إذا من التفكير في صيغ للمعالجة، فالمسائل هذه تحتاج ابتكارات لمعالجة هذه الموضوعات العارضة.
*هل ابتكار المعالجات تؤدي إلى إعادة الثقة؟
إعادة الثقة مهمة جدا، وكذا الانتشار المصرفي، التفكير والابتكار لصيغ جديدة مرضية للقطاع الخاص مهمة جداً، فالموسم الزراعي الحالي يبشر بإنتاج وفير وبالتالي فإن عائد الصادر سيكون كبيرا جدا، فلجنة صناع السوق قائمة بمسؤولية كبيرة جدا لكنها تحتاج بأن (تقوم) ببحوث وتنبؤات حتى تحقق أهدافها ومن ثم لا يتم تجاوزها، نتمنى أن نصل لمرحلة تسهل من خلال عمل الصرافات والتوسع فيها وصيغ أخرى يخترعها بنك السودان حتى تتم في المستقبل القريب سياسة تبادل العُملات كالدول الأخرى.
*وماذا عن السياسات المالية والنقدية؟
لابد من الاهتمام والتنسيق بين السياسات النقدية والمالية، لأن التنسيق بينهما يؤدي إلى تعزيز السياسات النقدية، فلا توجد مواكبة حقيقية من ناحية القطاع النقدي خاصة الحديث عن الإحاطة بالذهب والذي يعني هنا نقص القادرين على التمام، عندنا ذهب كثير جدا لكننا غير قادرين على السيطرة عليه، فلابد للموازنة القادمة أن تركز على ذلك، ويجب أن ندعم الـ(46%) التي ذكرتها الموازنة كزيادة في الإيرادات، وليس بالضرورة أن أزيد الإيرادات في الجمارك، لكن يجب أن أعمل إحاطة بالذهب، أترك ناس الجمارك كلهم يعملوا في الحدود وفي مكافحة تهريب الذهب ومكافحة تهريب السلع الأخرى.. فهذا بالطبع يعتبر جزءا من تخفيف معاناة الناس خاصة وأن هنالك سلع كثيرة مدعومة (تطلع) برة.
إنتاجنا من البترول تدنى وهناك أزمة في الوقود.. تظهر ثم تختفي ثم تظهر مرة أخرى؟
نعم الموازنة تحدثت عن إدارة البترول والمنتج ودا كان واحد من إفادات الموازنات السابقة، فحجم البراميل المقترحة (ما قاعدة) تتم، تتم بنسبة (60%) و(70%) يعني يقولوا (أكثر من (100) ألف برميل في اليوم ينتجوا فقط (80) ألف برميل، فهذه تحتاج توفير المناخ المناسب للشركات المستثمرة في النفط.. فالنفط المنتج ليس كله إنتاج محلي فهنالك شركات أجنبية تشارك في الإنتاج.. فلابد من توفير المناخ المناسب لإنتاج النفط، فمنذ أن حدث الانفصال، وإذا رجعنا إلى (5) موازنات للوراء نقول تسريع برنامج الإنتاج، لكننا لم نحققه، وهذا يعتبر تحديا فلابد من أن نوفر المناخ المناسب لهذا القطاع، لأن هذا القطاع هو الذي يساعد في تحسين معاش الناس.
فالندرة في الوقود تسببت في ارتفاع الأسعار لأن السلع مرتبطة بالنقل والنقل مرتبط بتوفير معينات النقل (الجازولين).
* إذاً ماهو الحل؟
زيادة الإنتاج، ثم الوصول إلى صيغ مستقرة ومؤجلة بتسهيلات في عملية توفير الوقود، فواحد من أسباب ارتفاع الدولار وانخفاض العُملة الوطنية أن استيراد الوقود تقوم به الحكومة من مواردها النقدية (الكاش) وهذا يعتبر عبئا على الدولة.. يجب أن تسعى إلى توفير صيغ مستقرة تعمل على وفرة الوقود، فتوفير الوقود واحد من أسباب تحسين معاش الناس، فمعاش الناس ليس في الأكل والشراب وإنما في إزالة المعاناة في ركوب الدفار واللواري حتى (يصلوا) مع صعوبة المواصلات الداخلية، أيضا ندرة الوقود أثرت في نقل السلع المختلفة كما نخشى أن تؤثر على تنافس سلعنا في الخارج، ايضا لابد من التركيز على توفير الطاقة وتنفيذ كل المخطط من مشروعات والوصول إلى صيغ توفر الوقود بشكل مستمر ومستدام بتسهيلات آجلة، هذه تؤثر في: تقليل الطلب على الدولار، وثانيا توفير الوقود يخفف معاناة الناس في حركتهم وأكلهم وشرابهم، ويخفض من تكلفة السلع المصدرة على أساس أنها تنافس وتنخفض أيضا تكلفة السلع المستوردة وبالتالي هذا واحد من أساسيات خفض المعاناة عن الناس، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بالتعاونيات، ولنبدأ بالتعاونيات في مكان العمل خاصة وأنها صيغة عالمية، وتطوير صيغ إجراءات التمويل الأصغر، فالتمويل الأصغر موجود في البنوك لكن هنالك شكوى بأن إجراءاته مقعدة خاصة في الريف.. الآن جاءت مرحلة أن يعطوك التصديق و(قروش) مافي، هذه المسائل وندرة السيولة بالبنوك تمثل تحديات لنا.. فلابد من تسهيل إجراءات التمويل الأصغر وتوفير الوقود بشكل كافٍ لتسهيل حركة الصادر المنافس.
*هذا الحديث ينطبق على الخبز؟
الخبز نفس الشيء، فلابد من اتخاذ تدابير، وأن نوفق علاقتنا مع المؤسسات العالمية المالية، (زمان كنا نقول تطبيع.. الآن نحنا دايرين تطبيع وتسهيل لمعاملاتنا)، كل دول العالم نادرا ما تشتري الوقود والقمح والسكر كاش دي كلها محتاجة لتسهيلات، فالعقوبات الأمريكية حقيقة ما زالت آثارها ممتدة، فالصناديق لا تتعامل المعاملة الكافية، بل كثير من البنوك والمؤسسات ما زالت معاملاتها قاصرة في تقديم الخدمات، هذه واحدة من التحديات، فلابد من السير في اتجاه تسهيل الإجراءات التي تمكن من الحصول على تسهيلات مالية لاستيراد السلع المهمة.
*موازنة البرامج بنيت على المشروعات والأولويات؟
موازنة البرامج هي في الأصل موازنة مشروعات، وبالتالي المشروعات لابد أن تنطبق أولوياتها مع أولوية الاقتصاد، بمعنى مشروعات البنية الأساسية كالطاقة والطرق والأمن الغذائي ومشروعات الصناعة للصادر لأن هذه تعتبر واحدة من أهداف موازنة البرامج، فلابد أن يكون هدفها زيادة المشروعات الصناعية وأن تكون برامجها ومشروعاتها موجهة للأهداف المتفق عليها والتي هي زيادة الإنتاج في القطاعات ذات الأولوية كالزراعة والثروة الحيوانية، ثانيا زيادة الصادرات الصناعية وهذه لا تتم إلا إذا توفرت الكهرباء والطرق، ومن ثم توفير الوقود والطاقة، فالسلع كلها محلية إذا أردت ترحلها من هنا إلى هنا فإنها تكلفك، وهنا لابد من تطوير السكة حديد والنقل النهري، خاصة نحن نمتلك سلعا كثيرة جدا، فبدل ما نقول قطار ركاب لمدني وعطبرة هذا ليس نقل، موضوعنا الأساسي هو نقل السلع فهذا الموسم حظي بإنتاج ممتاز، السكة حديد والنقل النهري مهم حتى على الحدود، فعندما نتحدث عن توسيع تجارتنا مع دول جنوب السودان فلابد أن نؤهل النقل النهري وهذه هي الموضوعات التي تحقق الأهداف من خلال تطبيق مشروعات ذات أولوية.
* إذاً في رأيك ماهي التحديات التي تواجه الموازنة؟
والآن تقريبا كل الآثار المتوقعة قد درست، وتقريباً في تحليل لآثارها (يعني) ما (زي) المرة (الفاتت) الموازنة جاءت بهجمة وتم رفع الدولار الجمركي، أنا افتكر كانت محتاجة لمراجعة، أتمنى أن يكون قد تم تقييم آثار موازنة 2018م، ونتمنى أن تجد موازنة العام 2019م حظها من النقاش والتصويب إذا كانت هنالك أي ملاحظات عليها لأن البرلمان له الحق في قراءتها وإجراء ما يراه مناسبا من ملاحظات، فالكل يترقب هذه الموازنة خاصة وأن السيد رئيس الوزراء، اعتبر فترة عام 2019م عام تحدٍ وبه الكثير من الرؤى الجديدة، فالأهداف والسمات العامة لموازنة 2019م كأهداف وسمات عامة تتناسب مع الواقع الذي نعيشه.
أيضا لابد من تحديد المشروعات ذات الأولوية، وتوفير المناخ المناسب الذي يحقق أهداف هذه الإيرادات حتى لا يكون هنالك عجزا كبيرا في الموازنة، هذا مهم جدا لأن الموازنة السابقة بها عجز (4%)، لابد كذلك من السيطرة على الإنفاق في حدود المصدق، حتى لا يكون هنالك صرف خارج الموازنة، الشيء الآخر فعجز الميزان الخارجي ما زال موجودا رغم انخفاضه بدلا من (4)، انخفض إلى أكثر من (1) وهذه محمدة، وبالتالي لابد من المحافظة على تضييق فجوة العجز في الميزان الخارجي، وتقليل هذا العجز بزيادة الصادرات، فالصادرات ليس في الميناء إنما مشتتة في الخلاء فلابد من توفير الوقود لنقل البضائع وتوفير السيولة الكافية التي تدفع بالصادرات.
وماذا عن الذهب باعتباره ثروة قومية؟
الدهابة جزاهم الله خير (قاموا) بعمل كبير وهم من اكتشف الذهب، فالذهب لم يأتِ بتوجيه من الدولة، فيستحقوا منا أن نعطيهم حقهم بطريقة مجزية، ونصل إليهم وما ننتظرهم في عمارة الذهب ونقول: (الناس تجيب الذهب)، فالشركات التي لديها امتياز لابد أن تلتزم بالقوانين لأن هذه اتفاقيات يجب أن نرعاها، ولابد من المؤسسات أن تصل إليهم وأن تعطيهم الأسعار المجزية التي تماثل أسعار دبي أو أفضل منها حتى لا يبيعوا للمهربين، أيضا لابد من الجمارك أن تقوم بدور كبير في ضبط الموانئ والحدود، نحن نحتاج إلى جهاز متخصص في حماية وإحاطة الذهب السوداني في حدوده الغربية والشمالية والجنوبية خاصة وإنه مصدر كبير لو استطعنا الإحاطة الكافية به.
* وأخيراً؟
ادعو الجميع للتفاؤل، خاصة وإن هنالك جهودا كبيرة جدا مبذولة لإصلاح الشأن الاقتصادي، وأتمنى أن تتوسع دائرة المشاركة في الإصلاح خاصة من القطاع الخاص، فهو المتعامل الحقيقي في المسائل الاقتصادية ويفهم خباياها، وأتمنى حتى في الموازنة أن يستعينوا بقطاعات المنتجين المزارعين وأصحاب العمل والرعاة ومنظمات المجتمع المدني، فالموازنة هي ليست موازنة الحكومة وإنما موازنة الكل، وهي ليست أرقاماً فقط وإنما السياسات العامة المصاحبة لها، وبالتالي يجب أن نستمع للذين يمارسون العمل الاقتصادي الحقيقي، فالمالية وبنك السودان والبرلمان هم من يخططوا ويضعوا السياسات، ولكن ينفذها التاجر والمزارع والراعي، لذا لابد من مشاركتهم والاستماع لهم والاستعانة برأيهم حتى يتعرفوا على كل صغيرة وكبيرة في القطاع الاقتصادي .